"إقتصاد 2015 من أسوأ الإقتصادات منذ أكثر من عقد من الزمن"
وزني: إقتصاد عام 2016 رهن التطورات
فيما لملم عام 2015 أيامه الأخيرة ورحل، استقبل لبنان عام 2016 على أمل أن يكون أفضل من خلفه الذي عانى فيه الإقتصاد إلى حدٍ كبير جداً من سيطرة أجواء عدم الإستقرار في لبنان والمنطقة والتي طاولت بتداعياتها السلبية القطاعات الإقتصادية كافة ووضعت الإقتصاد أمام مخاطر متعددة.
"الصناعة والإقتصاد" تقرأ في نهاية العام إقتصاد عام 2015 وتحاول استشراف إقتصاد 2016 مع الخبير الإقتصادي د. غازي وزني الذي أشار إلى "أن المؤشرات الإقتصادية لعام 2015 أتت سلبية، فأجواء عدم اليقين وعدم الإستقرار جعلت إقتصاد لبنان عام 2015 من أسوأ الإقتصادات منذ أكثر من عقد من الزمن، إذ كان ضحية الأزمة الدستورية التي عاشها لبنان وضحية التفجيرات والوضع الأمني.
وكشف أن النمو الإقتصادي تضرر بشكل كبير ولم يتجاوز الـ1% عام 2015 بسبب تراجع الإستهلاك الداخلي في ظل أجواء الخوف والقلق. وإذ أشار إلى الإسثمارات التي تراجعت بسبب أجواء عدم اليقين، أعلن أن الصادرات إلى الخارج تراجعت إلى أكثر من 7% لعام 2015.
تراجع وجمود
واعتبر وزني أن القطاع السياحي واجه مشاكل كبيرة جداً في عام 2015، كما القطاع التجاري ولا سيما في وسط بيروت حيث جرى إقفال عشرات المؤسسات التجارية، أما على مستوى لبنان فأقفلت مئات المؤسسات وحرمت موظفيها من فرص العمل وتراجعت مبيعاتها أكثر من 20%.
وأشار إلى أنه في "عام 2015 حصل جمود في القطاع العقاري وتراجع في المبيعات بين 6 و 7%، كما تراجعت مساحات البناء أكثر من 14%". ولفت إلى أن "القطاع العقاري يحتاج إلى أجواء من الثقة كونه استثماراً متوسط وبعيد المدى وفي ظل عدم توفّر أجواء اليقين من الصعب جداً أن يتم استقطاب المستثمرين".
المصارف إستثناء
ولفت وزني إلى أن "القطاع المصرفي كان استثناء في عام 2015 حيث سجل نمواً مقبولاً تراوح بين الـ5% والـ6% بسبب متانة وقوة القطاع المصرفي والثقة الموجودة فيه وسيولته المرتفعة. وأشار إلى وجود استثناء إيجابي ثانٍ في عام 2015، هو استقرار سعر صرف الليرة التي تنعم بثقة كبيرة بعد أن واجهت تحديات كثيرة منذ أكثر من 20 سنة، وبقيت صامدة إضافة إلى الإحتياطات الكبيرة الموجودة لدى مصرف لبنان من عملات أجنبية والتي تبلغ حالياً 32 مليار دولار.
المالية العامة
وتناول وزني في حديثه المالية العامة، مشيراً إلى أنه في عام 2015 بقي الإنفاق على القاعدة الإثني عشرية من دون موازنة للعام الحادي عشر.
ولفت إلى أنه في العام 2015، ارتفع الإنفاق العام بنسبة أكبر من 4 أو %5 بسبب زيادة خدمة الدين العام إضافة إلى تكلفة النازحين السوريين في لبنان، مقابل تراجع الإيرادات العامة للدولة خاصة من الضريبة على الدخل.
وإذ أشار إلى أن المالية العامة استفادت بشكل أساسي من تراجع أسعار النفط عالمياً ما قلّص العجز من مؤسسة كهرباء لبنان بما يقارب الـ800 مليون دولار، ولفت إلى أن الدين العام بقي منحاه تصاعدياً في عام 2015، ليقارب 71 مليار دولار في عام 2015.
المؤشر الإيجابي
وفي ردٍ على سؤال حول إمكان نهوض الإقتصاد اللبناني سريعاً مع إنتهاء الفراغ الرئاسي، قال وزني: "إقتصاد لبنان إقتصاد خدماتي يحتاج إلى الإستقرار السياسي والأمني. وانتخاب رئيس الجمهورية هو مؤشر إيجابي يشير إلى أن البلد متجه إلى الإستقرار ومتجه إلى تفعيل نشاط الحكومة ومتجه إلى مزيد من الإنتاجية في السلطة التشريعية. فكون لبنان بلداً خدماتياً يشكل انتخاب رئيس الجمهورية عامل ثقة يستطيع أن يجذب السياح والمستثمرين إذ إنه يوحي بأن المؤسسات ستستمر وسيكون هناك تفاهم بين القوى السياسية".
وأضاف: "أي أن أول خطوة إيجابية على صعيد التفاهم بين القوى السياسية في لبنان هي بمثابة عامل إيجابي يجعل المراقبين يظنون أن البلد سيكون في تحسن والدليل على ذلك أنه عندما طرح موضوع إمكانية التسوية بانتخاب رئيس للجمهورية في لبنان. أول تداعياته الإيجابية كان في بورصة بيروت حيث ارتفع سهم سوليدير من 9.5 دولارات إلى 12 دولار. هذا إضافة إلى الإرتياح الذي شهدته سوق القطع في لبنان حيث اصبح الطلب على الدولار أقل من ذلك".
سيناريو سيء
واعتبر أن "عام 2016 رهن التطورات الدستورية والتوافق السياسي والتفاهمات السياسية في لبنان. إذا كانت هذه الأمور متوفرة يكون عام 2016 إيجابياً على صعيد النمو الإقتصادي وعلى صعيد القطاعات الإقتصادية وعلى صعيد المالية العامة.
وشدّد على أنه إذا كانت التفاهمات غير متوفرة والأزمة الدستورية مستمرة سيكون عام 2016 على غرار 2015، أي سنة إقتصادية سيئة وقاتمة تؤدي في نهاية الأمر إلى مخاطر كبيرة جداً.
ولفت إلى أنه "إذا تحقق السيناريو السيء وفشل التفاهم بين القوى السياسية وبقيت الأوضاع المتأزمة دستورياً وأمنياً وسياسياً، من دون شك سنكون على موعد مع انكماش إقتصادي.
وأشار إلى "أن المؤسسات الإقتصادية في القطاع التجاري والسياحي التي عانت من مشاكل في عام 2015، ستزداد مشاكلها والصعوبات التي تواجهها، كما أن معالجة الأزمة المعيشية المتعلقة بالمطالب الحياتية للمواطنين والمتعلقة بالكهرباء أو المياه ستكون أصعب".
وأوضح أن "الإنفاق سيستمر على القاعدة الإثني عشرية، ما يعني أن الفوضى ستستمر على صعيد الإنفاق وعدم الانتظام المالي وغياب الرقابة ما سيرفع العجز في المالية العامة ويفاقمه ليتجاوز الـ9.5% من الناتج المحلي في عام 2016".
وأعلن أنه "في الوقت نفسه سنواجه مشكلة الدين العام الذي سيكون في الوقت نفسه منحاه تصاعدياً وسيتجاوز مع نهاية العام 2016 الـ75 مليار دولار ونسبته ستتجاوز الـ150% من الناتج المحلي، أي أن المالية العامة ستتضرر بشكل كبير جداً، والقطاعات الإقتصادية ستزداد مشاكلها".
مرسومان مهمان
وقال وزني: "حالياً هناك مرسومان مهمان، هما النفط والغاز واللذان تراهن الدولة عليهما كما الإقتصاد اللبناني. وأسباب توقف هذين المرسومين وتجميدهما وعدم إقرارهما هي أسباب سياسية وهذا الرهان على إقرار المرسومين عام 2016 قائم أيضاً. تأجيل هذين المرسومين قد تكون له تداعيات كبيرة جداً ومخاطر على مصداقية لبنان، وقد يخسر لبنان الأسواق المحتملة لإنتاجه من النفط والغاز، وسيتجاوزه في هذا الموضوع العدو الإسرائيلي وقبرص ومصر ودول أخرى".
وأضاف: "إضافة إلى ذلك، هناك مشاكل تتعلّق بموضوع اللاجئين السوريين في لبنان. ومن الممكن أن تتأزم معالجة ملف النازحين السوريين أكثر والصعوبات التي يواجهها الملف ستزداد أكثر.
السياحة هي الأكثر تضرراً
ولفت وزني إلى أنه "في حال تحقّق السيناريو القاتم، السياحة ستكون من أكثر القطاعات التي ستتضرربشكل كبير جداً، ولا سيما أن عدد السياح منذ 4 سنوات حتى الآن تراجع أكثر من 40%، كما تراجعت مداخيل القطاع السياحي أكثر من 50%".
وشدّد على أن "حجم الاستثمارات سيشهد مزيداً من التراجع في حين سيواجه القطاع العقاري صعوبات ومشاكل، إلا أنها لن تؤدي إلى انهياره بل سيبقى صامداً رغم ازدياد حال الجمود التي يعاني منها".