توقع أن يحمل العهد الجديد قرارات إقتصادية جريئة للبنانيين
شقير: النهوض بلبنان يحتاج إلى قرار سياسي
يأبى رئيس اتحاد الغرف اللبنانية ورئيس غرفة بيروت وجبل لبنان محمد شقير إلا أن يتمسّك بتفاؤله بالعهد الجديد والحكومة المنتظرة، مبدياً كل استعداداته لوضع يده بيد المعنيين لأخذ لبنان الى مكان يتمناه الجميع.
إيمانه بلبنان لا يمكن أن يتغيّر ومنه يستمد إصراره لتأكيد وجود لبنان في المؤتمرات الدولية وتحصينه ضد أي نسيان يحد من دوره الإقتصادي.
فوفقاً له الشعب اللبناني يستحق الحياة، ويليق به أن يعيش في بلد مستقر على الصعد السياسية، الأمنية والاقتصادية كافة.
يقر شقير أننا وصلنا قبل انتخاب رئيس الجمهورية الى شفير الهاوية وأننا تعدينا مستويات قياسية في الفساد، لكنه ما يلبث أن يزرع الأمل مجدداً في النفوس بقوله: "أنا لست يائساً، الوضع قد يتحسّن بسرعة إذا حصل اتفاق".
ويعتبر "أن عام 2016 كان بمعظمه عاماً صعباً جداً على الصعيد الإقتصادي لكن اليوم الاجواء تبدلت وسادها التفاؤل مع انتخاب رئيس الجمهورية ميشال عون والتكليف السريع للرئيس سعد الحريري بتشكيل حكومة، إلا أننا نأمل في ولادة سريعة للحكومة لكي تتمكن المؤسسات من الاستفادة من موسم الاعياد في شهر كانون الأول الذي يعوّل عليه الكثير كونه يمثّل 25% من الناتج المحلي".
وقال : "يعوّل الكثير على العهد الجديد متوقعاً أن يحمل قرارات إقتصادية جريئة للبنانيين، إذ إن كلا من رئيس الجمهورية والرئيس المكلف سعد الحريري ركزا على الوضعين الإقتصادي والإجتماعي في مناسبات مختلفة، كما أن الجميع يدرك اننا وصلنا الى شفير الهاوية اقتصادياً، وهذا تحديداً ما سرّع في إنهاء الفراغ الرئاسي". ويلفت الى أن "النهوض بالبلد في ظل هذا الواقع الصعب يحتاج الى قرار سياسي. فاليوم هناك عدة مشاريع قوانين مفيدة للإقتصاد وموجودة في مجلس النواب، كما هناك قوانين تحتاج الى إعادة صياغة لتسهّل النشاط الإقتصادي".
ويوضح أن "عمر الحكومة القصير لا يعني عدم فاعليتها، فهي قادرة على إعطاء جرعات كبيرة من الأمل بالمستقبل عبر اتخاذ عدة قرارات منها الحد من المؤسسات غير الشرعية وتنظيم العمالة غير اللبنانية وإقرار الموازنة العامة وقانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص وكذلك مراسيم النفط والغاز ".
أزمة قاسية
ويؤكد شقير "أن لا إحصاءات عن عدد المؤسسات التي أقفلت بفعل الأزمة، لكن يمكن الجزم من خلال ما عايشناه أن عددها كبير"، ويكشف "أن هذه المؤسسات لا تتركز في قطاع معين إذ إن كل القطاعات الإقتصادية عانت بشدة خلال هذه الأزمة التي تعد إحدى أقسى الأزمات في تاريخ لبنان حيث عايشت القطاعات تراجعاً في عملها على مدى 5 سنوات متتالية".
وفي رد على سؤال حول تداعيات الأزمة السورية على الإقتصاد، يشدد شقير على "أنه لا يمكن للبنانيين أن يقفوا يائسين أمام الأزمة السورية التي قد تمتد لسنوات لا سمح الله"، ويشدّد على " أن ما يعانيه الإقتصاد اللبناني اليوم ليس بفعل الأزمة السورية بل نتيجة تداعيات الفراغ الرئاسي، إذ ساهمت التوترات السياسية في انقطاع السياح الخليجيين، أما المستثمرين فقد أحجموا عن الإستثمار في لبنان نتيجة الى هذه الظروف مضاف اليها سياسات ضريبية خاطئة، وهذه أمور وبإمكاننا معالجتها والنهوض بإقتصادنا".
ويدعو الى "نسيان معاناة الماضي والتحلّي بالتفاؤل في النظر إلى المستقبل، وتصديق وجود قرار سياسي من شأنه النهوض بلبنان"، ويكشف أنه "إذا تعذّر توفّر هذا القرار، سيصبح الواقع الاقتصادي والاجتماعي أسوأ ولكن هذه المرة اللبنانيين لن يقفوا متفرّجين فهم خسروا الكثير، وما رأيناه من تحركات في الشارع والرسائل التي حملتها الإنتخابات البلدية للقوى السياسية خير دليل على ذلك".
دور الهيئات
وعن دور الهيئات في حماية الإقتصاد وأخذ الأمور في الإتجاه الصحيح، يوضح شقير "أن دور الهيئات هو وضع الواقع الإقتصادي أمام المعنيين بالحقائق والأرقام، وهي لا تستطيع إصدار قوانين وقرارت كون هذه مهمة مجلسي الوزراء والنواب".
وإذ يعتبر أن "الهيئات الاقتصادية عملت خلال سنوات الأزمة للإضاءة على الملف الإقتصادي الذي كان منسياً من الحكومتين الأخيرتين"، يتمنى أن "يكون في الفترات المقبلة شراكة للقطاع الخاص مع الحكومة إذ إن هذه الشراكة قادرة فعلياً على تحقيق نمو في الإقتصاد وإعادته الى شاطئ الأمان".
وعن الجهود التي قام بها لتوسيع الآفاق امام الاقتصاد اللبناني في الخارج، يؤكد أن "اننا سنستمر بالمشاركة في المؤتمرات والمعارض الدولية الكبيرة لتقول للعالم إن لبنان موجود، كما كانا نفعل في الماضي وسنبقى كذلك في المستقبل"، الا انه كشف عن أنه "سيعمل في عام 2017 على دعوة العالم الى لبنان عبر إقامة معارض ومؤتمرات على ارض الوطن".
محاربة الفساد
وفي رد على سؤال حول قدرة الإقتصاد اللبناني على إعادة الإنطلاق بعد مكوثه في مربع من التداعيات السلبية على مدى أكثر من عامين، يرى شقير ان "العهد الجديد لا يملك عصا سحرية لمعالجة المشاكل وإعادة النهوض بالإقتصاد وبالتالي من الضروري وجود اتفاق سياسي على كثير من المواضيع وأبرزها محاربة الفساد الذي زاد استفحاله بشكل خطر بعد عام 2010" .
وعن الاستغناء عن العمال اللبنانيين واستبدالهم بالعمالة الاجنبية لاسيما من النازحين السوريين، يقول شقير : "هناك الكثير من المؤسسات في ظل الفوضى الموجودة والضغوط الكبيرة التي تواجهها، سلكت طرقاً غير شرعية لضمان إستمراريتها عبر توظيف غير لبنانيين، كما ان هناك الكثير من المؤسسات غير الشرعية التي تم انشاءها في لبنان وتزاحم المؤسسات اللبنانية، وهذا الأمر ينذر بمشكلة كبيرة قد تنفجر في وجه العهد الجديد إذا لم يُتخذ قرار سياسي باقفال المؤسسات غير الشرعية واقرار قانون يحدد للشركات اللبنانية نسبة توظيف معينة من غير اللبنانيين، فلا يجوز اليوم أن يكون 37% من موظفي القطاع الصناعي و96% من القطاع الزراعي من غير اللبنانيين".
ويقول: "لا يظنّن أحد أن محاربة الفساد أمر مستحيل أو صعب حتى، فالمكننة قادرة على محاربة الفساد وتسريع وتيرة العمل عبر تسهيل أمور المواطنين. وأنا أتكلم انطلاقاً من تجربة عشناها في غرفة بيروت وجبل لبنان، حيث طبقنا المكننة والشفافية وتمكنّا من تسهيل أمور المنتسبين الى حد كبير. لم تكن لدينا عصا سحريّة في الغرفة بل كنا نملك القرار. وبرأيي إن كل مؤسسات الدولة قابلة للتطوّر والتحسّن إذا كان هناك قرار بذلك".
وفي رد على سؤال حول إمكانية محاربة الفساد في ظل بقاء القوى السياسية نفسها في الحكم، يشير الى أنه "في عام 2010 كان الفساد موجوداً لكن بنسب محددة، والامور كانت تسير مع وجود حكومة فاعلة وغياب نسب شغور كبيرة في الدولة، لكن مع الحكومتين الاخيرتين وارتفاع منسوب الصراعات السياسية والفراغ الرئاسي هذا الوضع اوصل مؤسسات الدولة الى حال الإنهيار، ما جعل لبنان يبلغ مستويات قياسية في الفساد إذ وفقاً لتقديرات البنك الدولي تخسر الدولة 37.5% من دخلها بسببه".
العلاقات الخليجية
ويشير شقير إلى أن "المقاطعة الخليجية للبنان أدّت الى تراجع الإقتصاد بشكل كبير"، ويأمل "أن تعود العلاقات اللبنانية - الخليجية الى سابق عهدها حيث إنها مهمة الى حد كبير للإقتصاد، فازدهار قطاعات كثيرة كالسياحة والتصدير والعقارات، إضافة الى التحويلات الى لبنان وحركة الإستثمار مرتبط بقوة بهذه العلاقات ومتانتها".
ويشدّد على "أن عودة المستثمرين الى لبنان لن تكون سريعة، فالمستثمر يختلف اختلافاً تاماً عن السائح. فمن دون شك، السياح يحبون لبنان وسيعودون سريعاً لزيارته ولكن المستثمر لا يتكلم الا بلغة العقل والأرقام التي تظهرها الدراسات. كما أنه يتروّى بانتظار عام من الاستقرار الأمني والسياسي ويهتم الى حد كبير بالاستقرار في التشريع وفاعلية دور القضاء".
ويختم شقير مشدّداً على دور القطاع الخاص معتبراً "أنه مادام هناك قطاع خاص لبنان سيبقى".