يمكن النظر إلى مؤشر الإقتصاد اللبناني إلا من خلال قطاع التأمين، ومن يقرأ هذا الواقع واتجاهاته لا بد أن يتجه إلى ما دلت عليه أقساط التأمين في الفصول الثلاثة الأولى من 2015 التي سجلت نمواً بنسبة 2%، ما يؤكد أن وتيرة عجلة الإقتصاد بطيئة، في مقابل 4،36% للعام 2014 حين بلغت 1.5 مليار دولار. ويجب ألا ننسى المئات من الموظفين العاملين في 51 شركة أجنبية ومحلية.
ولعل السؤال الأهم الذي يطرح هو: هل من إقتصاد من دون تأمين؟
من المؤكد هنا الإشارة إلى أهمية دور القطاع في الحياة الإقتصادية، إذ لا إقتصاد من دون تأمين.. ولا حماية للأفراد، ولا اعتمادات مصرفية أو قروضاً وتسهيلات، ولا تأمين صحياً للأفراد والمؤسسات، ولا تأمين للأعمال ضد حوادث العمل والسرقة والإختلاس والحريق وسواها. ولذلك نجد من الضرورة التركيز على أهمية الوعي المجتمعي لدور هذا القطاع، ولاسيما بعد التأمين الإلزامي على السيارات والعمال الأجانب والمصانع، وهو ما أكده رئيس الاتحاد العام العربي للتأمين رضا فتحي، الذي أشار خلال افتتاح مؤتمر الاتحاد العام العربي للتأمين الـ31 الذي استضافته بيروت في 24 أيار الماضي، الى أن التحديات "تستوجب منا تأكيد أهمية دور التأمين في تقديم الحماية للأفراد والشركات والمؤسسات من الخسائر التي قد تلحق بها".
من الطبيعي أن يواجه هذا القطاع العديد من التحديات ولعل أبرزها كما حددها وزير الإقتصاد آلان حكيم تلك التي تتمثل بـ"الظروف التي غيرت أو قد تغير الهيكليات الإقتصادية في الدول العربية سواء إيجاباً أو سلباً، قطاع النفط والغاز وخاصة في دول كلبنان وسورية.
إن قطاع التأمين في لبنان وبحسب الدراسة التي أجراها البنك الدولي، من أكثر قطاعات التأمين تطوراً في المنطقة. إلا أن هذا القطاع يعاني اليوم من نقص في عدد الخدمات التي يتم توفيرها، أي أن عدد الخدمات المقدّمة من قبل هذا القطاع لا تشمل كل حاجات المواطن اللبناني. وبالتالي، فإنه بات من المهم تنويع وشمول الخدمات التي تقدمها شركات التأمين والذي يفرض إدارة مخاطر متينة تسمح بتقييمها طبقاً لنماذج متطوّرة داخلياً على أساس قواعد علمية معمّقة بما يساهم في تطوير القطاع والارتقاء بمستواه إلى مصاف الأسواق العالمية. وفي ظل بزوغ عصر الغاز والنفط في لبنان، تبرز مشكلة حجم قطاع التأمين في لبنان نسبة إلى حجم خدمات التأمين نظراً إلى إمكانات الإقتصاد اللبناني ولا سيما في ظل وجود استثمارات النفط والثروة النفطية. وعليه، أصبحت هناك حاجة لأن يعتمد هذا القطاع وسائل جديدة للتأمين، وأن تكون هذه الأدوات متطورة نسبياً ولا سيما أن ذلك قد يسمح بتغطية المشاريع التي قد يفوق حجمها حجم قطاع التأمين ككل. من هنا، يجب درس إمكان اعتماد تقنيات الـ"Syndication" بطريقة معمّقة حيث إنه من غير المسموح ألا يكون قطاع التأمين الشريك الفاعل والأساسي في عصر الطاقة، من نفط وغاز.