يشكّل الإصلاح وتحقيق النمو المستدام تحدّياً كبيراً
إلى أين يسير الاقتصاد في مصر؟
يتجه العالم رويداً رويداً نحو الإنهيار الكامل والكثير من الدول تحاول عمل ما يستطيعه لرغبتها في إيقاف حال التدهور هذه، ومن هذه الدول تأتي مصر في المقدمة لموقعها الجغراسياسي ولما يشكله أي تدهور إقتصادي فيها على محيطها القومي والعربي والأفريقي.
تعرض الإقتصاد المصري لأزمات كثيرة خلال عام 2013 أدت الي تدهور الحال الإقتصادية وتدني مستوي المعيشة للغالبية العظمي من أفراد الشعب المصري.. ومازال تناقض التصريحات بين وزراء الحكومه الحاليه يذكرنا بتلك التناقضات التى شهدتها حكومة الدكتور عصام شرف! فى سابقه دلت فى حينها بما لا يدع مجالا للشك على الضعف الشديد فى إدارة تلك الحكومه...ويبدو أن التشابه بين تلكما الحكومتين قد تجلى فى وجود بعض الأسماء المشتركه بينهما وتناقض تصريحاتهم حول وضع الإقتصاد المصري في الفترة الحالية وهذا التناقض بطبيعة الحال إن دل على شىء فإنما يدل على ضعف الإدارة وغياب التنسيق داخل تلك الحكومه..ولكن ما يعنينا فى هذا الأمر .. أيهما نصدق..هل بالفعل أن الدوله علي وشك الإفلاس؟ أم أن الإقتصاد المصرى يشهد تحسناً تدريجياً؟!
كل إصلاح إقتصادي وبصرف النظر عن مضمونه، يتطلب إعادة النظر في البنية المؤسسية لإدارة الموارد المالية للدولة. وإذا كانت الخطوة الأولى هي إعادة النظر فى البنية الأساسية والمؤسسيه لإدارة الموارد المالية للدولة، فإن الإقتصاد المصرى يواجه، حاليا، عددا من المشاكل الرئيسية التى ينبغى على كل حكومة أن تقدم رؤيتها لأهم هذه المشاكل وما تقترحه من أساليب لعلاجها.
وبطبيعة الأحوال فليس المطلوب هو وضع قائمة تفصيلية بجميع المشاكل والحلول المقترحة لكل منها. فمثل هذا إلى جانب أنه ليس عمليا ولا مفيدا، فإنه قد يؤدى الى الغرق في التفاصيل والخلط بين الغث والثمين. ولذلك فإن اختيار عدد محدود من القضايا الإقتصادية لا يعنى فقط توجيه النظر الى ماهو أكثر أهمية، ولكنه يكشف في الوقت نفسه التوجهات العامة في علاج المشاكل وبالتالي يقدم نموذجا لما ينبغي القيام به ازاء مشاكل أخرى أقل أهمية.
وأخيرا فإن البرنامج الإقتصادي لن يقتصر على بيان رؤيته لما ينبغي عمله في اصلاح البنية المؤسسية لإدارة الموارد المالية للدولة، أو ما يعتبره أهم المشاكل الإقتصادية التي تواجه الإقتصاد المصري في الفترة الحالية، بل لابد أيضا من أن يقدم الحزب رؤيته بالنسبة إلى أدوات السياسات الإقتصادية المتعددة ومدى حدودها وكيفية التعامل معها.
ولذلك فإن البرنامج الإقتصادي يتضمن ثلاثة أجزاء يطرحها الباحث المصري الدكتور عادل عامر، وهي تتلخص بالتالي :
أولاً- البنية المؤسسية لإدارة الموارد المالية للدولة.
ثانياً- المشاكل الأساسية للإقتصاد المصري في الوقت الراهن.
ثالثاً- السياسات الإقتصادية وحدودها ومداها.
لم يلتفت الكثيرون إلى المرسوم الذي أصدره الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في نهاية تشرين الثاني، والذي فوّض بموجبه الهيئة المسؤولة عن إدارة الأراضي والعقارات التي لم تعد تستخدمها القوات المسلحة المصرية، بالانخراط في نشاطات ربحية وتأسيس الشركات التجارية مع نظيرات محلية وأجنبية. وبعد أسابيع عدّة، في أوائل كانون الثاني 2016، أوعز إلى البنك المركزي تحفيزَ القطاع المصرفي في البلاد على ضخّ 25 مليار دولار لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تواجه صعوبات متزايدة في ظل الوضع الراهن للإقتصاد المصري.
يدلّ هذان المرسومان وغيرهما من المراسيم التي أصدرها السيسي منذ تسلّمه الرئاسة في العام 2014، على توجّه أوسع يتجاوز فيه الرئيس باستمرار الهيئات الحكومية المسؤولة إسمياً عن صنع السياسات والإدارة الإقتصادية. وهذا يعكس إلحاح السيسي على ضرورة حلّ مشاكل البلاد الإجتماعية والسياسية. لكن ممارسته دوراً مبالغاً فيه في وضع الأجندة والتوجهات العامة للإقتصاد المصري، لن تحقّق على الأرجح الأهداف المرجوّة، بل قد تفاقم المشاكل القائمة أو تسفر عن مشاكل جديدة.
تكشف سلسلة المراسيم الرئاسية والمبادرات الإقتصادية التي أصدرها السيسي كم أن إدراكه محدود لطبيعة وأسباب المشاكل البنيوية التي تواجهها مصر: الفقر، والبطالة، وتدنّي مستوى الإنتاجية، وتجمّع القوى العاملة على طرفَي نقيض بين المهن عالية المهارات والمهن متدنية المهارات ونقص الطلب على المهن متوسطة المهارات (المهن الصناعية والوظائف الروتينية)، وعدم كفاية الاستثمار، وما هذه سوى المشاكل الأكثر وضوحاً على سبيل المثال.
عموماً، أدّى نهج السيسي إلى مزيج من المراسيم التشريعية والإدارية التي تتميّز بالتضارب والتناقضات الكامنة. ويبدو هذا واضحاً من استعراض ثلاثة مجالات فقط كانت قد حددتها يزيد صايغ في مركز كارنيغي للشرق الأوسط : التركيز المبالَغ فيه على المشروعات العملاقة لحفز النمو الإقتصادي، والنهج الفضفاض للإصلاح الإداري في قطاع الخدمة المدنية، والرؤية الأحادية لكيفية توليد قدر كبير من رؤوس الأموال الجديدة في الإقتصاد.
عوامل انهيار الجنيه
كشف تقرير عن وضع مصر سعر صرف بقيمة 8.25 جنيها مقابل الدولارفي ميزانية العام 2016-2017 وهو ما يؤكد توقعات عن استمرار تراجع الجنيه مقابل الدولار في ظل ارتفاع سعر صرفه في السوق الموازية إلى 8.8 جنيهات للدولار، مع اتفاق البنك المركزي مع شركات الصرافة على عدم زيادة السعر عن 8.65 جنيها للدولار، بينما يبلغ سعر الدولار في البنوك حاليا 7.83 جنيها
ووفقا لتحليلات الخبير الإقتصادي الدكتور أشرف دوابة هناك 7 عوامل تقف وراء استمرار التراجع في الجنيه المصري مقابل الدولار الأميركي: *الأول خاص بعوامل داخلية مرتبطة بسياسات الحكومة وعجزها عن الوفاء بوعودها، ومنها ما هو مرتبط بالسياسة النقدية للبنك المركزي واستمرار عجز الموازنة العامة للدولة إلى مستويات غير مسبوقة والمتمثل أساسا في ارتفاع النفقات وتراجع الإيرادات.
*العامل الثاني الذي أدى إلى مزيد من تدهور الجنيه كان نتيجة عجز شركات البترول الحكومية عن تسديد الديون المستحقة عليها لشركات التنقيب الأجنبية.
*العامل الثالث وهو الذي ارتبط بمزيد من الواردات الاستهلاكية من سلع كمالية وترفيهية.
*العامل الرابع والذي ارتبط بمزيد من دفع الأقساط للديون الخارجية المستحقة على مصر، وهذا البند مرشح للتزايد نظرا لتزايد حجم الدين الخارجي الذي بلغ 46.2 مليار دولار.
*العامل الخامس يتمثل في تلاعب كل من المستوردين والمصدرين في مستندات الاستيراد حتى يستطيعوا تهريب الدولارات خارج البلاد، وفتح حسابات خارجية للمستوردين والمصدرين بالدولار.
*أما العامل السادس فقد ارتبط بازدهار تجارة العملة خارج النظام المصرفي، فالفارق الكبير بين السعر الرسمي وسعر السوق السوداء يغري الجميع بالطلب على الدولار حتى يستطيع تحقيق مكاسب سريعة للغاية.
*العامل السابع والأخير - بحسب دوابة - فهو مرتبط بتجارة المخدرات وتشير الإحصائيات إلى تزايد حجم الإنفاق علي المخدرات بشكل يدعو إلى الصدمة، حيث قدر حجم الإنفاق على شراء المخدرات عام 2014 بـ 60 مليار جنيه على الأقل وفق تقديرات متوازنة من المختصين.
يشكّل إصلاح الإقتصاد المصري وتحقيق نمو مستدام تحدّياً كبيراً. بيد أن النهج الحالي يعيد إنتاج اعتماد مصر منذ فترة طويلة على الريع، ويحكم على البلاد بالسعي إلى تحقيق هدفٍ لايفتأ يتحرّك بعيداً عن متناولها. وبما أن السيسي منح نفسه هذا الدور المركزي في توفير فرص العمل وتحقيق النمو، فهو يخاطر في الوقوع بشكلٍ دائم في الحلقة المفرغة للإقتصاد المصري.