خلاصات "المنتدى الاقتصادي العالمي":
النمو وتشغيل الشباب ومشاركة المرأة
شكل افتتاح المنتدى الاقتصادي العالمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا "دافوس" أعماله في "الشونة" على شاطئ البحر الميت في الأردن، حدثاً غير عادياً، فهو
أولاً، عقد أعماله في الأردن للمرة السابعة. وثانياً، إنه عقد في ظل أزمة مالية دولية. وثالثاً، أنه أتى في منطقة تعيش اضطرابات غير مسبوقة في تاريخها.
وقد شارك في المنتدى أكثر من ألفي شخصية من رؤساء الدول والوزارات وصناع القرار في مجالي السياسة والاقتصاد. كما وشاركت في اجتماعات المنتدى، شخصيات رائدة في مجالات الصناعة والتجارة والإعلام ومؤسسات المجتمع المدني، ناقشت قضايا اقتصادية وتنموية على الصعيدين الدولي والإقليمي، في ظل تحولات سياسية عميقة في المنطقة وتباطؤ اقتصادي عالمي.
ومثل المشاركون أكثر من 23 دولة من أنحاء العالم، وأكثر من 40 شركة عالمية في مجالات الاستثمار والبنوك والطاقة والتكنولوجيا والبنية التحتية والاستشارات، وبعض الجامعات العالمية العريقة.
كلمة ملك الأردني
ركز المنتدى الذي جاء تحت عنوان"تحسين ظروف النمو والمرونة"، على تشكيل اقتصاد المنطقة، والأنظمة الاجتماعية، والحكم في المستقبل. كما يضم جدول أعمال المنتدى ملفات حول كيفية بناء النمو الاقتصادي المستمر، وكيفية توجيه التعليم ليصب في سوق العمل.
وفي كلمة افتتاحية، أعرب ملك الأردن عبد الله الثاني عن اعتقاده بأن منطقة الشرق الأوسط تتمتع بالإمكانيات التي تتيح لها حل المشاكل الاقتصادية. وقال "إننا نمضي تاركين وراءنا حقبة تاريخية من التحدي الاقتصادي، اتسمت بتباطؤ الاقتصاد العالمي، والاضطرابات الإقليمية، والتعافي البطيء في الاقتصاديات العالمية الكبرى. ولا تقتصر المهمة أمامنا على تحقيق التعافي فحسب، بل علينا تحفيز النمو من جديد".
وأشار الملك عبد لله إلى أن الأزمة الاقتصادية الأكثر إلحاحا في المنطقة هي البطالة بين الشباب، وهي تتطلب اتخاذ إجراءات عملية، ومضاعفة جهود الإغاثة الفورية لتلبية الاحتياجات العاجلة، ووضع إستراتيجيات شاملة تحقق معدلات نمو مرتفعة لتوفير ملايين فرص العمل بالسرعة الممكنة.
وقال إن مثل هذه التحديات خطيرة، لكنه أعرب عن اعتقاده أن ثمة إمكانيات هائلة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لا تساعد على حل المشكلات فحسب، بل وتدفع للتحرك إلى الأمام بقوة.
من جهته، قال رئيس الحكومة الأردنية عبد الله النسور إن بلاده تتوجه نحو قطاع عام أصغر. وشدد - خلال إجابته على أسئلة الحضور- على ضرورة فحص العلاقة بين القطاعين العام والخاص في المملكة. وأضاف "حتى لو قمنا بالخصخصة، فإن القطاع العام سيظل مهيمناً من حيث الأنظمة، وأحد المسائل التي تنبغي معالجتها هي تحريره وعدم الاكتفاء بالخصخصة".
القطاع الخاص
وأشار إلى أن القطاع الخاص في الأردن لا يزال مترددا في أن يلعب الدور المطلوب أن يلعبه. وأضاف أن على القطاع الخاص أن يكون أكثر ثقة بنفسه.
وذكر النسور أن تدهور الأوضاع الإقليمية والعالمية خفض إجمالي الناتج المحلي للأردن بما بين 6.5% و2.7%. وقال "إن التحديات العالمية والإقليمية تفاقمت علينا بسبب عدم وصول الغاز المصري للأردن، بالإضافة إلى تدفق اللاجئين السوريين".
وأوضح أنه نتيجة لذلك، فإن عجز الموازنة العامة ازداد إلى 9.7 % من الناتج المحلي الإجمالي، والمديونية العامة زادت ووصلت إلى 75% من إجمالي الناتج المحلي عام 2012.
وتوقع رئيس الحكومة الأردنية أن تشهد بلاده خلال العام الحالي تحديات كبيرة، خاصة وأن الاقتصاد الوطني يواجه الصدمات المحلية والخارجية.
صندوق النقد
وعلى هامش أعمال المنتدى، وزع تقرير الأجندة العالمية لعام 2013 والذي أكد أن التعليم وتوفير فرص العمل عنصران أساسيان لتحقيق طموحات الشباب في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ووفق التقرير، فان الشباب الذين تقل أعمارهم عن 25 سنة يشكلون الجزء الأكبر من سكان العالم العربي ولديهم طموحات كبيرة في المستقبل، يتطلب تحقيقها مستوى تعليم عال.
وحذّر مسؤول بصندوق النقد الدولي إن دول الربيع العربي تواجه توترات اجتماعية متصاعدة قد تحبط أي تعافٍ اقتصادي مبكر بعد عامين من الاضطرابات السياسية التي أدت إلى تفاقم الضغوط المالية وتهدد استقرار الاقتصاد الكلي.
وقال مدير صندوق النقد للشرق الأوسط وشمال أفريقيا مسعود أحمد إن المغرب وتونس ومصر والأردن (وجميعها دول مستوردة للنفط) تواجه «ضربة مزدوجة» نتيجة ارتفاع تكلفة استيراد الطاقة والغذاء وتأثير التراجع الاقتصادي العالمي إلى جانب تنامي الاستياء الشعبي منذ بداية موجة الانتفاضات العربية قبل عامين.
التحدي الكبير
وأضاف أحمد على هامش المنتدى الاقتصادي: "التحدي الكبير هذا العام هو التعامل مع توقعات مواطنين يقل صبرهم بشكل متزايد وأخذ الإجراءات التي تحقق الاستقرار الاقتصادي وتبدأ في إرساء أسس تحول اقتصادي من شأنه أن يوفر مزيداً من فرص عمل ويحقق نمواً شاملاً". ومضى قائلاً: "تلك التحولات السياسية بدأت تصبح أطول أمدا وفي بعض الحالات مثار خلاف في حين ترتفع نسبة البطالة وتتصاعد القلاـقل الاجتماعيـة".
وتابع أحمد أن "مشكلة الدول التي تشهد احتجاجات تفاقمت نتيجة زيادة الإنفاق على دعم الغذاء والطاقة ما اضطر الحكومات للسحب من احتياطيات النقد الأجنبي والتوسع في الاقتراض الداخلي بأسعار فائدة مرتفعة زادت من الدين العام". وذكر المسؤول أن الاضطرابات السياسية تضر بالاستثمارات الخاصة التي تحتاج إليها الدول بشدة.
وأضاف أحمد: "لم تترسخ ثقة القطاع الخاص في عدد من هذه الدول لذا فإن التعافي الذي تحقق في عام 2012 ناجم عن استمرار الإنفاق الحكومي وليس تعافي الأنشطة الخاصة". وقال إنه "بعد عامين من زيادة الإنفاق على الأجور والمواد الغذائية والوقود، سيرتفع العجز في الميزانية أكثر ليصل إلى ثمانية في المئة في المتوسط في العام الجاري". وفي مصر على سبيل المثال يتوقع أحمد أن ينمو العجز إلى ما بين 10 و12 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للعام الحالي. وتابع: "نتيجة لذلك بدأ عجز الموازنة يرتفع وفي بعض الحالات بلغ مستويات لا يمكن أن تدوم في المستقبل".
دعم الطاقة
وقال أحمد: "في خضم تحول سياسي واجتماعي يصبح من الصعب تبني الإصلاحات اللازمة لخفض العجز في الموازنات او محاولة التحرك لحماية احتياطياتك ولكن خيار تأجيل مثل هذه الخطوات لفترة أطول ليس قائما بالنسبة لكثير من الدول». وأضاف: «هامش المناورة محدود جداً. يجدون اليوم ان القدرة على الاقتراض من السوق المحلية تتقلص وتراجعت الاحتياطيات لمستويات لا تتحمل ان تنخفـض أكثـر".
وختم أحمد: إن الصندوق يدعو دول المنطقة الى إعادة النظر في هيكلة الدعم الحكومي للطاقة، مشيراً أن تكلفة الدعم في المنطقة حوالي 240 مليار دولار. وأوضح أن إعادة النظر في الدعم الحكومي في المنطقة يعتبر أولوية خاصة وأن الدراسات تظهر ان الحصة الأكبر من الدعم تذهب للأغنياء. وقال أحمد إن إصلاح الدعم سيؤدي إلى إعطاء دفعة للنمو والحد من الفقر وتحقيق قدر من المساواة إذا ما اقترن بشبكة أمان جيدة التصميم وزيادة الإنفاق لصالح الفقراء كما سيساهم اصلاح دعم الطاقة على تحسين الحوافز لاعتماد تكنولوجيات موفرة للطاقة.
(كادر) إضاءة
تأسس المنتدى الاقتصادي العالمي عام 1971 هو منظمة دولية مستقلة وغير ربحية، يشارك فيها قادة الأعمال والفكر والسياسة والاقتصاد بهدف تحسين الأوضاع في العالم.
ويوفر المنتدى منبراً فكرياً وإعلامياً مهماً للقضايا الاقتصادية والسياسية والتنموية، كما يصدر عنه مجموعة من التقارير والمؤشرات في مجالات قياس الأداء والتنافسية. وينظم المنتدى مجموعة من الاجتماعات الإقليمية المتخصصة، مثل اجتماع الشرق الأوسط، واجتماعات أخرى لدول شرق آسيا وأميركا اللاتينية.