"المقاطعة الخليجية للبنان أثرت في القطاع السياحي بشكل كبير"
الأشقر: مداخيل المؤسسات تراجعت 50%
من دون شك كان للقطاع السياحي عام 2016، حصة من التداعيات السلبية لغياب الإستقرار الأمني والسياسي في لبنان والمنطقة، ولا سيما في ظل ما شاب العلاقات اللبنانية الخليجية والذي أسفر عن غياب كامل للسياح الخليجيين الذين يشكلون رافعة للقطاع لما يتميّزون به من حب للبنان يطيل مدة إقامتهم فيه إضافة الى قدرتهم على الإنفاق التي تفوق قدرة أي سائح آخر.
وعلى الرغم من أن أعداد السياح تظهر ارتفاعاً مقارنة مع العام 2015، إلا أن هذا الارتفاع لم يكن كافياً للقطاع الذي مني بخسائر كبيرة منذ عام 2011 يصعب تعويضها بسهولة. فوفقاً لنقيب أصحاب الفنادق في لبنان بيار الأشقر "إن قراءة واقع القطاع السياحي في عام 2016 لا تتم من دون الرجوع الى عام 2011 الذي شهد بداية التراجع الإقتصادي مع اندلاع الأزمة في سورية التي أدت الى خسارة لبنان على الصعيد السياحي لـ360 ألف سائح كانوا يزورونه من طريق البر". وأشار الى أن "عوامل داخلية تمثلت بعدم استقرار أمني زادت من حدة الأزمة حيث شهد لبنان أحداثاً أمنية في طرابلس، صيدا، والضاحية، ما وضع القطاع السياحي في حال من التراجع المستمر".
وشدّد على أن "هذه العوامل أدت الى انخفاض نسبة التشغيل 30%، رافقها انخفاض في الأسعار نتج من انخفاض الطلب ونشوء مضاربات وبلغ 30% ما أدى الى تراجع مداخيل المؤسسات السياحية بنسبة 50%، وهي نسبة مؤثرة قادرة على خلخلة أوضاع المؤسسات". وشدّد على أنه "لم تكن هناك فرصة لمعالجة هذه المضاربات، إذ إن اقتصاد لبنان اقتصاد حر تصعب في ظله السيطرة على المنافسات ولو ذهبت في اتجاه سلبي".
السياح الخليجيون
ولفت الأشقر الى أن "المقاطعة الخليجية للبنان أثرت على القطاع السياحي بشكل كبير، إذ إن هذه المقاطعة أدت دوراً كبيراً في نقل المؤتمرات لشركات إقليمية الى دول عربية أخرى وفوّتت بالتالي على القطاع فرصاً كثيرة، إضافة الى ما شهدناه من خلو لمناطق الإصطياف الشهيرة في لبنان من السياح".
وأوضح أن "انقطاع السياح الخليجيين عن زيارة لبنان رافقه نمو للسياحة العربية حيث ارتفع عدد السواح من العراق ومصر والأردن، ولكن هذا لم يكن كافياً لتعويض القطاع عن خسائره إذ إن معدل مدة إقامة الخليجي 20 يوماً، أما السياح العرب الآخرون فثلاثة أيام، كما أن قدرة السائح الخليجي على الإنفاق تبلغ 3 أضعاف أي سائح عربي آخر، ما راكم من خسائر القطاع ووضع المؤسسات أمام مشاكل فعلية".
وقال: "اليوم نستبشر خيراً، فمع انتخاب رئيس للجمهورية والعمل على تشكيل حكومة جديدة نشهد حدوث انفراجات واسعة وإنفتاح على مختلف الدول، نأمل أن يترجم بعودة السياح الخليجيين الذين يعتبرون العمود الفقري للسياحة في لبنان".
واعتبر أن "لا تأثير لانخفاض أسعار النفط على القطاع السياحي، بل تداعياته ستنعكس على حركة الإستثمار في كل القطاعات الإقتصادية".
دعم السياحة
وفي رد على سؤال حول إقفال عدد من المؤسسات السياحية خلال سنوات الأزمة هذه، شدّد الأشقر على أن "كل المؤسسات لديها مشاكل ماليّة، ربما البعض لديه مداخيل من أعمال خارج لبنان أو من خارج القطاع ويستطيع نوعاً ما حماية نفسه، ولكن من لا يملك إلا المؤسسة السياحية فهو يعاني من أزمة حقيقيّة".
وفي رد على سؤال حول أبرز المسائل التي يجب أن تولى الإهتمام ليبقى القطاع صامداً في ظل إستمرار الأزمة السورية، شدّد على أن "كل القطاعات تعاني دون إستثناء في ظل أعباء كثيرة ملقاة على عاتق الدولة ولا سيما في ظل وجود النازحين السوريين في لبنان وغياب أي خطة اقتصادية للحكومات أجمع". وأكد أنه "في ظل الخلافات المستمرة بين القوى الحاكمة، من الصعب اتخاذ أي إجراء لإبقاء القطاعات صامدة لكن بطبيعة الحال إن وجود استقرار ينعكس إيجاباً على قطاعين أساسيين هما القطاعان السياحي والتجاري، على أمل أن ترتفع المداخيل السياحية لتصل الى 7 مليارات دولار كما كانت في الماضي مع استقبال لبنان لأكثر من مليوني سائح".
وأعلن أن "مطلب القطاع الأساسي اليوم لمعالجة الأزمة وتصويب أوضاع المؤسسات السياحية يتمثّل بإعادة جدولة الديون لتسديدها في السنوات المقبلة مع إعطاء دعم للفوائد، حيث إن عدم دعمها يضاعف من هذه الديون ويكبّد المؤسسات خسائر إضافية ".
وإذ كشف أن "مسألة الدعم طرحت مع جميع المعنيين، ولكن المشكلة تكمن في أن مالية الدولة تعاني. فالقرار مبدئياً بيد وزارة المال التي تعتبر أن هناك صعوبة في الدعم إذ إن دعم قطاع السياحة قد تنتج منه مطالبات بدعم القطاعات الأخرى". وسأل: "لماذا يتم دعم الشمندر والتفاح والكوارث ولا يتم دعم السياحة؟
ورأى أن المؤسسات السياحية تقف اليوم على عتبة مرحلة إعادة النهوض إذ تحتاج الى 3 الى 4 سنوات لتغطية الخسائر التي تكبّدتها خلال 5 سنين، معتبراً "أن السيناريو الأكثر تفاؤلاً والمتمثل بتميّز عهد الرئيس ميشال عون بإستقرار على مدى 6 سنوات، سيعطي فرصة للمؤسسات السياحية لتغطية خسائرها المتراكمة منذ عام 2011".
رعاية القطاع
وفي إطار حديثه عن دور الهيئات الاقتصادية والنقابة في رعاية القطاع، أشار الى أنه "وعلى مدى عامين ونصف طالبت الهيئات بإنتخاب رئيس للجمهورية إلى أن تحقّق مطلبها أخيراً نتيجة وفاق محلي ومباركة إقليمية ودولية، وبالتالي عاد لبنان الى مرحلة الإستقرار السياسي والأمني معاً. وهذا يحمل تباشير سارة، إذ إن المرحلة السابقة أثبتت أن الإستقرار الأمني غير كافٍ للقطاع السياحي في لبنان فخلال عامين ونصف شهد لبنان استقراراً أمنياً (بمعزل عن الأحداث التي جرت على الحدود والتي توجد في كل مكان) مقارنة بدول اخرى حيث حصلت تفجيرات في مصر وتركيا ومع ذلك بقي هناك خوف عند السياح الخليجيين من المجيء الى لبنان".
وشدد على ان "هناك حواجز منعت اي معالجة للمواضيع، فلا وجود لخطط اقتصادية وسط خلافات كثيرة في الحكومة. كما ان غياب الخطط الاقتصادية يترافق مع فساد مستشري في مكامن كثيرة في الدولة".
وامل ان "ترافق الاجواء الايجابية التي رافقت انتخاب رئيس الجمهورية العمل الحكومي لعل المواطن ينال بعض حقوقه، فبدل التقاتل على الحصص على الحكومة أخذ قرار اقتصادي موحّد، يولي المواطن اهتمام فعلي".
وعبّر الاشقر عن تفاؤله بمستقبل القطاع، اذ ان الاقتصاد اللبناني نهض بسرعة بعد الخضات في 2006 و2008، وسيكون دون شك قادراً على النهوض بعد الأزمة التي عايشها.
ولفت الى ان "استمرار الأزمة السورية لا يعني بقاء الإقتصاد في دوامة، فإذا ترافق النمو مع استقرار سياسي وامني، ونأينا بأنفسنا عن مشاكل المنطقة وخرجت الحكومة ببيان وزاري يولي الشؤون المهمة الإهتمام اللازم، سيعود لبنان الى الخارطة السياحية كما الى خرائط اخرى، ففي لبنان ثروات طبيعية من غاز وبترول لم تستخدم بعد".