
يؤكد اقتصاديون عدم استجابة الاقتصاد المصري لمحاولات إنعاشه بضخ الدماء في شرايينه الجافة عبر مساعدات واستثمارات دول الخليج، وخاصة السعودية، وما كان يمثل قبلة حياة لولا ارتباك المناخ الاستثماري.
متعلقات
جاء ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز إلى القاهرة مصطحبا أكبر وفد من المستثمرين السعوديين، وذهب دون أن تنبئ مؤشرات الاقتصاد المصري الآنية بتحسن متوقع، رغم مليارات الدعم والاستثمار البالغة نحو 25 مليار دولار، وفق المعلن.
فقد أغلقت البورصة المصرية تعاملاتها الاثنين الماضي -يوم مغادرة الملك سلمان القاهرة- على تراجع جماعي بسبب مبيعات المصريين والعرب، في حين واصل سعر الدولار ارتفاعه في السوق الموازية مسجلا عشرة جنيهات وربع الجنيه.
وبدا التخوف من أن تلحق أرقام الاستثمارات السعودية بسابقاتها، حتى أن الإعلامية المقربة من النظام المصري لميس الحديدي أعربت في برنامجها على إحدى الفضائيات من خوفها أن تلقى هذه "الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين المصري والسعودي، مصير المؤتمر الاقتصادي الذي نظم في مارس/آذار 2014".
وقد أعلن التلفزيون الرسمي المصري خلال زيارة ملك السعودية عن اتفاقية "لإنشاء صندوق سعودي مصري للاستثمار برأسمال ستين مليار ريال (16 مليار دولار)". وشملت قائمة الاستثمارات المعلنة تخصيص خمسمئة ألف فدان للمستثمرين السعوديين، وفق ما نقلته وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية المصرية.
وقال بيان من الرئاسة المصرية "إن الدولتين وقعتا على اتفاقيات لإنشاء محطة كهرباء في مصر بتكلفة 2.2 مليار دولار، وتأسيس شركة لتطوير ستة كيلومترات مربعة من المنطقة الصناعية بمنطقة قناة السويس بقيمة 3.3 مليارات دولار".
وتوقعت وزيرة الاستثمار داليا خورشيد في تصريحات صحفية أن ترتفع حزمة الاستثمارات السعودية إلى أكثر من ستين مليار دولار.
دعم سياسي
كل تلك الأرقام الضخمة، يعتبرها الكاتب الاقتصادي ورئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام السابق ممدوح الولي "مجاملات سياسية" موضحا للجزيرة نت أن هنالك عدة محطات يمكن من خلالها توقع ما هو آت.
صورة وزعتها الرئاسة المصرية للقاء الملك سلمان والوفد السعودي بنظرائهم المصريين (الأوروبية)
ففي أكتوبر/تشرين الأول 2013 أقيم مؤتمر للاستثمار بمصر أعلنت فيه دول خليجية عن ضخ استثمارات، وتكرر الأمر عام 2014 في مؤتمر من قبل اتحاد رجال الأعمال العرب وحضره مستثمرون خليجيون، وعندما حضر الملك سلمان مؤتمر شرم الشيخ (في مارس/آذار 2014) وعد بدعم بقيمة ملياري دولار ومليارين آخريْن استثمارات، كل ذلك دون أن ينعكس إيجابا على الاقتصاد، وفق قول الولي.
وعن الشكوى الأبرز للمستثمرين، تحدث الكاتب عن "صعوبة تحويل الأرباح وتغير القوانين، كما أن الشركات محكومة بقرارات مساهمين يرفضون الاستثمار في مصر حاليا".
وليست العبرة في رأيه بتأسيس الشركات ولكن بممارستها للنشاط. ويعزو الولي تردي وضع الاستثمارات "لاستمرار مشاكل الشركات السعودية بدون حل، رغم الوعود المتكررة". وألمح الكاتب الصحفي لتجاهل تطبيق قانون الاستثمار الذي يمنع التحفظ على أموال وشركات رجال الأعمال، إذ "جرت مؤخرا مصادرة أموال رجال أعمال".
وفسر الولي (وهو أيضا نقيب الصحفيين المصريين السابق) انخفاض أسهم البورصة بأنه "استشعار من السوق بأن ما يجري من وعود لا يعدو كونه بروباغندا (دعاية) حيث يدرك المتعاملون بالسوق أن المبلغ الحقيقي مجرد قروض بفوائد، ولا تتعدى دفعته الأولى 450 مليون دولار".
تحت الدراسة
ومن جانب آخر، يرى الصحفي المتخصص بالشأن الاقتصادي محمد علي أنه لا يمكن الجزم بأن المشروعات الاستثمارية التي تم الإعلان عنها إبان زيارة الملك سلمان لمصر قابلة للتنفيذ بنسبة 100%, فمعظمها في طور الدراسة ولم يتم توقيع بروتوكولات بشأنها.
وأوضح علي أن "مستشعرات الاقتصاد كسعر الدولار وأسهم البورصة لم تتأثر لأن المشروعات السعودية المعلنة استثمارية غير قابلة للتنفيذ في وقت قريب، بالإضافة إلى أنها استثمارات مباشرة ويمكن أن تتمثل في معدات وخطوط إنتاج وعمالة مدربة وخبراء".
لكنه مع ذلك، يرى أن "الواقع يؤكد أنه طوال الفترة الماضية كانت الاستثمارات السعودية في مصر هي الأضخم بين الدول الخليجية, لا سيما المعونات السعودية المقدمة لمصر في صورة مواد بترولية, وهذه المعونات تشكل سببا لا يستهان به في تخفيف الأعباء المتزايدة على موازنة الدولة، والتخفيف من حالة الاحتقان التي يعانيها اقتصادها".
عبد الله حامد-القاهرة