
يمضي الاقتصاد اللبناني في لملمة أوراقه وإحصاء خسائره والعمل بقدر الامكانات المتاحة، على حصر هذه الخسائر ومنع تفاقمها، وذلك وسط فوضى سياسية محلية عارمة، تضرب المؤسسات الدستورية، وتعطل الحلول الانقاذية، حتى الساعة أقلّه.
وعليه، جاء أداء قطاعات الاقتصاد الحقيقي للاسبوع الثالث من نيسان 2016 ضعيفاً ، ورتيباً، حتى أن بعض قطاعات الاقتصاد بدت وكأنها فقدت الكثير من عناصر القوة والمناعة في وجه الازمات الطارئة. فالقطاع العقاري يقدّم في 2016 الاداء الاسوأ له، كذلك القطاع السياحي، أما عن الاستثمارات الخارجية المباشرة فهي غائبة بفعل العقوبات الخليجية بحق لبنان.
ووسط هذه الصورة السوداوية للاقتصاد، برز مؤشر مالي ايجابي، تمثّل بنجاح وزارة المال هذا الاسبوع باتمام عملية اصدار سندات خزينة جديدة بالعملات الاجنبية "يوروبوندس"، بقيمة مليار دولار، بهدف استبدال السندات التي تستحق خلال شهر نيسان وشهر أيار 2016.
وشمل هذا الاصدار شريحة بـ 700 مليون دولار تستحق خلال فترة 8 سنوات، وتحمل قسيمة سنوية بنسبة 6.65%، وشريحة ثانية بقيمة 300 مليون دولار، تستحق بعد 15 سنة، وذات قسيمة سنوية نسبتها 7.0%. وقد وصلت نسبة الاكتتاب في السندات الجديدة الى 128% من قيمة الاصدار، الامر الذي يعكس ثقة المستثمرين المستمرة في الدولة اللبنانية ، ولو وصفها البعض مؤخراً بالدولة الفاشلة.
في غضون ذلك، كشف موجز الهجرة والتطور، الصادر عن "البنك الدولي" أن تحويلات المغتربين حول العالم قد بلغت 581.6 مليار دولار خلال العام 2015. وقدّر "البنك الدولي" حجم تحويلات المغتربين اللبنانيين الى لبنان بـ 7.2 مليار دولار خلال هذه الفترة، ليحل بذلك في المكرز الثاني اقليمياً من حيث التحويلات الوافدة، مسبوقاً من مصر 19.7 مليار دولار.
وقد تبوّأ لبنان أيضاً المركز الثاني على صعيد المنطقة من حيث نسبة تحويلات المغتربين من الناتج الاجمالي، للعام 2014، والتي بلغت 16.20%. ووفقاً لتقرير "ارنست أند يونغ" حول اداء الفنادق ذات فئة الـ 4 و5 نجوم، في منطقة الشرق الاوسط، انخفض معدّل اشغال الفنادق في مدينة بيروت، بـ 5% على صعيد سنوي، الى 51% خلال شهر آذار من العام 2016. في الاطار نفسه، تراجع متوسط تعرفة الغرفة بنسبة 16.4%، على اساس سنوي، الى 133 دولار. كما انخفضت الايرادات المحققة عن كل غرفة متوافرة بنسبة 24.3% الى 68 دولار.
عقارياً أظهرت احصاءات نقابة المهندسين أن مساحات البناء المرخّصة في لبنان والتي تعكس توقعات العرض في القطاع العقاري، وصلت الى 918.546 متر مربع خلال شهر آذار 2016. مقارنةً مع 1.108.147 متر مربع في شهر شباط. أما على صعيد تراكمي، فقد ازدادت مساحات البناء المرخّصة بنسبة 18.62% الى 2.678.39 متر مربع في شهر شباط.
على الصعيد المالي تظهر ميزانية مصرف لبنان تراجعاً بقيمة 283.88 مليون دولار في الموجودات بالعملة الاجنبية خلال النصف الاول من شهر نيسان 2016، الى 36.31 مليار دولار مقابل 36.59 مليار دولار في نهاية آذار.
في السياق نفسه، تبيّن ميزانية مصرف لبنان تراجعاً بقيمة احتياطات لبنان من الذهب، في 34.12 مليون دولار خلال النصف الاول من نيسان الى 11.35 مليار دولار. أما على صعيد سنوي، فقد تراجعت الاحتياطات بالعملة الاجنبية لدى مصرف لبنان بنسبة 5.06% مقارنةً بالمستوى الذي كانت عليه في منتصف شهر نيسان من العام السابق.
اقتصاد 2016 ضعيف متردد يشبه الى حد بعيد اقتصاد 2015، اذ أن المعوقات التي تعترض انطلاقة هذا الاقتصاد وخروجه من دائرة عدم اليقين لا تزال قائمة وكثيرة منها السياسي المحلي المضاف اليه مؤخراً ملفات الفساد المفتوحة ومنها الاقليمي لا سيما الشق السوري منه، وخصوصاً على مستوى النزوح الكثيف للسوريين باتجاه لبنان، وتالياً لما لهذا النزوح من أكلاف باهظة على لبنان، وعلى اقتصاده