
لا تزال نتائج التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الاوربي تتفاعل بقوة على الأرض، حيث تتواصل التداعيات السلبية على اوروبا وبريطانيا نفسها، لاسيما في مجال حركة الاموال وتعاملات البنوك، وقيمة العملات التي تدحرجت الى الحضيض، حيث بلغ قيمة الجنيه الاسترليني بأدنى مستوى له منذ عام 1985، اي قبل ما يقرب من 30 عاما، ولم تكن معظم التوقعات تميل الى تفوق الداعين الى الانفصال، ما أدى الى صدمة لا تزال وستبقى تفاعلاتها مستمرة الى وقت قد يطول كثيرا. وفي منتصف النهار تراجعت بورصة باريس بنحو 8% وفرانكفورت باكثر من 7% تقريبا ولندن بنحو 5%. وسجل مصرف "دويتشه بنك" تراجعا بنحو 14% مثل "كريدي اغريكول" (الائتمان الزراعي)، و"بي ان بي باريبا" بأكثر من 16% بينما تراجع "سوسييتيه جنرال" بنحو 20%.
في موازاة ذلك، سجلت القيم المرجعية مثل الين واونصة الذهب ارتفاعا كبيرا بينما تهافت المستثمرون على سوق السندات. وارتفع الذهب الى اعلى قيمة له منذ عامين. وسجلت سندات الدين الالمانية "بوند" نتيجة سلبية كما كانت فائدة الاقتراض على عشر سنوات في فرنسا وبريطانيا عند ادنى مستوى تاريخي بينما اهمل المتعاملون سندات ديون الدول الاضعف اقتصاديا. امام هذا الانهيار، اعلن "بنك انكلترا" استعداده ل"ضخ 250 مليار جنيه استرليني" (326 مليار يورو). وبدوره ابدى المصرف المركزي الاوروبي استعداده لتوفير "السيولة اللازمة عند الضرورة باليورو والعملات الاجنبية" وقال انه سيتحمل مسؤولياته ازاء ضمان استقرار الاسعار والقطاع المالي في منطقة اليورو.
ومع انهيار الاسواق الاسيوية، اعلن بنك اليابان "استعداده لضخ السيولة" بالتشاور مع المصارف المركزية الاخرى للحد من الاضرار في الاسواق المالية. ولكن ذلك لم يمنع بورصة طوكيو من الاغلاق بتراجع ناهز 8% عند الاقفال. وخسر عملاقا تصنيع السيارات اليابانيان "تويوتا" و"نيسان" اللذين لديهما مقرات في بريطانيا اكثر من 8%. وتاثر النفط ايضا مسجلا تراجعا باكثر من 6% في التبادلات الالكترونية في اسيا مع تسحيل تراجع قوي في باقي الاسواق.
وكان المسؤولون في الحي "سيتي" بلندن حذروا قبل الاستفتاء بأن الأوساط المالية البريطانية ستخسر الكثير في حال الخروج من الاتحاد الأوروبي، مبدين مخاوفهم من عاصفة مالية، ولافتين على المدى البعيد إلى احتمال أن تخسر المصارف البريطانية قسما من حقوق الدخول إلى السوق المالية الأوروبية. وكان العاملون في حي "سيتي" وفي "كناري وارف"، حي الأعمال والمصارف الآخر الحديث في لندن، استعدوا لقضاء الليل بكامله في مراكز عملهم تحسبا لأي احتمال، وأكدت الوقائع صحة تقديراتهم، فأمضوا ساعات الليل أمام شاشاتهم العملاقة، مطلقين أوامر على الهاتف لبيع أسهم وسندات.
وقالت وكالات التصنيف الائتماني إن التباطؤ المتوقع في النمو عقب التصويت له أثر سلبي على التصنيف الائتماني للبلاد. وقد يؤثر المناخ السياسي أيضا على الاقتصاد إ سيقل إنتاج الاتحاد باستثناء بريطانيا بنحو واحد بالمئة بحلول 2020