رغم المخاطر... "المركزي" يُطمئن
حقق إصدار سندات الخزينة بالعملة الأجنبية Eurofands نجاحاً كبيراً، على الرغم من التصنيف الإئتماني المنخفض للددولة اللبنانية ، وصفه وزير المالية علي حسن خليل بأنه أكبر إصدار منذ دخول لبنان سوق الإقتراض من الأسواق المالية في التسعينات، إذ كان الطلب فقط مليار دولار، بينما وصل المعروض إلى 4.9 مليار دولار، مما اضطرت الحكومة اللبنانية إلى رفع الطلب إلى 2.2 ملياري دولار، وخلافاً لما تم الترويج له، سياسياً وإقتصادياً، بأن هذا النجاح الكبير يؤكد الثقة الدولية بلبنان واستقرار وضعه المالي والنقدي، كما الأمني، على أساس أنه لا يمكن ضمان الوضع المالي في ظل تفلت أمني يلحق بالحركة الإقتصادية خسائر وانهيارات في الأسواق المصرفية والمالية، فإن الواقع الحقيقي يعكس حقيقة مختلفة. تؤكد ثقة القطاع المصرفي اللبناني بقيادة البنك المركزي في الدولة اللبنانية رغم انتقاداته الكثيرة لممارساتها المالية في زيادة الإنفاق وتفاقم العجز المالي للخزينة والموازنة، وقد تبيّن ذلك من خلال تهافت المصارف اللبنانية على الاكتتاب حيث بلغت حصتها 85% من قيمة الإصدار البالغة 2.2 مليار دولار، في مقابل ضآلة حصة المؤسسات المالية الأجنبية والبالغة 15%، حتى أن بعض المصادر المصرفية أشارت إلى أن الاكتتاب الأجنبي يشمل عدداً من رجال الأعمال اللبنانيين أو أصحاب الحسابات في البنوك الأجنبية (سويسرا على سبيل المثال) والذين يعتبر اكتتابهم استثماراً أجنبياً. ويعكس التهافت الكبير على عرض السيولة من قبل المصارف اللبنانية، والذي أدى إلى رفع قيمته إلى 4.9 مليارات دولار، وضعف الاستثمار في تمويل مشاريع إقتصاديه في لبنان نتيجة استمرار الفراغ السياسي على أكثر من مستوى بدءأً من تعذّر انتخاب رئيس للجمهورية، وتعطيل عمل الحكومة والسلطة التشريعية، فضلاً عن الاضطرابات الأمنية الإقليمية وخصوصاً الحرب في سوريه والعراق وتطور عمليات الإرهاب، وانعكاس تداعياتها على مسيرة الإقتصاد اللبناني، مع العلم أن حجم فائض السيولة لدى المصارف قد يتجاوز 30 مليار دولار، تفتش عن استثمارات آمنة، وقد اضطرت إلى إيداع نحو 10 مليارات دولار منها لدى مصرف لبنان.
ورغم أن تراجع نمو الإقتصاد اللبناني وضعف الاستثمار في القطاع الخاص، وزيادة إنفاق الدولة وتدهور العجز المالي للخزينة، وتفاقم أرقام الدين العام التي تجاوزت 66 مليار دولار ب مع نهاية العام 2014، أدى إلى ارتفاع المخاطر السياديه التي دفعت بعض وكالات الإئتمان العالميه إلى خفض تصنيف لبنان، حتى أن هذا الخفض شمل بعض المصارف التجاريه الدائنة للدولة عبر سندات الخزينة. وقد أكدت وكالة "ستاندرد اندبورز" أن اتجاه المخاطر الإقتصاديه في لبنان هو "سلبي" نظراً للمخاطر المتعلقة بتعرض المصارف للمخاطر السياديه، وبتوقعات لاقتصاد ضعيف في عامي 2015 و2016.
ووفق تقرير الوكالة، فإن المخاطر الإقتصادية في لبنان تعكس "المخاطر المرتفعة جداً" حيال صلابة الإقتصاد، و "المخاطر المرتفعة " حيال اختلال التوازن الإقتصادي، و "المخاطر المرتفعة جداً" حيال المخاطر الإئتمانية، واعتبرت الوكالة أن الانقسامات السياسية المتشعبه التي تحدّ من الإصلاحات الطويلة الأمد والاستثمارات العامة في لبنان، بالإضافة إلى الاضطرابات الإقليمية، وخصوصاً الأزمة السورية، تمنع نمو الإقتصاد وتحدّ من فرص التسليف المحلي للمصارف، لذلك توقعت أن تستمر المخاطر السياسيه وأن تبقى تشكل نقطة ضعف للإقتصاد.
وكان حجم الدين العام بلغ بنهاية العام 2014 نحو 66.5 مليار دولار، وهو موزع بين 62 % بالليرة و38% بالعملات الأجنبيه، ومع توقع زيادة حجم الدين العام الناتج من زيادة العجز المالي، ستعمد المصارف التجاريه ومصرف لبنان إلى زيادة مساهمتها في سندات الخزينة إلى نسب تقارب الـ 90%، ما سيدفع وكالات التصنيف الدولية إلى تخفيض التصنيف الإئتماني للبنان، وبالتحديد للمصارف التجارية لتعرضها لدين الدولة، مع الإشارة إلى أن الميزانية المجمعة للمصارف تفوق الـ 177 مليار دولار، أي أكثر من أربع مرات حجم الإقتصاد اللبناني، الأمر الذي يطمئن أنه لا خوف على إفلاس الدولة ما دامت سياسة البنك المركزي تدعم تمويل عجزها المتزايد.