بدأت أزمة اليونان في تشرين الأول (أكتوبر) لعام 2009، عندما اعترفت الحكومة اليونانية الجديدة بأن الحكومة السابقة قد زيفت الحسابات القومية. وأن الحكومة الحالية تعاني من عجز في الميزانية بنسبة 13.6 في المائة، وديون تبلغ 115 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
إن جذور المشكلة تعود إلى سنوات سابقة حيث كان الأداء الإقتصادي لليونان سيء قبل انضمامها إلى منطقة اليورو فكانت دائماً تعاني من مشكلة المحافظة على معدلات النمو الإقتصادي والرفاهية لمواطنيها، وأيضاً السيطرة على النفقات العامة والسيطرة على زيادة الديون وبعضويتها في منطقة اليورو شجع هذا الأمر اليونان على المزيد من الاقتراض خاصة من الدول الأوروبية الأخرى وبالتالي أصبح على اليونان ديون عالية جدا بحيث أصبح من الصعب عليها أن تسددها .
وقد أثرت الأزمة الإقتصادية الرأسمالية العالمية على اليونان حكومة وشعباً، فوجد نفسه في طاحونة الأزمة بعد أن ربط مصير إقتصاده الوطني بعجلة الإقتصاد الرأسمالي الأوروبي والعالمي، وقبوله لجميع شروط الاتحاد الأوروبي .
وقد استغل المضاربون هذه الأزمة شر استغلال إذ عمدوا إلى بيع سنداتها بأبخس الأثمان وبأسعار فائدة فاحشة، كما دفع اليورو ثمنا باهظا إذ هوى بأكثر من 20% مقارنة بأعلى مستوى له على الإطلاق وصار هناك من يتحدث عن احتمال انهياره ربما خلال عقد من الزمن، بل ووصل الأمر إلى حد مطالبة اليونان بأن تبيع سيادتها على بعض جزرها.
وهكذا نجد أن اقتصاداً صغيراً، وجانبياً، مثل الإقتصاد اليوناني، يمكنه أن يهدد أكبر منطقة إقتصادية في العالم. وعلى الرغم من أن الناتج المحلي اليوناني يشكل 2.6 في المائة فقط من الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو.
لقد أثرت الأزمة على جميع دول العالم لأن المنطقة تمثل سوقاً ضخمة للواردات وبالطبع أكثر من تأثر بهذه الأزمة دول الاتحاد الأوروبي وذلك بسبب أن ديون اليونان فاقت 210 مليارات يورو لدى البنوك، أهمها البنوك الفرنسية والألمانية التي ستتضرر إذا انسحبت اليونان أو أعلنت إفلاسها، أو تأكد عدم قدرتها على السداد، حيث إن قيمة هذه الديون على شكل سندات ستنخفض أو تنهار. كما تبلغ ديون اليونان إجمالا 350 مليار يورو، وهي غير قادرة على تسديدها.بالإضافة إلى أن بعض هذه الدول شرعت في إلغاء نسبة 50 بالمائة من الديون اليونانية، أي حوالى 100 مليار يورو، لكن هذه الموارد المالية تعتبر خسارة لهذه الدول وبالتالي فهي مطالبة بدعم وإعادة رسملة البنوك لتعويض ما تم إلغاؤه من مبالغ.
وبهذا تبرز أزمة اليونان كإشكال حقيقي أمام مخاوف توسع نطاق الأزمة إلى بلدان مثل البرتغال وإسبانيا وإيرلندا وسلوفاكيا وإيطاليا، وتفاقم الاحتجاجات الإجتماعية، وهو ما دفع بعض الخبراء والساسة إلى الدعوة للتفكير في حل جديد يقضي بانسحاب اليونان مؤقتا من منطقة اليورو، إلا أن هذه الأزمه إن لم تحل بشكل جذري ستقود تلقائيا إلى سقوط الأعضاء الضعفاء من الوحدة النقدية
و تشكل أزمة اليونان هاجساً للولايات المتحدة لأنها قد تزيد من نسبة عدم استقرارها السياسي والإقتصادي فهي تحاول حل هذه الأزمة المالية من طريق تحفيز الطلب المحلي للحد من التدهور الإقتصادي وخصص الكونغرس الأموال للمساعدة في إعادة رسملة المؤسسات المالية. أما آسيا فقد سجلت حتى الآن أداءً إقتصادياً أقوى من أي منطقة أخرى منذ الأزمة المالية، ويعود ذلك جزئياً إلى عدم تأثر البنوك الآسيوية بالأزمة المالية مقارنة ببنوك المناطق الأخرى، كما أن الحاجة إلى برامج التحفيز كانت أقل. كذلك كان الأداء الإقتصادي فيها قوياً نتيجة لضخامة الطلب من قِبل الإقتصاد الصيني.