
وجهت لجنة كفرحزير البيئية كتابا مفتوحا إلى رئيس الحكومة والوزراء المعنيين، وإلى محافظ لبنان الشمالي، جاء فيه:
"أهلنا في كفرحزير الكورة تقتلهم مداخن ومقالع مصانع إسمنت شكا. نتمنى أن يكفيكم الله وعائلاتكم شر ما نعانيه من موت بالسرطان والأمراض الصدرية التي تنشرها مداخن ومقالع هذه الشركات، حتى صح أن يقال إن الكورة قد تحولت إلى مقبرة مأهولة، كفرحزير والكورة ما عادتا مكانا صالحا للحياة، كل ما حولنا يشير إلى موت البشر والطبيعة وتدمير ما خلقه الله آية جمال واخضرار.
مقالع التراب الأحمر التي حفرت منذ عشرات السنوات شوهت خارطة سهل زيتون الكورة وأدت إلى استفحال مرض عين الطاووس بعد تحولها إلى بحيرات ومستنقعات. ومقالع التراب الأبيض من الجهة الغربية هي أسوأ ظاهرة دمار بيئي عرفها لبنان، تزيل واجهة كفرحزير وواجهة الكورة البحرية وتقتلع جبالها التي تحميها من الرياح البحرية الغربية السامة واحدا تلو الآخر. إن هذه المقالع مخالفة لجميع القوانين وهي تعتبر اعتداء سافرا على واجهة الكورة البحرية. وقمة هذا الإعتداء هو إزالة جبال المجيدل والبدء بإزالة منطقة الزاروب التي هي معبر الهواء البحري الغربي السام إلى كفرحزير وسائر قرى الكورة، وإن إزالة هذه الكتلة الجبلية سيؤدي إلى تغيرات مناخية خطيرة. إن معظم الرياح جنوبية غربية، وبالتالي فإن وجود هذه المقالع سيشكل خطرا على صحة سكان الكورة لما تحمله هذه الرياح من ذرات الغبار الناعمة الخطيرة التي تحتوي على كاربورات الكالسيوم وسيليكات الكالسيوم، كما هي خطر على جميع البساتين والتربة الزراعية وتحويلها إلى تربة غير صالحة للزراعة.
تصوروا أنكم في مكان تحيط به المقالع في جميع الاتجاهات. وكأن ذلك لا يكفي، فقد بدأت إحدى هذه الشركات بحفر مقلع جديد على قمة جبل قصبا، الجبل الأجمل في كفرحزير، بعدما حفرت عشرات المقالع في عمل إستفزازي عدائي لأهل الكورة ولكل اللبنانيين الذين يجمعهم دستور واحد تعرفون بلا شك ما تؤكده فقراته الأولى (الحفاظ على الأرض)، واستخفاف بوطن نشيده الوطني يخلد جمال سهله وجبله. وها هي شركات الموت تغتال أهله وجبله وسهله في أقدس وأجمل بقاعه لاستخراج تراب الإسمنت الذي تبيعه للشعب اللبناني بأكثر من خمسة أضعاف كلفته، وبضعف سعره العالمي من أجل أن تحفظ حصة بعض رموز الفساد من الرشاوى والهدايا، وقد أضحينا نعرفهم واحدا واحدا بالأسماء والمبالغ المالية التي يقبضونها من شركات الموت.
في كل غرام من الغبار ملايين الجراثيم البكتيرية الضارة، فكيف بكميات هائلة من الغبار داخل رئة كل مواطن لبناني في كفرحزير والكورة، إضافة إلى ما يطير في هوائها؟.
نفايات غبار الإسمنت القاتل تنتشر في هواء الكورة، وبدل أن تتخلص منه هذه الشركات بطرق بيئية آمنة كما تفعل جميع الدول، تقوم بدفنه أو رميه في العراء داخل المقالع مع ما يحتوي من مواد ملوثة كالكروم والكادميوم وسواهما، تحمله أقل هبة ريح من الرياح الغربية لينتشر في هواء وتراب كفرحزير والكورة.
إن أرض كفرحزير مصنفة بالكامل أراضي بناء وأراضي زراعية، وتتمتع بقرارات الحماية وليس فيها أي منطقة مصنفة مقالع. إن هذه المقالع قد أصبحت بالقرب من بيوت القرية السكنية ما يشكل خطورة بيئية وصحية. كما أن قسما آخر من هذه المقالع التي يمتد كل منها على مساحة 1700 متر، هي فوق شرايين المياه الجوفية وعلى بعد أمتار من ينابيع البلدة، وبجوار بساتينها الزراعية الخصبة، وبالتحديد فوق مجاري المياهوملاصقة لأهم مناطق الأحراج التراثية.
إننا نطالب بوقفة شرف وضمير تتمثل في إقفال هذه المقالع السامة بشكل فوري ونهائي قبل أن تقضي على من تبقى من أبناء الكورة وقبل أن تحول الكورة الخضراء إلى الكورة الصحراء، شاكرين لكم مساعدتكم الإنسانية سلفا، لافتين نظركم الكريم إلى أن السماح باستيراد الإسمنت هو قرار وطني تشكرون عليه لما له من وفر على الخزينة اللبنانية وعلى الشعب اللبناني بأكثر من خمسين دولارا للطن، علما أن السعر العالمي للإسمنت يتراوح بين 42.5 و53 دولارا، معبأ في أكياس سعة 50 كيلو، وهذا الإسمنت مستخرج بالغاز الطبيعي وليس بالفحم البترولي المستعمل في شركات شكا. فإلى متى يدفع الشعب اللبناني من ماله وصحته وحياته فاتورة جشع وإجرام مافيا الإسمنت في لبنان وعملائها.
إن السماح باستيراد الإسمنت يضع حدا لعملية اغتيال المال العام وسرقة المواطن اللبناني، ويحمي لبنان من تشويه بساتينه الغناء ويوقف مجزرة السرطان في الكورةكما يوقف نهر دموع الأمهات الثكالى ودعواتهم، بعد أن أصبحت الشكوى إلى الله ملاذهم الوحيد للإنتقام لفلذات أكبادهم ممن سبب موتهم بالسرطان وممن يسهلون لهم ويرتشون منهم، والله يمهل ولا يهمل والقاتل يقتل ولو بعد حين، والمال الحرام كفاكم الله شره يذهب وأهله إلى الجحيم حيث سيجتمع جميع أبالسة الإرهاب البيئي والمجرمين واللصوص والكذبة".