صاحب مؤسسة كلوس سانت توماس سعيد توما:
للنبيذ فلسفته في لبنان
كشف السيد سعيد إن عائلة توما أطلقت عرق توما في العام 1888 ولا يزال هو واخوته يعملون في المؤسسة مشتركين. أما عن مؤسسة سان توماس فهي منفردة لعائلتي وتنتج النبيذ فقط.
يؤكد السيد توما أن التصدير لم يزدد الى الخارج في قطاع إنتاج النبيذ، بل ولا نزال نقوم بمجهود شخصي لفتح أسواق جديدة في كل أنحاء العالم، في غياب أي دعم من الدولة لتساعدنا في صادرات هذا القطاع.
وعن تصنيف لبنان في صناعة النبيذ، قال توما: إنه وحسب الاختبارات يعتبر سهل البقاع على امتداد الجمهورية اللبنانية من أهم سهول العالم لزراعة كرمة النبيذ، وذلك بسبب نسبة ارتفاعه عن سطح البحر ومناخ المنطقة والرطوبة فيه والطقس المناسب الذي ينتج عنه ندى الصباح، وهذا ما يساعد في اعطائنا نوعية عنب ممتازة فنصنّعها للنبيذ الذي ننافس فيه أهم نبيذ في العالم، اليوم العالم يحسب حساب النبيذ اللبناني. وقد أجريت أختبارات حول كرمة العنب في لبنان، فهي تُزرع على المنحدرات وليس في السهل، وهي منحدرات بعيدة عن المياه. فالمعروف أنه كلما أبعدنا المياه عن جذع شجر العنب كلما اعطت نوعية مهمة للصناعة. كل أنواع العنب التي ننتجها نزرعها على منحدرات في مواجهة للشمس، في الصباح تستقي بالندى ويتجدل العنقود بالماء وعند بزوغ الشمس تجففه، وبعد عند الظهر تلفحه الشمس فيعطي طعماً ولوناً غريباً.
تجربة نادرة
وحول التجربة النادرة والناجحة للمهندس أسعد، أكد توما ان لديه الخبرة الكافية التي اكتسبها منذ سنة 1952 حين تخرج من المدرسة وتوجه مباشرة الى القطاع الزراعي في الكرمة وتقطير العنب المخصص للعرق. وقال توما: إن زراعة كرمة النبيذ وصناعته تختلف هذه الأيام عن الماضي، لذا تخصص ابني أسعد في زراعة كرمة العرق وكرمة النبيذ التي تختلف زراعتها في لبنان عن بقية العالم.
فهو تخصص في الجامعة اليسوعية، وأراد ابتكار نوعية نبيذ يتكلم عنه العالم، وطبق تجربة جديدة في 2005 فبدل أن يحمّل العريشة بين 5 و20 كيلو، حمّل كل عريشة أقل من كيلو تقريباً، وعصرنا النبيذ ووضعه في براميل الخشب ستة أشهر فقط، وعبأه في الزجاجات من العام ذاته الى اليوم، وفي تشرين الأول 2012، شاركنا في دورة مونديال دو ويرلو في سويسرا، وأرسلنا هذه النوعية الى هناك حيث تنافس قرابة 300 نوع في العالم، وكانت النتيجة في الفحوصات أن سبعة أصناف في العالم بينه الصناعة التي ابتكرها أسعد، وبعدها اختار سبعة خبراء الزجاجات السبع الباقية، ووقع اختيارهم على ابتكار أسعد ليكون الرقم واحد في العالم، فأرسلوا بطلبه الى سويسرا ونظموا له حفل تكريم لنوعية الصناعة الفريدة في العالم.
سبب النجاح هو الخبرة في الزراعة لأننا نعرف أي تراب وأي أرض نزرع فيها شتلة العنب المخصصة للنبيذ، ونوعية العنب الذي ينجح في هذه الأرض وما لا ينجح. بالاضافة إلى التصنيع.
ثم درس أسعد (أورولوجي) في مونبيليه في فرنسا بالإضافة الى الخبرة التي اكتسبها مني، وهو يعمل معي منذ ست سنوات وكل سنة يربح 12 ميدالية ذهبية يفتخر بها لبنان.
فلسفة الزراعة
وعما إذا كانت تقدم هذه الصناعة قوة لاقتصاد لبنان، قال توما: الجميع يصنع النبيذ، لكنه يتابع قطاع النبيذ في لبنان ويجب أن يقوم باختبار للأراضي ليعرف أيها تصلح لزراعة العنب، وللزراعة فلسفتها وليس أن نسير في الطرق التقليدية القديمة، لأنها تختلف كثيراً. فالخبرة هي الأساس.
ويتابع توما: إن لبنان يسير في طريق مشرقة في صناعة النبيذ، ونستطيع قول هذا شرط أن تأخذ الدولة هذا الموضوع باهتمامها وتقدم له الدعم. على غرار الدول الأخرى مثلاً فرنسا، تدعم قطاع الزراعة وتقدم له الشتول، وتنشئ تعاونيات للمزارعين الصغار الذين يقطفون العنب ويصنعونه نبيذاً للخارج، وهذا ما يدعم قطاع التصدير، بينما اليوم يعتبر النبيذ اللبناني الأغلى في العالم، لأننا نستورد الزجاجات من الخارج والفلين من البرتغال والكبسولة من إيطاليا والختم من فرنسا، بالاضافة إلى أنه ليست لدينا معامل لصناعة الزجاج بمواصفات عالمية.
موعد لم يحصل
ورداً على سؤال حول الاجراءات المطلوبة للدعم والمتابعة من قبل الدولة، وعما إذا كان هناك إجراء ووضع رسوم، كشف توما أنه في العام 1998 طلب عبر وزير الصناعة شوقي فاخوري موعداً من رئيس الحكومة وقتها الراحل رفيق الحريري، وقلت له إن قطاع النبيذ سيغزو العالم ولكننا كأفراد لا نستطيع ان نفعل شيئاً، وأن سهل البقاع بكل جوانبه أهم سهول العالم في زراعة الكرمة، وبعد منع زراعة الممنوعات الذي يتضرر منه كل العالم، فلتساهم الدول المتضررة بارسال شتول الكرمة كزراعة بديلة عن الممنوعات، فيتم زرع البقاع كله بالتنسيق مع خبراء، وبعد نضوج العنب لدينا اربعة مصانع للنبيذ والعرق، وعندها يأتي دور الدولة في الدعم والتصريف. بالإضافة الى فرض التبادل بيننا وبين الدول التي نستورد منها صناعات مثل صناعاتنا، على سبيل المثال مصر، نستورد منها البطاطا والثوم والمانغا وغيرها، ولكننا لا نورد إليها شيئاً، والهند نستورد منها الويسكي ولا نورد إليها شيئاً، ولا بد أن يكون هناك تفاوض وتبادل فاذا فتحت الأسواق مع مصر وافريقيا والهند، عندها إذا دعمتنا الدولة لنغزو العالم تكون قد قامت بانجاز، ولكن هذا لم يحصل وقتها، وننتظره حتى اليوم.
اليوم الوزير الحاج حسن سلّم قطاع الكحول الى الوزير جبران باسيل لأنه حاج ولا يستطيع التعامل مع الكحول، ونحن لا نستطيع الآن أن نتكلم مع أحد.
نبيذنا غالِ
وحول تشجيع الزراعات البديلة للقطاع الزراعي والصناعي وانعكاس ذلك على الاقتصاد اللبناني. طالب توما الدولة القيام بخطوات كإعفاء صناعة النبيذ من رسم 200 ليرة، في خطوة أولى، والثانية إيجاد مصانع لانتاج الزجاج بمواصفات عالمية. وفتح أسواق ومساعدة الصناعيين في المعارض وتكثيف الخدمات الإعلانية للصناعة والاقتصاد.
وعما إذا كان الاغتراب اللبناني يؤدي دوراً في هذا الموضوع، أكد توما: إن نبيذنا غالِ لذا يفضل الأجنبي شراء السلعة الأجنبية لأنها أرخص من اللبنانية، ويتركز عملنا على بيع المطاعم اللبنانية التي تقدم كل أصناف الطعام اللبناني ويترافق معه نبيذ وعرق لبناني، ولكن المطاعم الأجنبية لا تأخذ الصناعة اللبنانية، وهذا ما يؤثر علينا.
عملية التسويق
ورداً على سؤال عن تأثيرات التعبئة والتغليف في عملية التسويق، رأى توما أن زراعة كرمة النبيذ في البقاع تختلف عن الزراعة في أوروبا، زراعة كرمة العنب الأسود في شمال فرنسا تعطي عصيراً كثيراً كون الطقس ماطراً معظم أيام السنة، فجربنا زرعها في البقاع لتعطي نتيجة مماثلة فقام ابني اسعد واختبرها وجد أن زراعتها يجب أن تكون في منطقة عالية قرابة 1250 وفي منطقة مواجهة للغرب لتسلط عليها الشمس في المغيب. وطلع الانتاج سنة 2008 وصنّعناه نبيذاً وكان من اهم الصناعات وأعطى لوناً قاتماً. أي اننا زرعنا الكرمة التي تزرع في أماكن معينة من العالم وصنّعناها بشكل مماثل لفرنسا ونلنا عليه ميدالية من منطقة بوردو الفرنسية. أي أن لدينا صنفين الفورنوار المونرو وقد يحدثان تحوّلاً في صناعة النبيذ، ما صار يميز لبنان في هذه الصناعة.