وزير الصناعة فريج صابونجيان لـ "الصناعة والاقتصاد":
مستعدون لدعم قطاع الصناعة الغذائية
يؤكد وزير الصناعة والاقتصاد فريج صابونجيان في هذا اللقاء معه على أهمية حماية صناعتنا بإضافة رسوماً معينة من الرسوم، على ان يكون لدى لبنان موقف من الدول التي تخالف الإتفاقات، أو تقدم دعماً غير مباشر لمنتجاتها.
ويشير صابونجيان إلى حرب كبيرة يعيشها العالم اليوم وهي الحرب الاقتصادية، ولذلك تعتبر المنافسة شرعية في كل القطاعات المنتجة، ولكن على أن يكون هناك توازن في التعامل بيننا وبين الدول الأخرى.
وتحدث صابونجيان عن المناطق الصناعية والفارق بيننا وبين الدول الأخرى. ففي حين استحدثت هذه الدول مناطقها الصناعية منذ عشرين سنة ونمت وتطورت وأصبح لديها صناعة، فإن لبنان يبقى وضعه مختلفاً لأسباب عديدة.
وتحدث صابونجيان عن توجه للحكومة والوزارة وجمعية الصناعيين، إلى أن تكون الصناعة موازية للتجارة والخدمات، مؤكداً دعمه للصناعي، على أن يعرف الأخير كيف يبتكر وينتج وسوّق.
- في العام 2010- 2011 سجلت الصناعات اللبنانية تقدماً في صادراتها؟ كيف تقرأ هذا النشاط في الصادرات وما هي أسبابه برأيكم؟
اهم الأسباب التي ساعدت في تنمية الصادرات اللبنانية هو إن الإنتاج الغذائي في لبنان تحسّن لناحية النوعية، وأصبح متنوّعاً أكثر، يضاف إلى ذلك أنه صارت لدينا اسواق جديدة يتطلع الصناعيون اللبنانيون إليها اليوم للتصدير. وهذه العوامل المجتمعة اعطت القوة لقطاع الإنتاج الغذائي، وأنا أتفاءل بخطواتهم المستقبلية.
كلفة العقار
- يظهر الواقع أن السلع اللبنانية تواجه تنافساً كبيراً وفقدت قدرتها على المنافسة هناك أسباب موضوعية واسباب أخرى، مثلاُ الإتفاقات التجارية غير المنصفة والجمارك، مثلاً تقدم تركيا الدعم لصناعاتها بينما الدولة لا تتخذ إجراءات بالمقابل، بالإضافة الى كلفة الإنتاج الإضافية مثل المحروقات، البرميل بألف دولار في ما سعره في الخارج مئة دولار، والعامل الثالث الإستثمار العقاري. يعتبر الصناعيون أن الدولة لم تأخذ هذا الامر بالاعتبار؟
قبل كل شيء بالنسبة إلى كلفة العقار، أعتقد أن لبنان حجمه ليس بكبير ونسبة البناء فيه مرغوبة، وبما ان معظم الصناعيين يفضلون بناء مصانعهم حول بيروت بالتأكيد ستكون الكلفة أغلى. وأنصح من ينتج بكميات كبيرة، وعمله ليس له علاقة بالتغيير اليومي ان كان بالمواصفات أو بالجودة، نقل مصنعه الى خارج بيروت، في الشمال أو الجنوب أو في البقاع، لأن لدينا فيها أراضٍ كثيرة شاسعة. ونحن كوزارة صناعة سندعمه، لأنه إذا نقل مصنعه الى جانب قرى معينة نستطيع إيجاد فرص عمل فيها وأنا اشجعها هذه الفكرة.
أما عن الدعم، فأود أن يعرف كل اللبنانيين أنه ليست كل الأمور تحلّ بالدعم، فهناك إتفاقات بين الدول منها ما هو بفئة WTO، ومنها OMC (موزع التجارة العالمية)، صحيح أن هذه الإتفاقات وقعت لفتح الأسواق على بعضها، إلا اننا من الضروري أن يكون لدينا موقف من الدول التي تدخل الى هذه المنظمات وتخالف الإتفاقات، أو تقدم دعماً غير مباشر لمنتجاتها، ونحن كشركة إذا عرفنا يكون لدينا موقف اتجاه هذه الدولة، وإذا لم يعدّلوا التعامل عندها نحمي حدودنا ونحمي تجارتنا وصناعتنا، ونستطيع أن نضيف رسوماً معينة كنوع من الحماية.
- لماذا لا نفعل ذلك؟ فمثلاً صندوق الفول السعودي يخرج من المعمل بتسعة دولارات، ويصل ويوزع في السوق بثمانية وربع، لأن المازوت أقل والكلفة واليد العاملة أقل ويبقى استثمار الأرض؟
لا تنسى أن الطعم يختلف لأن الصناعة اللبنانية أطيب، عندنا الطبيعة أحسن من السعودية كما أن لدينا مياهاً طبيعية، بينما المياه في السعودية مكررة، عندما نبحث عن القيمة المضافة نسلّط الضوء على التسويق والدعاية على هذا الأساس.
- هذه واحدة من الأسباب، لا يستطيع كل الصناعيين الدخول بالجودة، فهناك صناعيون كبار يبيعون ضمن المواصفات يواجهون المنافسة؟
المنافسة موجودة في كل القطاعات وهي موجودة بين كل الدول، أكبر حرب تدور في العالم اليوم هي الحرب الاقتصادية، أحياناً نرى حرباً بسبب واقع اقتصادي.
توازن في التعامل
- ماذا تفعل الدولة حيال المعاملة بالمثل؟ مثلاً تركيا تدعم صادراتها؟
نحن أخذنا موقفاً في هذا الموضوع، فأنا لن أقبل بتواجد مناطق حرة مع تركيا نهائياً، ويجب أن تزال، مبدئي واضح جداً، أن أي إتفاق مع أي دولة يجب أن يأخذ بالإعتبار عدد السكان الموجود بين الدولتين وجغرافيتها ومساحتها، إذا كانت الدولة التي أتفقنا معها أكبر منا بعشرين مرة وعدد سكانها أكثر منا بثلاثين مرة لا يكون هناك توازن بالتعامل، هنا نحمي اتفاقياتنا ويجب أخذ النسبة بالاعتبار.
هذا بالإضافة الى أن الإتفاقيات في البلدان العربية المعروفة باتفاق "تيسير العرب"، وهناك بعض البلدان لا يحترمون هذه الاتفاقية، ومن المفروض ان نلفت نظرهم ثلاث مرات، وان لم تتجاوب يجب أن نحمي سلعتنا وهذا حقنا.
وذات مرة اجتمعت في وزارة الخارجية مع بعض الوزراء وتكلمت مع الوزير عدنان منصور وقتها، واطلعتهم على الشكاوى الموجودة من الصناعيين في ما يخص الصناعات الغذائية التي تشحن من لبنان، وأعلمتهم أن هناك بلداً عربياً يبقي البضائع اللبنانية أسبوعين أو ثلاثة في المرفأ ويقولون إن مدتها تغيرت ولا نستطيع ادخالها، وبلداً آخر وضع رسوماً أكثر من المتفق عليه.
- وأنتم تسيرون في اتجاه حماية الصناعة اللبنانية من هذه الثغرات؟
بالتأكيد هذا مهم، لإن ذلك يساعد في سد الثغرات التي تواجهنا من هنا وهناك.
الصناعي والابتكار
- هل تأخذون بالاعتبار التفاوت في كلفة الإنتاج لحماية الصناعة؟
هذا واجبنا كدولة ووزارة صناعة، ولكنني أرى أن للصناعي دوراً، فلا استطيع كصناعي أعرف أن مواد معينة تصنّع ببلد معين بسعر ما، كأن تصل هذه السلعة الينا بسعر خمسة دولارات فيما هي تكلفني السعر نفسه، عندها أقوم بدراساتي وابحاثي، أراجع حساباتي إما أن أصنّعها أو لا، أو أجد لها بديلاً أو أضيف إليها ميّزة معينة أسوق على أساسها. لا بد أن تكون لدى الصناعي أفكار مبتكر.
- صحيح أن على الصناعي أن يبتكر، لكن أليست هذه مهمات الدولة؟
نحن ننتبه الى هذا الأمر وهي واجباتنا كما تذكر.
- من الواضح أن المناطق الصناعية تخفف الكلفة، أين حددوها؟
هذه نظرة غير واقعية لكل البلدان، المناطق الصناعية أستحدثت في بعض البلدان في آخر عشرين سنة وصار فيها نمو وتحولت للصناعة. بينما نحن في لبنان فعمر البلد أكثر من خمسة آلاف سنة. وعملياً بنى بعض اللبنانيين أبنية خاصة لهم للسكن، بنوا تحتها مصانع صغيرة. هنا لا أستطيع أن أقول له (أغلق معملك واستثمر عن جديد لاننا أسسنا لك منطقة صناعية)، نحن لدينا وضع وجو معين نستطيع المحافظة عليه، إذا كان وضعه الإقتصادي مناسباً يستطيع شراء أي قطعة أرض في أية منطقة ويبني عليها مصنعه والوزارة جاهزة لتشجعه إن كان من ناحية الرخصة، أو على صعيد وزارة الصناعة والزراعة، ونحن معاً لدينا توجه لمساعدة أي صناعي تشجيعاً منا لتنمية الريف.
وافتراضاً أنني من الشمال أريد فتح مصنعي في الشمال، وإذا بنيت منطقة صناعية في البقاع قد لا أرغب بالتوجه الى هناك.
عملية التسويق
- نضيف الى المشاكل مشكلة أخرى تتمثل بكلفة النقل من المصنع الى البحر؟
مستحيل هذا الكلام، فنحن مرفأنا أقرب الى أي مصنع أينما كان، إذا استوردنا بضائع من إيطاليا مثلاً، يكلّف نقل الكونتينر من البحر الى البحر أقل أربع مرات من النقل الداخلي، وفي أميركا وبريطانيا وفرنسا الشيء نفسه، وإذا كان مصنعي في باريس وأريد نقل البضائع الى مارسيه تكلفني أغلى من فرنسا الى لبنان.
- كيف تساعدون الصناعيين في عملية التسويق؟
أولاً أهم شيء هو دعمنا للصناعيين كوزراء وجمعية الصناعيين وحكومة، هناك توجه بأن تكون الصناعة موازية للتجارة والخدمات، لذلك علينا تقديم الدعم، والمهمة التالية تكون على عاتق الصناعي الذي يجب أن يعرف كيف يبتكر وينتج ويسوّق.
وهنا أنصح كل الصناعيين في هذا المجال إذا كان لديهم ضعف في التسويق أن يتصلوا بشركات التسويق لتساعدهم، وإذا كان لديهم ضعف في الجودة ليبحثوا عن أحد ليحسّن جودتهم. ونجح الكثيرون لأنهم تابعوا الأنظمة الجديدة وأتبعوا مواصفات الجودة واتبعوا الأيزو واستطاعوا التصدير وصار لديهم انتشار في جميع البلدان.
- إذاً تعزيز قطاع الصناعات الغذائية ينعكس على باقي القطاعات وأبرزها الزراعة التعبئة والتغليف وغيرها، هل أنتم مهتمين كوزارة لإعطاء هذا القطاع حقه؟
وأكثر من حقه، ونحن مستعدون لدعم هذا القطاع ضمن الواقعية، وهنا لا يمكن للصناعي أن يقول إنه يريد تأسيس مصنع وعلى الحكومة أن تدعم نصف الإنتاج.