.jpg)
في اطار حملة سلامة الغذاء، افادنا وزير الصحة وائل ابو فاعور بوجود نسبة عالية من مادة الاوتراتوكسين في القمح والتي تسبب بنشوء خلايا سرطانية اذا تركزت نسب كبيرة منها في الجسم تتجاوز الخمسة ميكروغرام، بينما نفى وزير الاقتصاد الان حكيم بحسب نتائج الفحوص لمعهد البحوث الصناعية وجود لمواد مسرطنة في القمح، فضاع المواطن اللبناني بين رأيي وزارتين كان يجب عليهما التنسيق اكثر لتوضيح حقيقة الامور. فخطوات المراقبة على سلامة الغذاء في المواد الاولية للصناعات الغذائية لهو امر ايجابي بحيث ترفع من جودة المنتج اللبناني الغذائي وتضيف اليها قيمة اقتصادية اساسية وهي الثقة بالمنتجات اللبنانية في الداخل والخارج، لما لها اثر كبير على حركة التجارة والاستهلاك وقيمتها الربحبة . لكن تضارب مواقف المعنيين يضع مرة اخرى الصناعات الغذائية المشتقة من القمح بين خطر الشائعات والمواقف السياسية والكيدية والانكفاء عن اللجوء الى العلم مع انه اساسي لحسم الخلاف المستجد. ففي العالم هناك قاعدة مقدسة ان العلم لا يخطىء وللبنان ايضا القدرة العلمية والامكانية ولديه من الكفاءات اللازمة لاجراء فحوصات تحسم الجدل الحاصل مؤخرا على سلامة القمح ، لكن طرأت مشكلة اكبر في اختلاف النتائج العلمية بين معهد البحوث الصناعية ووزارة الصحة بشكل جذري، فالنتيجة الاولى حذرت من المخاطر المحدقة بينما طمأنت النتيجة الثانية المواطنين، وهنا مرة جديد ينقسم العلم بين موقفين سياسين فكما كل شىيء ورقم وقضية وجهة نظر، فانتقلت هذه العدوى الى الفحوص المخبرية التي اضحت كذلك وجهة نظر كل واحد منهما يدافع عنها بكل ما اوتي من قوة في الاعلام ضاربين بعرض الحائط الاثر السلبي على الثقة المتبقية في الغذاء اللبناني وتداعياته على الاقتصاد. والاخطر ان يساهم هذا التضارب التشكيك في عمل معهد البحوث الصناعية والمختبرات المعنية بالموضوع في اساس عملها وبكل حملة سلامة الغذاء التي تخوضها بجدية وزارة الصحة. بعد كل هذا لم يبق لنا خياراً الا ان نلجأ الى الخارج دائماً لحل مشاكلنا كما جرت العادة، لكن ما نفع وجود عدد هائل من الكفاءات اذا لم يعرف لبنان كيف يستفيد منها في كل قطاعاته ، والاستمرار بهذه السياسية الا يضرب من الاساس فكرة عمل مؤسسات الدولة في الصميم؟
سهى غنوي