التراجع الاقتصادي يطاول قطاع التأمين وأرباح الشركات تتدنى
ميرزا: للإسراع في معالجة مسألة صناديق التعاضد
لم يفلح التراجع الاقتصادي الذي طاولت شظاياه قطاع التأمين اللبناني في فرض التشاؤم على جمعية شركات الضمان، إذ شدد رئيس جمعية شركات الضمان السابق أسعد ميرزا على تفاؤله بأداء القطاع في العام 2015، ورأى في حديث لـ"الصناعة والاقتصاد" أن عام 2015 سيكون أفضل لأن الدول الإقليمية والعالمية تسعى إلى أن يكون لبنان في وضع مريح وبالتالي سيتحسن قطاع التأمين كما كل القطاعات الاقتصادية في لبنان".
وكمؤشر على إيمان الجمعية بمستقبل قطاع التأمين وأهميته، أعلن ميرزا أن "الجمعية نجحت منذ فترة، وسط تنافس قوي بين الجمعيات وممثلي الدول ورغم الظرف الصعب ، في انتزاع الموافقة على استضافة لبنان للمؤتمر الحادي والثلاثين للاتحاد العام العربي الذي سيعقد في بيروت في أيار 2016". واعتبر أن "استضافة بيروت لهذا المؤتمر إنجاز مهم للجمعية إذ إنه يشكل فرصة لتأكيد الدور الطليعي لقطاع التأمين اللبناني، والدور الذي يؤديه على الصعيد الاقتصادي، فمن شأن المؤتمر الذي سيحضره ما بين 2500 و 3000 شخص من خارج لبنان التأثير إيجاباً في جميع القطاعات الاقتصادية والإنتاجية وخصوصاً السياحة والخدمات".
تراجع القطاع
وأشار ميرزا إلى أن "التراجع الذي تشهده معظم قطاعات الاقتصاد اللبناني طاول قطاع التأمين الذي عانى وما يزال يعاني من تداعيات الأزمة السياسية، الأمنية، الداخلية والإقليمية". وكشف أن "نسبة النمو التي سجلها القطاع والتي بلغت 7% لا يمكن اعتبارها تقدماً إذ إنها نتجت من غلاء بوالص الاستشفاء". ولفت إلى أن "نسبة النمو المتدنية هذه لم يسجلها القطاع منذ سنوات، حيث كان معدل النمو السنوي في القطاع خلال الأعوام السابقة 17%".
وأعلن ميرزا أن أرباح شركات التأمين الـ 51 التي يتألف منها القطاع بلغت حوالى 100 مليون دولار. وهذا رقم متواضع جداً بالنسبة لقطاع مالي".
وكشف أن "قطاع السيارات سجل انخفاضاً في الأقساط المدفوعة بنسبة 1% رغم ارتفاع عدد البوالص نتيجة توجه اللبنانيين نحو السيارات المتدنية السعر وتحديداً الكورية." وأعلن أن " فرع التأمين البحري سجل انخفاضاً طفيفاً، في حين سجل فرعا الحياة والاستشفاء ارتفاعاً قليلاً".
صناديق التعاضد
وإذ شدد ميرزاعلى أن القطاع ليس متعباً حيث إن الشركات لا تزال تدفع الحوادث، رأى أن " وضع معيدي التأمين اليوم أصبح صعباً، ما يحتم على وزارة الاقتصاد الإسراع في معالجة مسألة صناديق التعاضد مع وزارة الزراعة، كون هذه الصناديق تضارب على شركات التأمين".
وقال: "الشركات زارت الوزير أكرم شهيب الذي استغرب بدوره تبعية هذه الصناديق لوزارة الزراعة، فهذه الصناديق تشبه إلى حد كبير شركات التأمين وتبلغ محفظتها التأمينية 350 او 400 مليون دولار، إلا أنها تعمل من دون ضوابط في حين أن شركات التأمين تعمل تحت سقف القانون وتدفع الضرائب".
وأضاف: " شركات الضمان لا تريد إلغاء صناديق التعاضد، ولكن تريدها أن تكون تابعة لوزارة الاقتصاد لتكون عليها رقابة. واتحاد صناديق التعاضد يضم حالياً 62 صندوقاً ولكن بحسب رئيسه يبلغ عدد هذه الصناديق 90 صندوقاً، أي أن عددها يفوق عدد شركات التأمين وهذا طبعاً لأنها تحقق ارباحاً كبيرة".
التأمين على المصانع
وفي رد على سؤال حول احتلال قطاع التأمين مرتبة متواضعة بالنسبة إلى حجم الاقتصاد المحلي، قال ميرزا: "حجم الأقساط في القطاع مليار و400 مليون وهذا ليس برقم متواضع بالنسبة إلى الواقع اللبناني، فلبنان ليس كالدول الأوروبية أو الخليجية حيث يوجد تأمين إلزامي على كل شيء، اليوم هناك قانون تأمين إلزامي على للسيارات يظنه البعض ضريبة قامت الدولة بفرضها رغم أهميته كونه يغطي الأضرار الجسدية. كما أن هناك تأمين إلزامي على المصانع فرضه وزير الصناعة السابق فريج صابونجيان عقب الحريق الذي شب في مصنع السجاد في الصفرا والذي أدى إلى خراب كبير، وبموجبه أصبح الصناعيون مجبورين على التأمين قبل تجديد الشهادة الصناعية".
وشكر ميرزا الوزير صابونجيان على قراره بجعل التأمين على المصانع أحد الشروط الرئيسية للحصول على الترخيص والشهادة الصناعية كونه يزيد من المحفظة التأمينية في القطاع ويحمي الصناعيين في آن واحد.
وأشار إلى أن شركات التامين تقوم بثلاث بوالص للمصنع، بوليصة الحريق، بوليصة حوادث العمل، وبوليصة المسؤولية المدنية تجاه الغير. ولفت إلى أنه " بالرغم من أن الوزير صابونجيان كان قد فرض إبراز البوليصة والوصل لتجديد الشهادة، هناك صناعيون لا يؤمّنون على كل المصنع حتى لا يدفعوا قسطاً كبيراً. ورأى ميرزا في توجّه الصناعيين هذا خطأً كبيراً، موضحاً أن شركات التأمين لا تستطيع إلزام الصناعيين بشيء، فهي ترشدهم إلى الطريق الصحيحة، وإذا كانوا لا يريدون، فقط تطلب إليهم توقيعاً على العقد الذي يتضمن الأشياء التي يريدون تأمينها".
وكشف ميرزا أنه "في حال التأمين على المصانع الكبيرة، يجب أن يكون هناك استشاري إما من قبل شركة التأمين أو الوسيط. وتقع على عاتق الاستشاري مهمة تعريف الصناعي إلى مكامن الخطر الموجودة في مصنعه والتي قد تعرضه للإفلاس إذا ما حصل حادث". وشدد على أنه " عندما يكون هناك عقد بين شركة التأمين والصناعي، تصبح الشركة ملزمة بتغطية كل البنود الموافق عليها في العقد. وكي تتفادى الشركات المشاكل مع المؤمّن، تعمد إلى إعطاء الصناعي فكرة عن التغطيات التي يحتاجها المصنع، وتنبهه إلى أن عدم التزامه بالشروط قد يعفيها من تغطية الحادث.
واقع القطاع
واعتبر ميرزا أن "شركات التأمين لم تعد قادرة على تحفيز القطاع عبر إعطاء حوافز لزبائنها"، وشرح قائلاً: " منذ 10 سنوات، كان سعر بوليصة السيارة يتراوح بين 120 و 150 دولار، واليوم يتراوح سعرها بين 90 و 100 دولار، ما يعني أن أرباح الشركات قد تدنّت، وهذا يعيق تقديم الحوافز من قبلها".
وإذ لفت ميرزا إلى أن وزارة الاقتصاد تقوم بعمل جيد لجهة تحسين القطاع، أعرب عن "عتبه على الوزارة إذ يجب أن تبحث جدياً مع وزارة الزراعة تحسين القطاع عبر معالجة موضوع صناديق التعاضد".
وفي حين اعتبر أن عمل لجنة مراقبة هيئات الضمان في لبنان أصبح أفضل، رأى أن من شأن مجازاة الشركات التي تتهرب من مسؤولياتها تحسين صورة القطاع.
وقال: "الوزارة تؤدي دور الحكم لكن ليست لها صلاحية في إلزام الشركات، لكن تدخّلها في الموضوع يجبر الشركة على تحمل مسؤولياتها وهذا شيء مهم لأنه ليست كل الشركات جيدة. لجنة الشكاوى تقوم بعملها إذ تطلب الملف وتدرسه وإن كان هناك حق للمؤمن يأخذه. علماً أن المؤمن في كثير من الأحيان لا يكون على حق، فهناك ملفات كثيرة شركات التأمين محقة فيها".
وعن القوانين المنظمة للقطاع، قال ميرزا: " آن الأوان لإقرار قوانين جديدة ، إذ إن القانون الساري اليوم يعود إلى عام 1999، ومن الطبيعي أن تتغير أشياء كثيرة خلال 16 عاماً في أي بلد من العالم وليس فقط في لبنان".
أضاف: "أعدّ قانون في الـ2004 او الـ2005 وسمّي بالقانون الكندي وقد أنجز عبر شخص كندي. ولكن آنذاك استقالت الحكومة ولم يبصر هذا القانون النور كما أنه يحتاج إلى بعض التعديلات".