
تثبيت سعر النفط معضلة تواجهها الدول المصدرة للنفط هذه الفترة خاصة مع رفع السعودية، العضو الأكبر نفوذاً في اوبك، الفيتو على خفض إنتاجها للنفط. ويأتي هذا التعنت لعدّة اسباب منها اقتناع السعودية أن العالم تغير كثيرا في السنوات القليلة الماضية لدرجة أن محاولة فعل هذا أصبحت أمرا لا طائل من ورائه. وينبغي لأوبك أن تدرك حقيقة أن السوق شهدت تغيرات هيكلية على اثر تطور انتاج النفط غير التقليدي من مكامن النفط الصخري الأمريكية ومصادر أخرى مثل الرمال النفطية في كندا وهو ما جعل فكرة أن الخام مورد نادر ومحدود فكرة غير مؤثرة. وقد ساهمت روسيا- غير المنتمية لأوبك- أيضا في تخمة المعروض العالمي. وباتت السوق تنافسية أكثر من أن تكون احتكارية.
وبحسب وجهة نظر السعودية يجب إستيعاب التطورات التي شهدتها السوق، في السابق كان الخام يعتبر مورداً نادراً والمملكة تعتقد أن عليها تعظيم إيراداتها في المدى الطويل حتى إذا كان هذا يعني خفض الانتاج والتخلي عن حصة بالسوق لمنتجين منافسين. لكن مع تراجع أهمية النفط قررت المملكة أن من الأصوب إعطاء الأولوية للحصة السوقية.
وهنا تشتد الازمة مع زيادة ايران ضخها للنفط خاصة بعد الغاء العقوبات الاقتصادية عليها. وتعتقد الرياض أن زيادة الانتاج بالأسعار الحالية المنخفضة ستكون أفضل من خفض الانتاج وهو ما يؤدى إلى بيع الخام بأسعار أقل في المستقبل مع إنحسار الطلب العالمي.
وتواجه المملكة الآن احتياجات ملحة في المدى القريب منها التصدي لعجز في الميزانية بلغ (97.9 مليار دولار) أي 15 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2015. حتى ان السعودية باتت مقتنعة ان قطاع النفط لم يعد قطاع نمو. والمؤكد هو أن المملكة لن تعود قريبا إلى النمط القديم القائم على خفض الانتاج لدعم الأسعار من أجل مصلحة جميع المنتجين.
من جهتها تنشد ايران "الإدارة الفعالة للانتاج" ينبغي أن تكون أحد أهدافها الطويلة الأمد. اما روسيا فلا تتوقع "تجميد" مستويات إنتاج النفط وتصفها بعملية جماعية معقدة وهو الحل الأمثل لسوق النفط الذي هوى منذ منتصف 2014.