سوناكو .. 41 عاماً من النجاح في لبنان والعالم
نصراوي: القطاع أمام مرحلة جديدة
يعتبر جورج نصراوي أحد الروّاد في قطاع الصناعات الغذائية، فمعه سارت سوناكو الربيع على مر عشرات السنوات على طريق التقدّم والتوسّع، فحطّت رحالها في أكثر من 75 بلداً في العالم، حتى أصبح خبيراً في شؤون القطاع، لا بل مرجعاً حتى لمنافسيه الذين لا يبخل عليهم بالنصيحة. كيف ولا وهو عميد الصناعات الغذائية ويعتبر نفسه أول المعنيين بنجاح القطاع ولا سيما في الأسواق الخارجية التي من شأنها تلبية طموح الصناعيين اللبنانيين الذي يصفهم بالمقاومين إذ سمحت لهم مبادراتهم الفردية بتحقيق أنجازاتٍ قلّ نظيرها في ظل غياب دعم الدولة.
موجة التفاؤل التي تعم القطاع الصناعي في الوقت الراهن من دون شك طاولت نصراوي، الذي أكد في حديث مع "الصناعة والإقتصاد" أننا " نقف اليوم أمام مرحلة جديدة في القطاع، فبعد أن كان اهتمام المسؤولين منصباً على قطاعي السياحة والخدمات في الماضي، يُلمس حالياً لدى المسؤولين نية لتنمية القطاع الصناعي، ولا سيما أن الخطاب الرئاسي تضمن في إحدى فقراته دعم القطاع، ما يدفعنا الى تفاؤل كبير بالمستقبل".
وأكد أن "اتفاقاً عقد بين الصناعيين ووزير الصناعة د. حسين الحاج حسن يقضي بوضع خطة لإحياء القطاع عبر منح حماية له أسوة بالدول الأخرى التي تمنع الإغراق عبر تقديم حماية للمنتجات".
وقال: "أبدى الوزير د. الحاج حسن تفهماً كبيراً ونحن بصدد تحضير تقرير عن أهم الأسواق التي تغرّق منتجاتنا. وهذا سيكون أمراً مفيداً ليس فقط للقطاع، إنما للدولة التي ستتمكن من زيادة مداخيلها. وكجمعية صناعيين شرحنا هذا الموضوع لرئيس الحكومة سعد الحريري".
وأضاف: "نشعر اليوم أن هناك تفاهماً واتفاقاً تاماً بين المسؤولين على إعادة النهوض بالبلد، وبدأنا نلحظ دوران عجلة العمل في بعض الوزارات، حيث يتم التقيّد بتشريع القوانين. لكن إعادة تصويب مسار الأمور تحتاج إلى بعض الوقت وعلينا أن نمنح الفرص علّنا نسير بالقطاع على الطريق الصحيحة".
ضرورة دعم القطاع
وشدّد نصراوي على "ضرورة دعم قطاع الصناعات الغذائية الذي يعتبر أحد أقوى القطاعات الصناعية التي تخلق فرص عمل والتي تقوي قطاعات أخرى ولا سيما القطاع الزراعي ".
واعتبر أن "الأزمة السورية حملت تداعيات سلبية كثيرة على القطاع، إذ إن إقفال المعابر الحدودية أدى دوراً أساسياً في تراجع حجم الصادرات. فمع إقفال المعابر ارتفعت كلفة نقل المنتجات الى الأسواق العربية، ما رفع من أسعارها وأفقدها جزءًاً من قدراتها التنافسية".
ورأى أن "المصانع السورية التي أنشئت في لبنان كان لها ايضاً تأثير سلبي على القطاع، إذ إنها عملت من دون ضوابط ولم تخضع لرسوم أو ضرائب، كما استفادت من الثقة التي يوليها المستهلكون للصناعة اللبنانية، إذ إن بلد منشأ منتجاتها هو لبنان ما جعلها منافساً حقيقياً للمنتجات اللبنانية".
وأشار الى أن "إقفال المصانع في سورية وانتقالها الى دول أخرى كالأردن، تركيا ومصر جعل كلفة إنتاجها أدنى من الإنتاج اللبناني وبالتالي جعلها منافسه له ولا سيما أنها في بحث دائم عن أسواق للتصريف بعد فقدانها للسوق السورية".
وأعلن أن هذه العوامل أدت الى تراجع الصادرات الصناعية اللبنانية بشكل كبير حيث تشير الإحصاءات الى تراجع الصادرات خلال السنوات الثلاث الأخيرة حوالى المليار دولار.
ناقوس خطر
ودقّ نصراوي ناقوس الخطر معتبراً أن استمرار الوضع على ما هو عليه ينذر بإقفال العديد من المصانع اللبنانية.
وشدّد على أن "الصناعيين يمكن أن يستعيضوا عن الأسواق الخارجية المفقودة بالسوق الداخلية إذا ما جرى الحد من الاستيراد وتمكنت المنتجات اللبنانية من تلبية حاجات السوق كافة".
واذ أكد وجود فرص كثيرة للإنفتاح على أسوق جديدة كسوق الصين وتركيا واميركا اللاتينية، اعتبر ان "هذا الامر يتطلب دعماً من الدولة ليتمكن الصناعيون من الاستمرار والتقدم".
تنظيم القطاع
واعتبر نصرواي أن "على الدولة تنظيم الضريبة على القيمة المضافة وتطبيقها على جميع المؤسسات دون استثناء إذ إن القانون الذي لا يسري على المؤسسات التي لا يتخطى حجم أعمالها المئة ألف دولار خلق فوضى في السوق إذ يدفع التاجر إلى التعامل مع تلك الشركات بغية التهرب من هذه الضريبة".
وأشار الى أن "وجود المنافسة في القطاع أمر طبيعي، فمع ارتفاع إنتاجية المصانع يكثر البحث عن أسواق التصريف التي يؤدي ضيقها الى خفض الأسعار بهدف بيع المنتجات".
ورأى أن "قطاع السوبرماركت في لبنان يرفع حدة المنافسة في القطاع حيث يعمد التجار وبسبب المنافسة بينهم إلى فرض مبلغ معيّن أو ثمن للرفوف ما يؤدي الى تخفيض في الأسعار بين المصانع بهدف ضمان وجود منتجاتهم في الأسواق".
وفي حين دعا الى "فرض قانون يحمي الصناعي وينظم عمل قطاع السوبرماركت في أنٍ واحد"، كشف أن "نقابة الصناعات الغذائية استقدمت في الماضي خبيراً أوروبياً وجرت دراسة القانون وآلية تنظيم قطاع السوبرماركت وقدمته الى وزارة الإقتصاد بهدف تنظيم القطاع، إلا أنه بقي في الأدراج".
وكشف أن "النقابة عملت على مشاريع قوانين كثيرة، إلا إن عدم الاستقرار السياسي في البلد وما نتج منه من شلل وخلل في أداء المؤسسات انعكس بشكل سلبي على جهودها".
صناعيون شجعان
وردّ النجاح الكبير الذي تشهده المصانع في القطاع الى روح المبادرة والشجاعة التي يتمتع بها الصناعي اللبناني وقال: "الصناعي اللبناني يستحق وساماً فهو مقاوم ومقدام، إذ يخرج من السوق اللبنانية مشاركاً في معارض عالمية بزخم لإدراكه التام أن ضيق السوق اللبنانية وشدّة المنافسة فيها لا تسمح له بتحقيق تطور ونمو يرضي طموحاته. وفعلاً فتحت تلك المعارض آفاقاً واسعة أمامه وعرّفته إلى أسواق العالم ومكّنته من تسويق إنتاجه".
وشدّد على أنه "خلال ترؤسه نقابة أصحاب الصناعات الغذائية فتح المجال أمام القطاع كاملاً للمشاركة في المعارض العالمية المتخصصة تحت شعار المطبخ اللبناني الذي أحبته شعـوب الـعـالـم واستهلكت منتجاته ما وضع القطاع على سكة من النجاح المستمر".
وإذ اعتبر أن "لبنان كان السبّاق في المنطقة العربية ككل إلى تصدير الطعام العربي والمطبخ اللبناني"، أسف لأن "بعض الدول التي كانت تشكّل أسواقاً للمنتجات اللبنانية، عمدت الى تصنيع وتصدير منتجات ذات هوية لبنانية مستفيدة من الثقة التي كرّسها القطاع باسم الصناعة اللبنانية".
وأشار الى أن "هذا الأمر يقلّص من حصة الصناعة اللبنانية في الأسواق الخارجية، ما يسلّط الضوء على ضرورة اتباع خطوات لجأت اليها بعض الدول لحماية منتجاتها حيث عمدت وفقاً للقانون الى تسجيل منتج واحد بإسمها ما يمنع طرح منتج آخر في السوق يحمل نفس الإسم". وأمل أن "تساعد وزارة الإقتصاد في الاستفادة من هذا القانون وتسجيل رسمياً منتج "الحمص بطحينة" كمنتج خاص بالدولة اللبنانية ولا سيما أن منافسين كثراً وفي طليعتهم العدو الإسرائيلي لجأوا الى تقليد هذا المنتج وبيعه في الأسواق الخارجية نظراً للطلب المرتفع عليه".
ولفت الى "أنه في حال توفّر الدعم، يملك القطاع إمكانيات كثيرة لضخ فرص عمل في السوق ورفع الصادرات". وأشار الى "وجود تحديات لم تعالج على مر السنوات وأبرزها كلفة معاملات التصدير التي تضعف من قدرات المنتجات التنافسية مقارنة مع المنتجات المصرية، الأردنية، والسورية التي تتمتع بدعم من الدولة". وشدّد على "أنه في الدول العربية ولا سيما الخليجية تتميّز الصناعة بتدنّي كلفة إنتاجها وتوافر الدعم والبنى التحتية اللازمة للقطاع في حين يعاني الصناعي اللبناني من ارتفاع كلفة الاستثمار الى حد كبير ما يقلص من حجم الاستثمارات في القطاع ويجعله متأخراً عن نظرائه في الدول تلك".