عين ترامب على نفط العراق!؟
قبل وصوله إلى البيت الأبيض، كشف الرئيس الأميركي دونالد ترامب رؤيته لمختلف القضايا التي تؤكد ظواهر الهيمنة الأميركية على العالم، ولعلنا هنا سنشير إلى ما ينتظر العراق الذي وضع ترامب نفطه في عين العاصفة..
لا أحد، ومنذ جورج واشنطن وحتى باراك اوباما، واكبته مثل هذه الضوضاء التي يحدثها ترامب، الذي سيجعل العالم يعيش "مسرح اللامعقول" الذي صممه المبدع "صمويل بيكيت". فهو يؤكد أن العراق لديه ثانِي أكبر حقول نفط فى العالم بقيمة 15 ترليون دولار، قائلا: "الجيش العراقي تمت إبادته ولديهم جيش ضعيف وأنه مجتمع فاسد ولو عاد الأمر لي فسأخذ النفط منهم".. وأضاف "لا يوجد عراقيون.. كلهم منقسمون إلى فصائل مختلفة، لافتًا إلى أنه سيضع حلقة حماية حولهم وسيأخذ كل ثرواتهم".
ترامب الذي يتعامل مع العالم بعقلية الشركة لا بعقلية القيادة. هذا الترامب يرى أن بلاده لم تكن تربح أي شيء في الفترة الأخيرة، في إشارة إلى فترة سلفه باراك أوباما.. وقال كان على بلاده "أن تأخذ النفط" في العراق عام 2003، مشيراً إلى أنها "لو فعلت ذلك (وقتها) لما ظهر داعش" متابعاً: "ربما ستكون هنالك فرصة أخرى"، كما جاء في مقابلة مع مذيع "إي بي سي نيوز" ديفيد موير، في 25 يناير/كانون الثاني 2017.
سعى ترامب إلى تبرير هذا الموقف بعدالة المنتصر، وباعتباره خطوة قد توقف صعود تنظيم "داعش".. عندما واجهه موير بشأن المنتقدين الذين يقولون إن ذلك قد ينتهك القانون الدولي، وصفهم ترامب بأنهم "حمقى".
يرتقي موقف ترامب بأخذ نفط العراق إلى مصاف "النهب"، وهو انتهاك خطير للقانون الإنساني الدولي، أو قوانين الحرب. أنظمة لاهاي لعام 1907 واتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب (اتفاقية جنيف الرابعة) لعام 1949، تحظران بوضوح أعمال النهب.. ولكن هل توقفت الولايات المتحدة عن نهب بلادنا؟
كانت سيطرة الولايات المتحدة على النفط قضية رئيسية في غزو العراق عام 2003، رغم أن إدارة جورج بوش الابن أوضحت أنها تمتثل للقانون الدولي ولن تضع يدها عليه. بل إن التحالف الذي قادته الولايات المتحدة على العراق، بعث برسالة إلى مجلس الأمن الدولي يلتزم فيها بأنه "سيضمن حماية نفط العراق واستخدامه لمصلحة الشعب العراقي"!
تناولت مجلة فورين بوليسي الأميركية السياسة الخارجية للولايات المتحدة وما يتعلق بأطماع أميركا في ثروات الشرق الأوسط، وقالت إن ترامب يعتزم سرقة نفط المنطقة.
وأوضحت فورين بوليسي من خلال مقال تحليلي للكاتب مايكل كلير، أن سياسة الحصول على نفط الشرق الأوسط كانت محور نقاش في الولايات المتحدة منذ عقود، وأن ترامب أعرب في أكثر من مناسبة عن رغبته في الاستيلاء على نفط العراق في حال فاز وأصبح رئيسا لأميركا.
وأضافت أن ترامب ليس أول شخصية أميركية بارزة تقترح مصادرة نفط الشرق الأوسط من طريق القوة العسكرية، بل إن الإدارات الأميركية السابقة لطالما غامرت باتباع سياسات متهورة من أجل تحقيق هذا المسعى.
وأضافت أن ترامب سبق أن تحدث عن نفط الشرق الأوسط في أكثر من مناسبة، وأنه قدم تبريرات للاستيلاء على نفط العراق من بينها ما صرح به أثناء المناظرة الأولى مع مرشحة الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة هيلاري كلينتون في 26 سبتمبر/أيلول الماضي.
ومن بين التبريرات التي قدمها ترامب في أكثر من مناسبة للاستيلاء على نفط العراق من أنه عندما كانت تندلع حرب في قديم الزمان، فإن الغنائم تعود للمنتصر.
لا شك أن النقاشات الأولى في الولايات المتحدة بشأن الحصول على نفط الشرق الأوسط تعود إلى سبعينيات القرن الماضي، وذلك عندما قامت السعودية ودول شرق أوسطية أخرى بتأميم حقول النفط التي كانت تملكها شركات أميركية كبيرة. بل إن دولا عربية فرضت في أواخر 1973 وبداية 1974 حظرا على صادرات النفط إلى الولايات المتحدة ردا على شحنات الأسلحة الأميركية إلى "إسرائيل" في حرب تشرين الأول/ أكتوبر، وأن منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) أعلنت رفع الأسعار أربعة أضعاف، من أجل التسبب في إحداث نقص في الطاقة وركود اقتصادي في الولايات المتحدة.
وأضافت أن بعض الخبراء والسياسيين في الولايات المتحدة دعوا إلى مواجهة هذه المشكلة من طريق اتخاذ إجراءات عسكرية على أرض الواقع.
نذكر أن الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الأب استخدم القوة في 1990 عندما غزا العراق الكويت، وذلك خشية تعثر تصدير نفط السعودية، لكن غالبية الأميركيين احتجوا على إمكانية شن حرب من أجل النفط وتردد شعار "لا دماء من أجل النفط"، فانصب غضب بوش على "الانتهاكات" العراقية لحقوق الإنسان في الكويت وعلى سعي العراق إلى تصنيع أسلحة دمار شامل.
غزو العراق وعودة إلى تصريحات ترامب عند قوله "كان علينا أخذ النفط"، فقد أوضحت فورين بوليسي أنه يشير إلى ربيع 2003، عندما كانت قوة الولايات المتحدة في أوجها.. وأضافت أن الفكرة السائدة في تلك الفترة تمثلت في ضرورة الاستيلاء على الأصول الوطنية الأكثر قيمة للعراق، وتسليمها إلى شركات أميركية.
العملية برمتها بدت بسيطة بالنسبة إلى الأميركيين، وكأنها تتمثل في قيام واشنطن بإرسال بعض موظفي الاحتلال إلى حقول النفط والمصافي وإبلاغ عمال النفط الوطنيين بأنه قد تم استبدالهم بأميركيين، إضافة إلى نشر عدد قليل من رجال المارينز للتعامل مع أي تبعات غير سارة.
إن ادعاءات ترامب إمكانية تحقيق مهمة وضع اليد على النفط العراقي هو ضرب من الجنون.. البعض بدأ يستشعر الضرب على الابواب: هل تحتاج هذه المنطقة البائسة الى مشاهد اخرى، مستوردة للتو من جهنم مع ترامب!؟