حقائق تخشاها مصر بعد حجز إثيوبيا 74 مليار متر مكعب من النيل
سد النهضة الإثيوبي .. شراكة في المياه أم قرع طبول الحرب؟
كان ملف سد النهضة الأبرز خلال الأعوام الأخيرة على طاولة البحث في الأخطار التي تتعدى حدود تهديد الأمن المائي المصري وبلغ التوتر بين القاهرة وأديس أبابا حدا لم يتورع فيه عن التلويح بقرع طبول الحرب التي لا يرد ذكرها أو التلويح بها فقط في ما يخص السد ولكن أيضا في ما يتعلق بحصة مصر من مياه النيل وهو ملف قائم بذاته بصرف النظر عن وجود سد النهضة من عدمه. نهر النيل هو شريان الحياة لمصر التي تعتمد عليه كمصدر للمياه بنسبة 98 بالمئة فيما لا يتخطى اعتماد إثيوبيا عليه نسبة 1 بالمائة، وبحسب الخبراء فإن عدد سكان مصر في العام 2025 سوف يصل الى 120 مليون نسمة وهذه الزيادة سوف تترتب عليها زيادة الطلب على الماء حيث ستحتاج مصر الى 86 مليار متر مكعب من المياه أي ما يزيد عن حصتها الحالية بنحو 30 مليار مترمكعب وفي حال لم تتوفر هذه الزيادة فسوف تنشب حرب حتمية.
رويداً رويداً تمضي إثيوبيا قدماً في بناء سد النهضة على منابع النيل على الرغم من معارضة مصر التي تتخوف من تآكل نصيبها التاريخي في مياه النهر. فعندما أعلنت إثيوبيا أنها بدأت تنفيذ مشروع سد النهضة الإثيوبي كسد عملاق يحجز أربعة وسبعين مليار متر مكعب من مياه النيل الأزرق ويولد ستة آلاف ميجاواط من التيار الكهربائي من دون سابق تفاهم مع دولتي الحوض الأخريين - السودان ومصر - كان رد الفعل المصري الرافض للمشروع سريعاً وغاضباً ورافضاً ومهدّداً بمواجهة حاسمة بينما أيد السودان إثيوبيا واعتبر أن السد سيحقق له مصالح وفوائد مائية وإمدادا كهربائيا، حدث ذلك كله وسط مخاوف حقيقية من تصاعد الصراع بين مصر وإثيوبيا لمواجهة تقود إلى حرب مياه. ولكن منذ ذلك الوقت حدثت تغييرات سياسية عديدة في مصر، وبعد أن تولى محمد السيسي الحكم سعى إلى حل الأزمة من منظور جديد يقوم على التعاون والتنسيق لاستغلال مياه النيل لمصلحة كل دول الحوض ما أدى إلى نزع فتيل الأزمة رغم أن المخاوف ما زالت قائمة حول الآثار الجانبية لهذا السد وأثره المباشر على كمية المياه التي تصل مصر، ومصر ليست في موقف يسمح لها بقبول أي انخفاض في حصيلة النهر تهدّد أمنها الغذائي بل ووجودها، ووصل مشروع التعاون بين دول الحوض إلى ذروته عندما وقعت الدول الثلاث إعلان المبادئ الذي يكرس لحل المشاكل بين دول الجوار عبر الحوار والتعاون وهو مشروع رعاه رؤساء تلك الدول.
وكان عباس شراكي، رئيس قسم الموارد الطبيعية في معهد البحوث والدراسات الأفريقية في جامعة القاهرة، قد تمكّن من كشف حقيقة التخزين غير الفعلي للمياه في سد النهضة.
وقال شراكي: إن إثيوبيا أوشكت على استكمال بناء الجزء الأوسط من سد النهضة خلال نهاية أيلول/ سبتمبر الماضي، نظرًا لانتهاء موسم الأمطار وقلة تدفق المياه أمام السد بحسب صورة الأقمار الصناعية التي تم التقاطها وكشفت عن حقيقة التخزين غير الفعلي أمام السد".
وأوضح "شراكي"، أن المخزون أمام السد ما هو إلا كميات مياه محتجزة لكثرة مياه الأمطار وعدم قدرة السد على تمرير المياه الوافدة، مشيرًا إلى أن المياه ما زالت تتدفق من أعلى الجزء الأوسط للسد وليست بنفس معدل الشهرين الماضيين، مضيفًا أن التوقعات تفيد بأن الأمطار الغزيرة انتهت مع نهاية أيلول/ سبتمبر الماضي وفي هذه الحال المياه لا تمر من أعلى الجزء الأوسط وتمر فقط من الممرات الأربعة في الجزء الأيسر لجسم السد، ما يعني أن السد غير قادر على تمرير مياه الفيضان ولكن باستطاعته تمرير كميات قليلة من المياه الوافدة من بحيرة تانا.
وأشار إلى أن الجزء المخزّن من المياه يتناقص والجزء الأعلى يبدأ بالترشيح و إثيوبيا تستكمل بناء الجزء الخرساني من الجزء الأوسط لجسم السد ليصل إلى ارتفاع 145 مترًا ليتكامل مع حوافه، وبالتالي تستطيع إثيوبيا حجز المياه لارتفاع يصل لـ100 متر بكمية تصل من 10 إلى 14 مليار متر مكعب وهذا يمثل التخزين الحقيقي.
وأضاف خبير الموارد المائية، أن إثيوبيا عليها احترام المفاوضات مع مصر وألا تبدأ في التشغيل إلا بعد التوصل إلى آلية للتعاون في الملء الأول والتخزين، وفي هذه الحال تصبح إثيوبيا أمام خيارين لا ثالث لهما، وأن تقوم باستكمال الجزء الأوسط وتقوم بعمل فتحات تسمح بتشغيل توربينين على مستوى منخفض وبالتالي ستدخل في صدام مع مصر مقابل أن تحقق استفادة قليلة.
والاحتمال الآخر، هو أن تستكمل إثيوبيا بناء السد وتنتظر التخزين في الصيف المقبل للتشغيل إلى حين التوصل لمفاوضات وآلية للملء الأول والتخزين، لتتجنب إثيوبيا دخولها في صدام مع مصر، منوهًا بأن هناك دعوة من الجانب الإثيوبي لوزير الخارجية المصري سامح شكري ربما تتوصل إلى نتائج إيجابية خلال الفترات المقبلة.
8 حقائق؟
عرفت مصر منذ القدم بأنها هبة النيل فقد ارتبط وجودها بهذا النهر الذي يمدها بشريط طويل من التربة الخصبة الممتدة عبر الصحراء.
وذكرت صحيفة التلغراف البريطانية مؤخرا أن أثيوبيا تضع اللمسات النهائية على مشروع سد النهضة الذي تقيمه على النيل الأزرق.
وتخشى مصر من تأثيره على إمداداتها من المياه الأمر الذي قد يؤدي إلى موت جزء من أراضيها الزراعية الخصبة ويضغط على عدد سكانها الكبير، والذي أشارت الإحصاءات مؤخرا إلى أن عددهم وصل إلى 104 ملايين نسمة.
فما هو هذا السد الذي يثير تلك المخاوف في مصر؟
فهل يجف نهر النيل في مصر بسبب سد النهضة؟ وهل يفرض السد واقعا جديدا على مصر؟
في ما يلي ثماني حقائق عن سد النهضة الأثيوبي أو سد الألفية الكبير:
1- البداية: منذ فترة طويلة وأثيوبيا تسعى إلى بناء سد يوفر لشعبها الاحتياجات المائية ولكنها لم تقدم فعليا على هذه الخطوة إلا مؤخرا حيث بدأت في بناء السد عام 2011.
2- الموقع: يقع السد في منطقة بينيشانغول، وهي أرض شاسعة جافة على الحدود السودانية تبعد 900 كيلو متر شمال غربي العاصمة أديس أبابا.
3- الامتداد: وقد رصدت الحكومة الأثيوبية مساحة واسعة من الأراضي لبناء هذا السد حيث يمتد المشروع على مساحة تبلغ 1800 كيلو متر مربع
4- الأكبر في أفريقيا: ويبلغ ارتفاع سد النهضة 170 مترًا ليصبح بذلك أكبر سد للطاقة الكهرومائية في أفريقيا.
5- الكلفة: ويكلف المشروع نحو 4.7 مليارات دولار مولت أغلبه الحكومة الإثيوبية فضلا عن بعض الجهات الإقليمية والدولية.
6- السعة التخزينية: وتصل السعة التخزينية للسد إلـى 74 مليار متر مكعب، وهي مساوية تقريبا لحصتي مصر و السودان السنوية من مياه النيل.
7- وتيرة العمل: يعمل نحو 8500 شخص في هذا المشروع على مدار 24 ساعة يوميًا.
8- توليد الكهرباء: ولهذا السد القدرة على توليد نحو ستة آلاف ميجاواط من الطاقة الكهربائية، وهو ما يعادل ثلاثة اضعاف الطاقة الكهربائية المولدة من المحطة الكهرومائية لسد أسوان المصري.