عضو مجلس إدارة جمعية الصناعيين عدنان عطايا:
لا خيار أمام الصناعيين إلا تطوير نوعية المنتج
انطلاقاً من موقعه كعضو مجلس إدارة جمعية الصناعيين، ورئيس لجنة التعليم المهني، ورئيس مجلس إدارة معامل لافلوكس الصناعية، يجيب الأستاذ عدنان عطايا من موقع المسؤولية على تساؤلات "الصناعة والاقتصاد" حيث تشعب الحوار ليأخذ كل تفصيل من تفاصيل واقع القطاع الصناعي في لبنان، والعلاقات التي تحكم طبيعة الاتفاقات مع الدول العربية.
أعتبر الأستاذ عدنان قطايا، إن العامين الماضيين (2011 و 2012) شكلا نسبة نمو ملحوظة في صادرات الصناعة الغذائية، مشدداً بضرورة ألا نعطي الأمر أكثر من حجمه، ويجب أن نأخذ بالاعتبار الواقع الحاصل في سورية، وتأثيراته الإيجابية على الصادرات اللبنانية. وقد تأثرت الصناعات الغذائية طبعاً في زيادة صادراتها التي بلغت خلال العامين 2011 و2012 العشرين بالمائة، ولكن هناك صناعات أخرى مثل المخللات وما شابهها بلغت الزيادة في صادراتها الخمسين في المئة.
وعما إذا كان للأزمة المحيطة بلبنان انعكاسات، أكد عطايا إنها ليست عاملاً أساسياً، بل كان للأزمة عائد علينا نوعاً ما، بالإضافة إلى أن صادرات الصناعة الغذائية اللبنانية باتجاه الدول الغربية والعربية تمكنت من احتلال مكانتها سنة تلو الآخرى. ونحن نستطيع ملاحظة هذا الأمر من خلال مشاركة صناعاتنا في المعارض الدولية، فنلاحظ أن هذه المشاركة تتزايد سنة تلو الأخرى، ونلاحظ أيضاً أن منتجاتنا تدخل إلى أسواق جديدة.
تنمية الاقتصاد
وحول قراءته لواقع الاقتصاد في البلد وقطاع الصناعات الغذائية، وعما إذا كان لديهم خطط استراتيجية لتنمية الصناعة اللبنانية. تحدث عطايا عن تنمية تنمية الاقتصاد ولو من خلال كل قطاع على حدة، ولكنه أكد على أهمية وجود سياسة مشتركة بين القطاع الخاص وبين الدولة، ولكن رغم علاقتنا القوية مع بعض الوزراء وبينهم صناعيين، إلا أننا حتى الآن لم نتوصل معهم إلى واقع يساعد على وجود قرارات تضع لبنان في مكان يشبه الدول الأخرى المصدّرة مثل تركيا التي تقدم دعم إلى شركات المصدّرة، أو مثلما يحصل دول أخرى كأوروبا. والآن لا نستطيع أن نلوم هذه الدول، ولبنان دولة صغيرة ولا تستطيع فرض شروطها، سيما وأن لدينا عجزاً كبيراً في الميزانية، ونسبة النمو لدينا متدنية.
ويتابع عطايا أن الصناعيين ليست لديهم خيارات إلا أن العمل على تطوير نوعية المنتج وجودته خصوصاً وأننا لا قدرة لدينا لمنافسة الدول الكبرى في السعر ولا الدول الإقليمية. أي ليس بإمكاننا منافسة الأتراك وهم لديهم طاقة إنتاجية عالية جداً، وسعر الطاقة لديهم مرتفع. صحيح أن قيمة اليد العاملة لدى الأتراك تتقارب معنا، إلا أن طاقتهم الإنتاجية كبيرة جداً جداً.
فنحن لا نستطيع منافسة المنتج المصري لأن مصانعهم مشيدة ومصممة لتلبية حاجات مئة مليون نسمة، ومصانعنا مشيدة من أجل خمسة ملايين أو تزيدها قليلاً حسب صادراتنا، ونحن لا نستطيع منافسة المنتج السوري الذي كان أيضاً لديهم يد عاملة ولديهم منتج زراعي غني جداً، ولا يمكننا منافسة المنتج السعودي والخليجي لأن لديه الطاقة بالمجان، ولكنني أقول إن هذا لا يعطي صورة سوداوية لقطاع الصناعات الغذائية، لا بل نحن لدينا قيمة مضافة عالية على العمل على الجودة وعلى النوعية، وأنا برأيي علينا مواصلة دق أبواب الاسواق العالمية، وألا نيأس من ذلك. ففي بعض الأحيان تقفل أسواق بعض البلدان ولكننا نفاجأ أن هناك بلداناً أخرى تفتح أمامنا أسواقاً جديدة.
كلفة الانتاج
وحول كلفة الإنتاج في بعض الدول والاتفاقيات التجارية التي نصت بأن يكون هناك تكافؤ في كلفة الإنتاج بيننا وبين الدول الأخرى. قال عطايا: إن الاتفاقيات الاقتصادية التي أبرمت بين لبنان والدول العربية وخاصة اتفاقية تنسيق التجارة العربية، في الحقيقة لا أريد القول بأنها سيئة، ولكنها وفي النهاية اتفاقية ممتازة لأنها فتحت لبنان والدول المجاورة له. فهي أعطت سوقاً واسعة، وبدلاً من أن نعمل لتلبية حاجات خمسة ملايين أصبحنا نعمل لتلبية سوق فيها مائة مليون نسمة.
صحيح أنه قبل اتفاقية تنسيق التجارة العربية لم يكن الاستثمار ممنوعاً، لكن كانت هناك بالمقابل نسبة جمارك، والحقيقة التي تؤلمنا قليلاً هي عندما يصبح لدى بعض المؤسسات الصناعية في إحدى الدول العربية إمكانيات عالية نبدأ نحن بالشعور بالتضييق على صادراتنا باتجاهها، يعني إذا ما أخذت بالاعتبار قطاع الطحينة والحلاوة الذي يشكل جزءاً من الصناعات الغذائية، وهو جزء أساسي، نجد أن لبنان هو من أهم المصدرين لهذا المنتج في العالم. واليوم نحن نتراجع كثيراً فيه، ويأخذ موقعنا بشكل كبير المنتج السعودي.
الآن كي تحمي الدول إنتاجها المحلي لا تستطيع فرض رسوم جمركية، ولكنها تعمد إلى اللعب على موضوع تاريخ انتهاء الصلاحية بحيث لم يعودوا يعطونا فترة صلاحية للمنتج تزيد على السبعة أشهر، وأصبحت هناك حواجز كثيرة توضع أمامك بالنسبة للمواصفات والمقاييس ويكون تطبيقها معقداً في الأحيان أكثر من الشكل الطبيعي والذي لا يطبقونه على منتجهم المحلي وأنا لا أتحدث في هذا المجال عن سبل التصدير في السعودية، بل يمكننا أن نتحدث الآن عن مولدات الكهرباء حيث وضعوا عليها رسماً نوعياً وأعادوا تشكيل القيمة المضافة في السعودية، واليوم يجري فتح ملف المكسرات ونحن قد مضى على توقيعنا لاتفاقية تسهيل التجارة العربية ما يقارب العشرة إلى الاثني عشرة سنة، وهناك تشكيك بالقيمة المضافة اللبنانية في بند المكسرات أو المخلوطة أو القلوبات.
مواجهة الواقع
ورداً على سؤال حول كيفية مواجهة الحكومة اللبنانية لهذا الواقع، تحدث عطايا بإسهاب عن ذلك واعطى مثال موضوع المعلبات تحديداً ومصانعها الموجودة في الخليج العربي التي تكاد تعد على أصابع اليد الواحدة. هذا إذا أردنا الحديث عن العمل في إنتاج المعلبات، أما في لبنان فهناك سبعة مصانع تعبئ في علب، وللتوضيح فأن معملاً واحداً موجوداً في أميركا يقوم بتعبئة توازي كل المعامل الموجودة لدينا في لبنان، وانتبه عندما تصبح طاقتك الإنتاجية عالية فهذا ينعكس كثيراً بشكل إيجابي على تخفيض سعر الكلفة لديك، بالإضافة إلى أننا لا يمكننا أن نكون منافسين في كل مرة تصبح فيه فاتورة الطاقة عالية التكاليف، فنحن نريد أن نبحث عن سوق لا تكون فيها الطاقة تشكل عاملاً أساسياً في الكلفة.
أما إذا كنا نتحدث لنتناول السلبيات فقط، فالشكاوى هي نفسها وقد مضى عليها أكثر من عشرين سنة، وأنا أستطيع التحدث عن إيجابيات حصلت لمصلحة القطاع الصناعي، فقد حصل أمر بدعم الفوائد على المعدات الصناعية، وهو ما ساعد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على التجديد، ولكنها ليست بنسبة عالية، ولكن في النهاية وعلى الرغم من اهميتها إلا أنها لا تضعني كصناعي مقابل تطور القطاع الصناعي في السعودية، فهو لديه سوق لعشرين مليون نسمة ولديه كل الدعم اللازم.
وحول كلفة الأرض التي تبلغ عندهم دولاراً واحداً وتبلغ في لبنان ألف دولار. أجاب عطايا قائلاً إن جمعية الصناعيين اعتمدت هذا الموضوع، والرئيس نعمت افرام وضعه بين أهم الملفات التي حملها منذ بداية انتخابه لرئاسة الجمعية، في أن يحاول تسهيل عملية إنشاء مدن صناعية رخيصة الثمن، حتى تستطيع المساعدة في تطوير الصناعة.
نحن كقطاع صناعي في لبنان يعتمد على المبادرة الخاصة وتأثيرات الدولة فيه قليلة جداً ويجب ألا نطلب منهم أكثر.
فروع الصناعات الغذائية
ورداً على سؤال عن تأثيرات قطاع الصناعات الغذائية وأهميته على الكثير من القطاعات في لبنان بدءاً من الزراعة وانتهاء بالتغليف والتعبئة. قال عطايا أن الصناعات الغذائية تتفرع إلى فروعاً كثيرة وتعتمد بمعظمها على المنتج الزراعي، أو على المنتج الحيواني مثل قطاع اللحوم، الذي يعتمد بدوره على المزارع والبيض والدجاج، وهذا موضوع له علاقة بالصناعة الغذائية، وحتى قطاع المخللات والمعلبات يعتمد على الفاكهة التي تنتجها زراعة الأرض.
أنا أرى إن قطاع الصناعات الغذائية مهم لدعم الزراعة وهو ينمو وينمّي الزراعة معه.
والآن عندما يكون لدينا منتج زراعي ولدينا مصانع للتوضيب والتغليف والتعبئة فهذا يحتاج إلى العلب وإلى البلاستيك وإلى الزجاج والتنك والكرتون، وإلى كل ما يلزم للتوضيب والتعبئة والتغليف، ويذكر أن هناك مصانع ممتازة للكرتون ولكن للأسف إن أسعارنا أعلى من الأسعار في سائر أنحاء المنطقة.
وأنا لا أدري لماذا يعرض عليك سعر الكرتونة نفسها في الإمارات والتي تكون بالمواصفات نفسها بما ينقص عن السعر لدينا وبما يقارب 35% . فصندوق الكرتون ندفع ثمنه 60 سنتاً ويمكننا الحصول عليه بقيمة 36 أو 37 سنتاً من الإمارات أو السعودية وأنا لم أتمكن بعد من معرفة سبب هذا الفارق في الثمن. أما في موضوع الزجاج ولأنه يعتمد كثيراً على الطاقة المكثفة وهي أعلى كلفة، ولكن مصر تقوم بتعبئة وسد فراغ بالنسبة للزجاج.
حماية الاستثمار
وحول فكرة قرار حماية الاستثمار في لبنان، وعن المانع في رفع كلمة حماية واستبدالها بكلمة ثانية. رأى عطايا أنه لا يمكننا أن نبني كل قطاعاتنا على الحماية، وأساساً تجربة الحماية والدعم كانت غير مجدية فلمجرد رفع الحماية والدعم عن أي قطاع أقفل، وأكبر مثال على ذلك يونيسراميك فقد عملوا من أجله بما لا يمكن فعله ولم يلتزم هو بالشروط التي وضعتها الحكومة حسب ما قال لنا يومها رئيس الحكومة فؤاد السنيورة.
وتابع عطايا قائلاً: هناك عادة في الدول العظمى يكون الاقتصاد هو الحامي لسياسة الرئيس، أما نحن في لبنان فالسياسة هي التي تحمّل كل شيء.
فعملياً يجب أن نتناول الصناعة كما لو أن لديك ولداً مجتهداً وعليك متابعته وتشجيعه وتأمين الفرص له، والدولة حتى تكون دولة قوية لا خيار لها إلا ان تنمو من خلال قطاعاتها الصناعية والزراعية فهذه هي الاساس في كل التطور والتقدم، واليوم كل المؤسسات الصناعية في لبنان عندما تبني مصانعها إنما تبنيها على قياس مصانعها وعندما تريد إقفال هذه المصانع لا سمح الله فإنما تبيعها بمقدار ثمن الأرض والماكينات تصبح خردة غير صالحة للبيع بينما أن أي مؤسسة تجارية لديها مستودعات يمكنها أن تبيع هذه المستودعات وتحقق أرباحاً عقارية منها. أما الصناعي فلا يمكنه ذلك لأنه بنى هذه المساحة على مواصفات قد لا تتماشى مع الآخرين.
وقال عطايا، إننا اليوم نريد أن نعرف ماذا يربطنا بالبلدان العربية انطلاقاً من التجارة البيئية وهي أوسع قليلاً مع دول المغرب العربي. نحن نقول بكلمات بسيطة بعض سياسيينا يخطئون بتناول بعض الرموز العربية، فأنا لا أفهم أولاً ماذا يغير هذا الأمر في المعادلة، هل الحرية بالكلام في السياسة جعلتنا نتناول أياً كان من دون ضوابط، وإذا ما وجد هذا الأمر فليكن داخل لبنان، وأنا لا أظن أن أي معارض أميركي يستطيع أن يتناول أي مسؤول أميركي بالأسلوب الذي نتناول فيه نحن الشخصيات مع العلم أن علينا احترام واقعنا في لبنان إذا أردنا الدخول إلى تعديلات اقتصادية يجب أن ندخل إلى الحوار وكي يكون لدينا عدل والعدل يقتضي وجود إمكانيات، فاليوم علبة التنك الفارغة إذا استوردناها ندفع عليها ضريبة بينما إذا استوردتها ملأى تصبح مجانية.
ولهذا نحن بحاجة إلى ورشة عمل وليس لدينا نحن بل بمشاركتنا ومشاركة الدولة، فاليوم فتحت بعض الدول العربية ملف شهادة المنشأ ونسبة القيمة المضافة وبعض الدول بدأت تعيد قراءة المواصفات والمقاييس لديها لكي تحمي نفسها لأنها لم تعد تستفيد من الحماية الجمركية، ونحن في لبنان نستطيع العمل ضمن الإمكانيات ولكننا لا نستطيع أن نأخذ دور السياسيين.