نائب مدير "مزارع ولكو" سيمون بطرس:
السوق المحلية تحولت نحو الصناعات الغذائية الجاهزة
من المفيد جداً معرفة الخدمات التي يؤكدها نائب مدير مزارع ولكو بطرس سيمون بطرس إلى المستهلك اللبناني. فمع إزدياد نسبة النساء العاملات في المجتمع وابتعادهن عن المطبخ بات من الضروري لأي شركة زراعية تحويل منتجاتها إلى جاهزة للأكل لمواكبة هذا التغيير في حاجات المستهلك اللبناني.
في هذا المنعطف تقوم شركة و"لكو" بتوظيفات كبيرة من أجل دخول سوق اللحوم والدواجن المحضّرة والمطهوة كلياً أو جزئياً.
يتحدث السيد سيمون بطرس بأسهاب عن أسباب النشاط الذي شهده لبنان في 2010 و2011 حيث شهد النشاط نمواً 5 في المئة في كل القطاعات، وتميز في هذه الفترة قطاع الصناعة الغذائية، كون السوق اللبنانية تتحول من المواد الخام الى المواد المصنّعة، مثلاً بدل أن تأخذ السيدة دجاجة وتحضرها، تشتري الدجاجة معدة وجاهزة. وبدل أن تحضّر الحمص تشتريه جاهز، فالسيدة التي تعمل لم يعد لديها وقت للطبخ، لهذا وجدت الصناعة الغذائية، وهي في المجتمعات المتطوّرة تنمو، خصوصاً الطعام الجاهز أو المطهو نصف طهو.
ويرى بطرس أن أسباب اتساع دائرة الصناعات الغذائية هو الإغتراب اللبناني، ويشير إلى وجود 13 مليون لبناني منتشر في العالم، يهمهم المنتج اللبناني، لهذا إذا بحثت في أماكن تواجد اللبنانيين تجد فيها محلات تبيع الصناعات اللبنانية فقط مثل الحبوب والحمص بالطحينة والمأكولات الجاهزة غير الموجودة في كل الأماكن، ونحن نصدّر الى كندا وأميركا وأوروبا.
لهذا نجد أن السبب الأول في نمو الصناعات الغذائية هو تحوّل السوق المحلية نحو الصناعات الغذائية الجاهزة. والسبب الثاني في الإنتشار اللبناني في دول الاغتراب في العالم.
مشاريع استرتيجية
وعن مشاريعه الاستراتيجية للمستقبل، يشير بطرس إلى عدة مشاريع منها:
مشروع إنشاء مسلخ جديد للدواجن وبرادات تخزين لإنتاج الشركة ومشروع إنشاء مصنع لمنتجات اللحوم والدواجن المطبوخة كلياً أو جزئياً مثل "الناغتس" و"الكوردون بلو" وغيرها.
بالإضافة إلى هذين المصنعين هناك مشروع جديد عبارة عن مصنع تحويل فضلات الدجاج إلى طعام جاهز للكلاب والقطط. ولدينا مشروع رابع هو مصنع لتحضير علف الدواجن، وهو أكبر معمل في لبنان، والمعمل الأخير هو لسدّ حاجاتنا وللبيع في الأسواق.
وعن رأيه بالإتفاقات التجارية والخطوات الواجب اتخاذها من قبل الدولة، قال بطرس أن اتفاقيات تيسير التجارة العربية تسمح بإدخال البضائع التي فيها أكثر من 51 بالمئة منشأ عربي. أي الأسواق اللبنانية من دون أي رسوم جمركية.
إن أساس الصناعة هي الطاقة والعمالة، فنحن مثلاً لا نستطيع منافسة مصر لأن فيها كلفة العمالة أقل والغاز زهيد السعر. وكذلك السعودية وقطر والإمارات أيضاً، والأخيرة تستورد بضائع كالدجاج البرازيلي ويغيرون الغلاف فيصبح المنتج إماراتي! علماً أن في الإمارات لا يوجد دجاج ولكنهم يريدون تصديره بهذه الطريقة الى لبنان. نحن رسومنا على المنتج البرازيلي 20 بالمئة، بينما نسبة الرسم على الإمارتي صفر، كما قلت في الإمارات لا يوجد دجاج وهذا يجب أن يظهر في شهادات المنشأ، وقد طلبنا من وزير الزراعة أن يدقق ويرسل مفتشين، وكذلك طلبنا من وزير الإقتصاد، ولغاية الآن لم يتحرك أحد ليدقق بالمنشأ الإماراتي، لأن هناك شركات برازيلية فتحت مكاتب لها في الإمارات وأصبح لديها اسم هناك، وتصدّر لنا على أن المنشأ إماراتي مع أن البلد صحراء ولا يعيش فيها دجاج.
أما بالنسبة إلى العمالة، فاليد العاملة في لبنان تكلّف في لبنان حوالى 750 دولاراً بينما في الخليج يأتون بالعامل الأجنبي بمائتي دولار. أي أن العمالة في دول الخليج أقل تكلفة في لبنان لأنها آسيوية وليس محلية.
وفي السعودية على سبيل المثال هناك سياسة لدعم المزارعين عبر تقديم علف الدواجن أو دعم ثمنه بما يقارب 100 إلى 200 ريال سعودي.
ولذلك يرى بطرس أن لا مجال للمنافسة، فنحن نحتاج مقابل السياسة التي يتّبعونها دولة تحمي المنتج الوطني، لذا لا نستطيع منافستهم بكل الجهات، المحروقات والعمالة ودعم الصناعة والزراعة مباشرة، ونحن ليس لدينا دعم، ولا محروقات زهيدة ولا عمالة زهيدة.
صناعات متطورة
وعما إذا كان لبنان مؤهلاً لتأسيس قطاع صناعي جيد، أجاب بطرس بالتأكيد، نحن كنا قد طالبنا المراجع المختصة في الدولة بتسعيرة كهرباء مخفضة من دون نتيجة.
ففي أوروبا، العضو في منظمة التجارة العالمية هناك حماية جمركية على مستوردات الدواجن وكوتا تحدّد كمية المستوردات المسموح توريدها في السنة إلى الإتحاد الأوروبي وتقسيمها على فصول السنة. مثلاً تريد استيراد لحم من البرازيل... فتدخل السوق بروية لمنع الإغراق.
نطلب من الدولة مساعدتنا، أن تدعم الكهرباء لأنها أساس كل شيء في الصناعة، وكنا قد طالبنا بتسعيرة تشجيعية للكهرباء من الوزير الصفدي عندما كان وزير الاقتصاد، وعدنا ولكنه لم يفعل شيئاً.
ويشير بطرس هنا إلى وجود شروط أوروبا قاسية على اللحم الأميركي لأنه زهيد في بلد المنشأ، ويرفعون الضريبة على لحم البقر لأنهم يعطونها هرمونات، وهذه الشروط تكون صحية لمنع هذا اللحم من الدخول، مثلاً يطلبون ألا يكون GMO أي ألا يكون المنتج معدل وراثياً ولا تدخل فيه أي هرمونات، لهذا لا يمكن أن تدخل هذه البضائع بطريقة غير مباشرة.
وهل هي لعب على الرسوم الجمركية؟ يجيب بطرس أنهم وبدل الرسوم الجمركية يضعون (كوتا) شروط إضافية صحية وغيرها تفرض على المستورد ليمنعوه من الدخول وهكذا يمنعون الأميركي والبرازيلي من الدخول، ومن يريد إجازة تصدير يدفع رسم معين يصل الى 20 بالمئة، ونحن لا يوجد بيننا وبين الدول العربية رسم، ولا كوتا ولا شروطاً صحية إضافية ولا تحديد كميات، وهم ينافسون بالعمالة والطاقة.
وعن الطرق المتبعة في تسويق الأنتاج، يشير بطرس: إلى أن مزارعنا تعتمد لغاية الآن على السوق الداخلية، ولكنه يؤكد إلى أنه ومن خلال المصنع الجديد سيدخلون الأسواق الخارجية من خلال المعارض التي تقام في معظم أقطار العالم.
قطاع التغليف
ويكشف بطرس أهمية قطاع الصناعات الغذائية في زيادة الانتاج اللبناني، ويشير هنا إلى بيض الدجاج عندما يتكاثر يتم تخزينه لمدة شهر فقط، وهناك معامل تحوّل البيض لبودرة مثل الحليب. مثلاً يفصل الصفار عن الزلال ويؤخذ الصفار لصناعة الشامبو بينما البياض يصير بودرة ويستخدم في الطعام، ولكن ليس لدينا هذه الصناعة في لبنان.
وهكذا، تفيد الصناعات الغذائية في اختصار وقت تحضير الطعام، فبدل ساعتين في عملية التحضير قد يستغرق ربع ساعة فقط. وهنا ينشطّ قطاع التعبئة والتغليف، وقطاع النقل، وقطاع صناعة الكرتون وبلاسيتك والآلات الصناعية، كلها تنمو وتصدّر، كصناعة منتجات الأفران التي تعتبر جيدة في لبنان.
وهكذا تشجع الصناعات الغذائية كل القطاعات الأخرى لأن لها سوق محلية، ويمكن الاشارة هنا إلى أن مصانع الحلاوة والطحينة كل سوقها في لبنان. وهناك بلدين أو ثلاثة تصنّع هذه الصناعات، وسوقها محلي كبير وتصدّر أيضاً. وهناك اشياء مبتكرة في الصناعات الغذائية، مثل الخبز اللبناني المميز والحلاوة والطحينة المميزة، والآن يجرب اليهود سرقة صناعة الحمص والتبولة ونسبها إليهم.
وعن دور التعبئة والتغليف في تسويق السلع، يقول بطرس: عندما يتوجه المستهلك لشراء سلعة يلفته شكل العلبة أولاً، وعندما يريد شراءها يقرأ ما كتب عليها، لذا فالتغليف مهم جداً، ولكن المضمون هو الأساس بعد الشراء، فإما أن ينال المنتج رضى المستهلك أو لا يناله مهما كانت العلبة جميلة، التعبئة جزء من الترويج.
يبقى أن أهم شيء هو أن تكون هناك حماية للصناعة الوطنية، وتشديد الجمارك على البضائع المستوردة أو تحديد الكمية المستوردة مثل أوروبا وتنظيم الاستيراد، ووضع شروط اضافية على المنتجات بمواصفات عالية، وطلب شهادات المنشأ العربية التي يجب أن تكون أكثر من 51 بالمئة، بالاضافة الى المأكولات المعلبة الجاهزة، مثلاً "الناغتز" كل مكوناته أجنبية المنشأتدخل إلى الدول العربية من دون جمرك، تصنّع هناك ومن ثم تصدر إلى لبنان كبضائع ذات منشأ عربي أي معفية من الجمارك حسب إتفاقية تيسير التجارة العربية.
بينما في لبنان توجد جمارك على مكونات "الناغتز" ولا نستطيع القيام بالمثل مصنعة من مزارعنا. ويجب على الدولة أن تعفي جمركياً كل المواد الأولية التي تصنع في لبنان وتعطيها قيمة مضافة كي تمكن الصناعة اللبنانية في منافسة تلك العربية التي تصدّر إلى لبنان معفية من الجمرك.
وليس فيه شهادات منشأ، منه ما يستورد الى الأردن ويصنّع هناك ويورد الى لبنان، بينما نحن لا نأتي بدجاج من الخارج ونصنّعه ونبيعه، بل من مزارعنا. فكل شيء يعطي قيمة إضافية على المواد المصنعة في لبنان يجب ان تشدد عليها الرقابة.