"القطاع المصرفي اللبناني من أعرق القطاعات تجذّراً في المنطقة"
نديم القصار: خططنا المستقبلية ترتكز على سياسة توسعية
بينما يقبع الإقتصاد اللبناني في دائرة انتظار انفراجات للأزمة السياسية توقف تراجع مؤشراته في عامٍ حمل من القساوة الإقتصادية ما حمل، شكل القطاع المصرفي إستثناءً إيجابياً وحيداً بين القطاعات الإقتصادية حيث تمكن القطاع المصرفي من تسجيل نمو وصفه المتابعون بالمقبول لتثبت مقولة " كل شيء في لبنان يهتز باستثناء القطاع المصرفي".
ليست هي المرة الأولى التي يمضي فيها القطاع في تحسين مؤشراته وسط عواصف سياسية وأمنية، إذ يتميز القطاع المصرفي اللبناني بالإستقرار والمتانة المالية، كما يتميز بخبرة البنوك التي مكّنتها من أداء دور إقتصادي ريادي حيث تشكل دعامة أساسية لبقاء الدولة اللبنانية بقطاعاتها الإنتاجية والإقتصادية، ما يشير إلى قدرتها على التأقلم مع الظروف الصعبة ونجاح السياسات التي تتبعها.
وتؤكد التقارير المالية الدولية متانة القطاع المصرفي وقدرته على جبه التحديات، حيث سجّل في السنوات الأخيرة معدلات نمو جيدة وحافظ على استقرار معدلات الفوائد، واستطاع تغطية احتياجات القطاعين العام والخاص.
ووفقاً لمدير عام فرنسبنك نديم القصّار يتميّز " القطاع المصرفي بصلابته وقوته المالية والخبرات الإدارية والمصرفية التي استطاع أن يراكمها بفعل الظروف التي خبرها على اختلاف مفاصلها وعلى امتداد تاريخه الحديث مع تفاوت دقتها من وقت إلى آخر. ولفت القصار في حديث مع "الصناعة والإقتصاد" إلى أنه "يعزز ذلك إطار تشريعي وتنظيمي دينامي مكتمل الجوانب وفقا لمقاييس ومعايير الصناعة المصرفية العالمية، ومصرف مركزي رائد بإنجازاته بقيادة سعادة الحاكم رياض سلامة الحكيمة ذي الرؤيا المستقبلية الثاقبة، ما مكن قطاعنا المصرفي من التعامل بنجاح مع مجمل الظروف التي خبرها لبنان."
ثقة راسخة
واعتبر القصار أنه "في حقبة الأزمات السياسية والأمنية والإقتصادية، حافظ القطاع المصرفي على ثقة زبائنه الراسخة، واكتسب تقدير المؤسسات المالية والمصرفية العالمية، ما مكنه من تسجيل أداء مميز بالرغم من تأثره أحيانا وإلى حد ما بالظروف الإقتصادية". وقال: "الدلالة على هذا تتمثل بحجم الودائع الآن والذي يصل إلى حوالى 150 مليار دولار أي ما يقارب 3.5 مرات الدخل القومي، إنطلاقا من حجم ودائع بلغت حوالى 6 مليارات دولار سنة 1991، وحوالى 9 مليارات دولار سنة 1993. وإذا وضعنا القضايا في إطارها، لنجد نموا ملحوظا في الودائع. إذ ازدادت ودائع القطاع الخاص بـ7.1 مليارات دولار، لتبلغ 149.1 مليار دولار في نهاية الربع الثالث من 2015، مقارنة مع 142 مليار دولار في نهاية الفترة ذاتها من 2014، بينما سجلت 140.3 مليار دولار في نهاية النصف الأول من 2015. وهذه دلالة واضحة على القدرات الكامنة على النمو والتطور، وهي ما يتميز بها القطاع المصرفي، وعلى دوره الأساسي في نمو وتنمية إقتصادنا الوطني".
وأضاف: " كما ويعتبر قطاعنا المصرفي اللبناني من أعرق القطاعات تجذراً في المنطقة، ليس فقط في منطقتنا العربية بل في العالم أجمع. ونحن اليوم على يقين أن قطاعنا المصرفي بفعل الثقة التي يتمتع بها وقوته المالية وخبراته في إدارة الأزمات، وأدائه المتميز بكل المعايير والمقاييس، وبالرغم من الظروف غير المؤاتية في البلد وبعض دول المنطقة، وتحديدا سورية والعراق. وبالتأكيد، سيتمكن من النمو في الداخل والتوسع في الخارج. وكما هي الحال، سيقوم بدوره كاملا في توفير التمويل اللازم للقطاعين العام والخاص، وعلى المديين القصير والمتوسط وحتى الطويل".
خطط مستقبلية
وكشف القصار أن "خطط فرنسبنك المستقبلية ترتكز على استراتيجية توسعية ببعديها الداخلي والخارجي، وهي استراتيجية تتميز بمرونتها وديناميتها وقدرتها على تحقيق الأهداف المرجوة منها بفاعلية وفعالية". وأعلن أنه "على الصعيد الداخلي، تمكنت المجموعة من توسيع شبكة فروعها على امتداد مساحة لبنان، والتي تصل حاليا إلى 124 فرعا، وذلك بعد إتمام عملية الاستحواذ على البنك الأهلي الدولي ش م ل ودمجه في عملية تمت بطريقة مبرمجة وسلسة".
ولفت إلى أنه " على الصعيدين الدولي والإقليمي، يتواجد فرنسَبنك في لبنان، فرنسا، الجزائر، سورية، روسيا البيضاء، قبرص، السودان، الإمارات العربية المتحدة، العراق". وكشف أنه "على جدول أعمال فرنسَبنك خطط في المستقبل القريب للتواجد في الأسواق الأفريقية التي تختزن إمكانيات نمو هامة وتقدم فرص استثمار متعددة ومجزية في مختلف القطاعات الإقتصادية المنتجة".
مكتب الصين
وقال القصار: "من جهة ثانية وفي إطار اهتمامنا الاستراتيجي بتلبية حاجات عملائنا الذين يتعاملون مع جمهورية الصين الشعبية ، كنا قد قمنا مؤخرا بدورنا في تنظيم مؤتمر«بناء حزام إقتصادي لطريق الحرير» الذي انعقد في أيار الفائت، إحتفالا بمرور ستين عاما على توقيع أول اتفاق تجاري بين لبنان والصين، ودعم مشروع طريق الحرير- هذه الطريق التي كانت منذ القدم تبدأ في الصين وتنتهي في بيروت. ومن شأن ذلك أن يعزز الآمال ويفتح الأبواب على مصراعيها لآفاق جديدة من التعاون الإقتصادي الاستراتيجي لما فيه الفائدة المشتركة للأفرقاء الإقتصاديين خاصة، وإقتصادات بلادهم عامة، في لبنان وعلى امتداد عالمنا العربي".
وأضاف: "من هذا المنطلق أيضا، قررنا تأسيس مكتب الصين China Desk ضمن مجموعة فرنسَبنك، وهو الأول من نوعه في المنطقة، لخدمة العملاء الذين يسافرون إلى الصين ويعملون فيها، وكذلك لدعم الشركات الصينية العاملة في الأسواق التي يتواجد فيها فرنسَبنك في أكثر من 11 دولة. كما وأطلقنا بطاقة Platinum UnionPay ، البطاقة الأولى من نوعها في لبنان،. وبذلك، أصبح فرنسَبنك الآن في موقع الريادة، لا بل الأول، في إصدار هذه البطاقة في لبنان. وعلى جدول أعمالنا الكثير من الخطط الاستراتيجية المتعلقة بالصين، كسوق من الأسواق التي نعمل فيها".
تطوير الأسواق المالية
وشدّد القصار على أن " استراتيجية المجموعة ترتكز في هذا الإطار على المساهمة في تطوير الأسواق المالية التي تتواجد فيها وترسيخ مفهومها للصيرفة الشاملة في ظل معايير تقنية وبشرية ومؤسسية متقدمة من شأنها ارتقاء المصرف بمكانته المحلية والعالمية على حد سواء، وتعزيز إمكاناته كمجموعة مالية لبنانية،عربية، ودولية، تعتمد على قيادة فاعلة وإدارة فعالة يشكلان الضمانة الأساسية لبلوغ المجموعة أهدافها الاستراتيجية".