يعود ملف أزمة مياه نهر النيل إلى واجهة الأحداث بين حين وآخر.. يختفي أحيانا ثم لا يلبث أن يفرض نفسه على شريط الأخبار عبر لقاء لدول حوض النيل أو تصريح على لسان أحد مسؤولي دول الحوض. ولكن التصريح الأحدث جاء على لسان وزير خارجية إثيوبيا طادروس أدحانوم الذي قال إن بلاده لا يمكن أن تلتزم باتفاقيات تقسيم مياه نهر النيل التي لم تكن طرفا فيها. اللافت أن التصريح جاء في القاهرة بينما يقف وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى جوار نظيره الإثيوبي!
تشير النتائج التي ستتوصل إليها المكاتب الاستشارية حول سد النهضة الإثيوبي إلى أنها ستكون ورقة رابحة في يد مصر لمواجهة أي تغول إثيوبي في ما يتعلق بقواعد تخزين، وهذا هو ما يهم مصر على المستوى الرسمي، ضمانا لحقها في المطالبة بخفض حجم التخزين إذا ما ظهرت تأثيرات سلبية للسد.
فوفقا للدكتور علاء النهري ممثل مصر في لجنة الاستخدام السلمي للفضاء بالأمم المتحدة فـ"إن 2 مليون فدان من الأرض في مصر مهددة بالجفاف خلال فترة ملء خزان سد النهضة الإثيوبي"، وأضاف أن "هناك دراسة تقوم بها الهيئة القومية للاستشعار عن بعد بدأت قبل عامين في العام 2013، تفيد نتائجها أنه عند تخزين أثيوبيا للمياه في سد النهضة، فإن مصر ستفقد خلال أول عامين 20 مليار متر مكعب من أصل حصة مصر من مياه النيل التي تبلغ 55 مليار متر مكعب حسب آخر اتفاقية، ما سيؤدي إلى معاناة مساحات واسعة من الأراضي المصرية من الجفاف، وسترتفع نسبة ملوحة التربة الزراعية – حسب الدراسة – ما يعني تدهور في القطاع الزراعي المصري.
وكان موقع المونيتور الأميركي وفقا لدراسة أعدتها جامعة "كيوتو" اليابانية في 20 كانون الثاني/ يناير قد وصف سد النهضة الإثيوبي بأحد "السدود المسعورة"، وأنه يضاعف حجم الكوارث المحدقة بالدول الثلاث السودان وإثيوبيا وتحديداً مصر.
رئيس وحدة دراسات السودان وحوض النيل في مركز الأهرام هاني رسلان أكد أن مصر حتى الآن تتمسك بحصتها المائية في نهر النيل، وترفض إلحاق الضرر بها، لكنها في الوقت نفسه لا تمانع في التعاون والمساعدة على تنمية الدول الأفريقية، لكن مع مراعاة مبدأ عدم الضرر.
وأضاف أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أعاد الأزمة إلى مسار المفاوضات، ويعمل على تقوية العلاقات الثنائية مع أديس أبابا لمحو اللهجة التي تتحدث بها إثيوبيا نتيجة التوتر الذي كان واقعا أثناء حكم الرئيس المعزول محمد مرسي.
إلا أن مديرة البرنامج الأفريقي في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتورة أماني الطويل، تشير، إلى أن موقف مصر في ما يتعلق بسد النهضة الإثيوبي ضعيف، نتيجة للمنهج التفاوضي الذي اعتمدته القيادة السياسية، حيث أوضحت أنه منهج طويل الأمد، ومحدود النتائج في الوقت الحالي، ومعتمد على الأوراق السياسية فقط من دون اعتماد الجانب القانوني في التعامل مع الأزمة.
يذكر أن بياناً مشتركاً كان قد صدر عن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ورئيس وزراء إثيوبيا هيلى ماريام ديسالين عقب مباحثاتهما في مالابو عاصمة غينيا الاستوائية في 25 حزيران/ يونيو، على هامش أعمال الدورة العادية الثالثة والعشرين لقمة الاتحاد الأفريقي.
تضمن البيان، الاتفاق حول الاستخدامات المائية للبلدين بالاعتماد على 7 بنود أساسية هي: الاحترام المتبادل، وإقامة مشاريع إقليمية لتنمية الموارد المالية، واحترام مبادئ القانون الدولي، واستئناف عمل اللجنة الفنية الثلاثية حول سد النهضة، والتزام إثيوبي بتجنب أي ضرر محتمل من السد على مصر، والتزام مصري بالأخذ في الاعتبار احتياجات إثيوبيا التنموية، والتزام الدولتين بالعمل بحسن النية وفى إطار التوافق.