"هناك قطاع موجود .. لماذا ندمّره؟"
بطرس: "المنافسة" معضلة حقيقية
كما هي حال معظم القطاعات الإقتصادية، يتخبط قطاع الدواجن اللبناني في دوامة من التحديات وسط تقاعس الدولة المستمر عن تنفيذ آليات تدعمه وتضمن نموه رغم جهود العاملين في القطاع الحثيثة لإيصال أصواتهم المطالبة بالحماية. فالنقابة اللبنانية للدواجن لا تألو جهداً إلا وتبذله لإبعاد القطاع عن الإكتواء بنار المنافسة من المنتجات المستوردة التي تنتشر في السوق اللبنانية بشكل كثيف في ظل غياب أي توعية للمستهلك تمكنه من كشف الغش الذي يمارسه بعض التجار.
تساؤلات كثيرة تطرح حول عدم اتخاذ إجراءات من شأنها حماية القطاع حتى هذه الساعة، ليبقى السؤال الأكبر والأهم الذي يطرحه أمين سر النقابة اللبنانية للدواجن وليم بطرس: قطاع الدواجن موجود، لماذا تدميره؟ ويكشف بطرس في هذا الإطار أن "القطاع يضم ما يزيد عن 2000 مزرعة يعمل فيها أكثر من 10 آلاف شخص، ما يعني أنه يستحق التفاته من الدولة تعمل من خلالها على وقف تكبير سوق الإستيراد وتراجع السوق المحلية".
وشدّد على أن "المنافسة من المنتجات المستوردة هي المعضلة التي يواجهها القطاع، ففي حين تعاني المنتجات اللبنانية من كساد في السوق تنتشر المنتجات المستوردة من البرازيل وأوكرانيا". وأشار إلى "أن المنتجات المستوردة تتمتع بميزات تنافسية لناحية السعر تمكنها من مزاحمة الإنتاج المحلي ولا سيما بعد الإنهيارات الإقتصادية التي شهدتها تلك الدول وأدت إلى انهيار عملاتها، الأمر الذي رفع من حجم الإستيراد بشكل كبير جداً".
مظاهر الفوضى
وكشف بطرس "أن ما يزيد الأمور سوءاً هي مظاهر الفوضى المنتشرة في السوق، حيث يتم بيع الإنتاج المجلّد على أنه طازج، ما يوقع المستهلك في عملية غش كبيرة ويؤدي إلى كساد إنتاج المزارع اللبنانية". وإذ أوضح أنه "في الدول الأوروبية هناك قوانين ترعى هذه المسألة وتمنع هذا الغش"، أعلن عن وجود فحص في غرفة طرابلس والشمال يكشف الدجاج المجلّد والمذوّب، ودعا الدولة اللبنانية إلى اعتماده، معتبراً أن "انخفاض حجم الإستيراد بشكل كبير في الفترة التي رافقت حملة السلامة الغذائية التي قام بها وزير الصحة وائل أبو فاعور دليل واضح على ضرورة توعية المستهلكين للإنتاج المجلّد والمذوّب الموجود في السوق".
وشدّد على أن "معايير الجودة التي تقدمها المزارع اللبنانية في إنتاجها عالية جداً، فالمزارع والمسالخ العاملة في القطاع على قدر عالٍ من الحداثة، كما أن هناك شروطاً كثيرة مفروضة من قبل الدولة وتتعلق بالأعلاف والأدوية التي تعطى للدواجن تساهم في تقديم إنتاج ذي معايير غذائية عالية جداً".
مغالطات كثيرة
و أكد بطرس أن "المزارع تعمل اليوم دون قدرتها الإنتاجية الكاملة. ورأى أن " ضبط الكميات المستوردة قد يساهم بشكل كبير في إنماء القطاع عبر تصريف المزيد من الإنتاج، فمع ترك السوق مفتوحة سيتضرر المزارع بشكل كبير نظراً لعجزه عن منافسة الإنتاج المستورد من أوكرانيا ودول جنوب أميركا وتحديداً البرازيل". وقال: "ليس فقط لبنان هو الدولة العاجزة عن منافسة تلك الدول في إنتاج الدجاج، إذ إن هذه الدول تعتبر منتجة للذرة وحبوب الصويا التي تستخدم كعلف للدواجن. ولكن من المؤسف أن الكثير من الدول الأوروبية وحتى الأميركية والعربية، اتخذت إجراءات عدة كفرض إجازات استيراد أو دعم للأعلاف أو تصديق مسبق على المصانع التي يتم الإستيراد منها بهدف حماية إنتاجها حيث عمدت الولايات المتحدة الأميركية، في هذا الإطار، إلى منع إستيراد المنتجات البرازيلية المجلّدة، فيما لبنان لم يتخذ بعد أي إجراء يصوّب مجرى الأمور ويدعم القطاع".
وأضاف: " بشهادة وزارة الزراعة التي أجرت دراسة عام 2003 للقطاع، هناك 72% من المزارع في لبنان ذات ملكية خاصة، 82% منها يعمل المزارع فيها بمفرده. ما يعني أن تداعيات عدم حماية القطاع ستطاول المزارعين أولاً وستكون تأثيراتها السلبية كبيرة جداً إذ من الممكن أن تؤدي إلى تراجع عملها أو اقفالها ما سيساهم في تقليص فرص العمل المطروحة في السوق من قبل القطاع وتدني مستوى معيشة عدد كبير من المزارعين".
مواجهة المنافسة
وإذ شدّد بطرس على أن "المزارعين لا يستطيعون تحمّل تبعات أزمات دول منهارة بحجم البرازيل وأوكرانيا"، أشار إلى أنهم "يعملون ما في وسعهم لمواجهة هذه المنافسة، إذ نجحوا في الدخول إلى "Ross 400 Club" ما يمكّنهم من إنتاج الدجاج بأقل تكلفة ممكنة، لكن هناك تكاليف كثيرة تفرضها الإجراءات في لبنان والمتعلقة باستيراد المواد الأولية، الجمرك على الأعلاف وأمور أخرى ترفع من كلفة الإنتاج لدى المزارع.
واعتبر ان "إتخاذ إجراءات لمنع الإستيراد أو الحد منه لا يمكن أن يؤدي إلى أي تلاعب في الأسعار في ظل تثبيت سعر الفروج على 6900 ليرة والذي يشكل ضمانة لعدم إرتفاع الأسعار في الأسواق اللبنانية ". وأكد أنه "لضمان نمو القطاع واستمرارية المزارع العاملة فيه لا بد من دعمه، وإيلائه الإهتمام اللازم بهدف زيادة القدرات التنافسية لإنتاج المزارع".
تدابير حمائية
وأوضح بطرس أنه "من المتوقع عام 2015 أن يبلغ الإنتاج في المزارع اللبنانية 80 مليون طير مقابل 100 مليون طير في 2014"، في حين يبلغ حجم الإستيراد الخارجي حوالى 13 الف طن من الصدر والتي تحتاج إلى أكثر من 30 مليون طير لإنتاجها، أي ما يقارب نصف الإنتاج الوطني".
وكشف أن "النقابة اللبنانية للدواجن لم تقف مكتوفة الأيدي أمام هذا الواقع، لا بل قامت بزيارات عدة لعدد من الوزراء وأطلعتهم على واقع القطاع، لكن مع استمرار الإنقسامات السياسية في البلاد والتعطيل والشلل قد يكون اتخاذ قرارات على المستوى الحكومي غير ممكن".
وناشد بطرس وزير الزراعة أكرم شهيّب فرض إجازات استيراد مسبقة تحد من انسياب المنتجات المستوردة نحو السوق اللبنانية إلى حين اجتماع مجلس الوزراء وبت مسألة الرسوم الجمركية".