
افتتح رئيس مجلس الوزراء تمام سلام اعمال "منتدى الاقتصاد العربي" في دورته ال 24 في فندق "فينيسيا" الذي تنظمه مجموعة الاقتصاد والاعمال وبالتعاون مع مصرف لبنان و(إيدال) وجمعية مصارف لبنان وإتحاد الغرف ومؤسسة التمويل الدولية (IFC)، بمشاركة أكثر من 500 مستثمر ورجل أعمال من 20 بلدا.
وقال سلام إن هذا الواقع، هو أحد الاسباب الرئيسية لغياب النمو والتراجع الكبير في النشاط الاقتصادي، بالاضافة التطورات المأسوية في سوريا، والتي تركت تأثيرات سلبية هائلة على الاقتصاد اللبناني، لعل أبرزها الأعباء الكبيرة لملف النزوح السوري". وتابع: "رغم ذلك يمتلك لبنان من خصائص، وبنى مؤسساتية راسخة، ونظم تشريعية محفزة للاستثمار، ووضع نقدي متين، وقطاع مصرفي متقدم، واستقرار أمني كبير، وخبرات بشرية، تجعل منه مكانا ملائما للنشاط الاقتصادي والاستثماري. وهذه السمات تؤهل لبنان ليكون منصة انطلاق لمشاريع إعادة الإعمار في سوريا. كما وجه تحية إلى الهيئات الاقتصادية كافة وإلى القطاع الخاص الذي يكافح للصمود، ويبذل جهودا جبارة للاستمرار، رغم كل المعوقات والظروف الداخلية والخارجية الصعبة.
الكباريتي
اعتبر رئيس مجلس الاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة للبلاد العربية نائل الكباريتي ان الحديث عن الاقتصاد العربي الموحد ضربا من الخيال، فلا يوجد ما يجمع الاقتصاديات العربية في كيان إقليمي سوى الإحصاءات للتعبير عن مؤشرات اقتصادية ولو كان هناك اقتصاد عربي، لما وجدنا تفاوتا كبيرا في متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي. وتحدث عن بطالة الشباب وتداعيات اجتماعية واقتصادية وسياسية خطيرة لهذه الظاهرة السلبية.".
ولفت الى ان "العوامل الخارجية تحدث تقلباتها الكبيرة في العديد من الاقتصاديات العربية. صحيح أننا في مرحلة تراجع الأسعار العالمية للسلع، لكنها تعاود الارتفاع ونتلقى ظاهرة التضخم المستورد، نتيجة لتقلبات أسعار السوق الدولية في مجالات الغذاء والطاقة حيث تعتمد الدول العربية في توفير غذائها ودوائها والعديد من السلع الصناعية على الخارج".
ورأى إن الاقتصاد المتين المبني على قدرة اكتساب المعرفة ومواكبة التكنولوجيا وتسخير الطاقات للتنمية هو الاقتصاد المنشود، ويجب ألا يكون مبني على الاستراتيجيات الاقتصادية المعتمدة على ثروات باطن الأرض كون أسعار هذه الثروات قابلة للصعود والهبوط وبالتالي تصبح السياسة الاقتصادية هشة مبنية على المجهول. علما بأن أثرياء العالم لم يعودوا أصحاب حقول النفط والثروات الطبيعية، وإنما أصحاب تطبيقات وصناعات تعتمد على التكنولوجيا العالية، على سبيل المثال لا الحصر شركة سامسونج حققت في عام واحد 327 مليار دولار وشركة مايكروسوفت تحقق ربحا ما قيمته 226 دولار في الثانية الواحدة".
كما أصبحت المعرفة من أهم الأصول الرئيسية لأي نمو اقتصادي واجتماعي، وآن الأوان أن تتكيف الاقتصادات العربية بأن تملك القدرة على المنافسة ، وأن تتحلى بالابتكار وأن تتبين الفرص وتستغلها، وتخلق الأسواق الجديدة وتطورها، وأن تتكيف مع التكنولوجيات الجديدة وتطبيقاتها. فالمعرفة الفنية أصبحت من المنتجات التي تفوق أهمية رأس المال، أو المواد، أو العمالة. وبسببها تحقق 50% النمو في الاتحاد الأوروبي.
وطالب بالتعليم المبني على المعرفة والعلوم الحديثة، وبناء جيل متعلم مواكب للتكنولوجيا ليقود بالتأكيد اقتصادنا الى مضمار التقدم والنجاح ويجعله أكثر قدرة على الانتاجية، وسيحشد الطاقات الخلاقة وفق استراتيجية مستقبلية واعدة لبناء اقتصاد عربي مبني على الابتكار والمعرفة والنهضة الشاملة، اقتصاد منتج للأدمغة والعقول، لا يقوم على مصائب أمم تتغنى دول الجوار من إعادة إعمارها، أو ننظر الى مساعدات دول البترول، فلا ثروة تفوق ثروة الفكر والعقل".
طربيه
وكانت كلمة لرئيس جمعية مصارف لبنان جوزف طربيه قال فيها: كقطاع خاص، بذلنا كل جهد ممكن لحفظ الاقتصاد الوطني وركائز أنشطته. هدفنا الاستراتيجي: إستيعاب الانكماش وتمكين القطاعات الحيوية من التعامل بمرونة مع التحول الدراماتيكي في نمو الناتج المحلي من متوسط يراوح بين 7 و 8 % الى متوسط يراوح بين 1 و 2 %".
وتابع: "يشهد لنا العالم والمؤسسات الدولية، كصندوق النقد والبنك الدوليين ومؤسسات التصنيف، بأننا نجحنا في اعتماد سياسات وقائية ملائمة، وفي ادارة مؤسساتنا الانتاجية بمهنية وكفاءة في كل هذه السنوات العجاف المتتالية، وفي ظل صعوبات إقليمية ودولية. وما زلنا نبتكر الآليات والوسائل الأنسب في جبه أو الحد من تأثير الارباكات الداخلية والعواصف الاقليمية التي تهدد اقتصادنا ومجتمعنا تزيد قربا وتأثيرا، والحاجة صارت أكثر إلحاحا لجهود جامعة تنجز الاستحقاقات المؤجلة من خلال إعادة تصويب المسارات الدستورية والسياسية والمالية العامة.
وقال: " في شأن القانون الأميركي الهادف الى منع ولوج "حزب الله " الى المؤسسات المالية، وكيفية التعامل المصرفي مع هذا الاستحقاقلا بد من التنويه بالمبادىء الأساسية التي تحدد أصول وآليات هذا التعامل:
أ - القانون موجه وملزم لكل المؤسسات المصرفية حول العالم تحت طائلة عقوبات متدرجة، لا قدرة لأي مؤسسة على تحملها كونها تصل الى حد الخروج التلقائي من السوق.
ب - بادر البنك المركزي الى تعميم آلية تطبيقية واضحة ومرنة، بحيث يتم التزام مقتضيات القانون لجهة لوائح العقوبات ، والحؤول، في المقابل ، دون أي استنسابية محلية قد تضر بمصالح أو حقوق للغير، حيث سبق للمصارف خوض تجربة التزام قانون "فاتكا" الأميركي أيضا، دون ضجيج ولا انعكاسات على الزبائن وأصحاب الحقوق.
ج - يستلزم تحصين الجهاز المصرفي ووحداته الناشطة داخليا وخارجيا، الالتزام التام بالمتطلبات الدولية. هذا ما تم تعزيزه، قبل أشهر، بالإنجاز التشريعي المتمثل بإقرار حزمة قوانين مالية مهمة للغاية. وهذا ما دفع مجموعة غافي للإعلان رسمياً بأن لبنان يستوفي كل الشروط المطلوبة من حيث القانون ومن حيث الممارسة لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب وسلاح الدمار الشامل، ولن يكون هناك أي مطالبة أو متابعة تخص لبنان".
وتابع: "يملك القطاع المصرفي ميزات تنافسية تفتقر اليها معظم الأسواق في العالم . لدينا معدلات ملاءة تفوق متوسط 14 % وفقاً لمعايير بازل 3 ووصلت القاعدة الترسملية لمصارفنا الى نحو 17 مليار دولار . ولدينا نسب سيولة مرتفعة ومريحة بالعملات الأجنبية . ولدينا فوائض مالية تناهز نصف الناتج المحلي، علماً أن حجم تمويلنا للقطاع الخاص المحلي قارب 49 مليار دولار، وأصبح قريبا من 100 % من اجمالي الناتج. تنتشر مصارفنا في 33 بلدا خارج لبنان. واجمالي أصولنا في هذه الاسواق يوازي نحو 20 % من اجمالي الموجودات البالغ نحو 187 مليار دولار، والذي يمثل 3.7 مرات الناتج المحلي. ولدينا كفاءات وخبرات ومصارف أعمال وشركات مالية واستثمارية وسيطة مؤهلة للعب أدوار حيوية في مرحلة إعادة البناء والإعمار في بلدان المنطقة. يمثل الاستقرار المالي والنقدي عنوانا رئيسيا لسياسة متكاملة انتهجها لبنان والبنك المركزي، وتحظى بأوسع قبول سياسي واجتماعي واقتصادي. وأثبتت التجربة المتواصلة على مدى عقدين متتاليين صوابية هذا الخيار الاستراتيجي ونجاعته".
وقال: "لسنا نعتقد. نفتقد الى المشاركة الخليجية الكثيفة التي طالما كانت إحدى مزايا هذا المنتدى. وبصدق أخوي، ندعو حكومتنا والحكومات المعنية في البلدان الشقيقة، وخصوصا في السعودية، الى احتواء مسببات التوتر الأخير، والذي لا يمكن أن يتحول الى أزمة، ولا يمكنه إفساد ما صنعه الدهر، ويتواصل صنعه عبر منظومة العلاقات التاريخية بين لبنان ودول الخليج ، شعوبا وحكومات وقطاعات اقتصادية واجتماعية".
أبو زكي
وألقى الرئيس التنفيذي لمجموعة الاقتصاد والأعمال رووف أبو زكي كلمة قال فيها: "نجتمع اليوم في ظل أزمة تاريخية يعيشها العالم العربي، تدمير سوريا واقتصادها وحرب اليمن وتقطيع أوصال العراق وشرذمة ليبيا، ووضع اقتصادي صعب في مصر، وتونس، وشلل سياسي في لبنان مع كل ما لذلك من تداعيات اقتصادية واجتماعية، وانكماش في معظم دول الخليج والمغرب العربي، وغير ذلك الكثير. ويصعب التفكير في كيفية الخروج من هذه الأزمات أو توقع حلول سريعة لها، لكن لا بد من الأمل ومن النظر إلى بعض الإيجابيات، فسعر النفط عاد إلى الارتفاع التدريجي ولو ببطء لكن كان للأزمة النفطية الأخيرة فائدة تمثلت في دفع دول الخليج والجزائر مرة أخرى إلى الاستفاقة من هناء البحبوحة النفطية وإعادة التركيز على ضرورة التنويع الاقتصادي وأحداث تغييرات أساسية في بنية الاقتصاد والإدارة والقطاع العام، وهو ما تجلى بوضوح في رؤية السعودية 2030 واستراتيجية التحول الوطني، والتي يتوقع أن يكون لها انعكاسات مؤثرة على اقتصاد المملكة واقتصادات دول المنطقة عامة".
وأضاف: "في ظل الانكماش الاقتصادي الذي يسود المنطقة تظهر العلاقات العربية - الأفريقية كمجال رحب لتوسع كبير في المبادلات التجارية والتدفقات الاستثمارية بين المنطقتين. فالقارة الأفريقية هي اليوم على مسار نمو متسارع ولديها حاجات كبيرة ومتنوعة، وتتمتع بدورها بطاقات كبيرة توفر فرصا واعدة للاستثمار والتصدير. وهنا يمكن القول أن لبنان يمكنه لعب دور رئيسي في تعزيز العلاقات العربية - الأفريقية لما للجاليات اللبنانية في أكثرية الدول الأفريقية من معرفة باقتصاداتها ومن باع طويل في التعامل التجاري والاستثماري معها، وذلك بالتعاون والشراكة مع دول شمال أفريقيا التي تشكل ممرا طبيعيا إلى القارة السمراء".
وتابع: "تندرج في هذا الإطار مبادرة التعاون المصري - اللبناني لبلورة رؤية مشتركة لتنمية الصادرات المصرية واللبنانية إلى الأسواق الأفريقية، مرتكزة على التكامل بين القدرات الإنتاجية المصرية والقدرات التسويقية اللبنانية في الأسواق الأفريقية".