"نيويورك تايمز" ترصد صعود الصين وسط تراجع أميركي
طريق الحرير سيربط الـ«نمر الآسيوي»... بدعم التنين
منذ أقامت الصين وباكستان العلاقات الدبلوماسية قبل 60 عاما، لم تتغير الصداقة بين البلدين وصمدت العلاقات الثنائية رغم التغيرات فى البيئة الدولية والإقليمية والمحلية.
وتعتبر باكستان عقدة رئيسية في بناء "الحزام والطريق"، ما يجعل "ممراً اقتصادياً بين الصين وباكستان" وجزءا مهما جدا على طول " الحزام والطريق". ومن المرجح أن يصبح "ممراً اقتصادياً بين الصين وباكستان" ونموذجاً ناجحاً لتطبيق استراتيجية " الحزام والطريق"، ولا يساعد في التنمية الإقتصادية وتحسين معيشة الشعب في باكستان فقط، وإنما يحقق علاقات إقتصادية وتجارية أوثق بين الصين وباكستان. ومن المتوقع أن تعطي زيارة شي جينبينغ لباكستان هذه المرة دفعة قوية لمشروع بناء "ممر إقتصادي بين الصين وباكستان". أثارت زيارة الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى باكستان تساؤولات العديد من المراقبين لما تضمنته من مواقف وعقود بعشرات المليارات من الدولارات كما رصدتها صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية التي أشارت إلى صورة الدعم الذي قدمه جينبينغ للبنية التحتية والطاقة، في نطاق لم يسبق للولايات المتحدة أن قدمته خلال السنوات العشر الماضية من العلاقات الوثيقة مع باكستان، في إشارة قد تؤكد انحسار النفوذ الأميركي في ذلك البلد، وتطلع الصين إلى بسط نفوذها هناك.
وأشارت الصحيفة إلى أن الشيء الأكثر بروزا في زيارة الرئيس الصيني، هو حجم المساعدات التي أعلن عنها وهي (46 مليار دولار) مقارنة ببرنامج المساعدات الأميركية بين عامي 2009- 2012 والتي قدرت بنحو 7.5 مليارات دولار لمشاريع التنمية على مدى 5 سنوات.
ورأى رئيس لجنة الدفاع في البرلمان الباكستاني، مشاهد حسين سيد، أن المشروع يعكس تحولاً في مركز ثقل القوة الإقتصادية من دول الغرب إلى الصين، قائلاً إن "باكستان (باتت) ذات أهمية محورية بالنسبة إلى الصين الآن".
أطلقت باكستان والصين اليوم مشروعا للتنمية يربط "الممر الإقتصادي الصيني الباكستاني" بين غرب الصين وميناء جوادار الباكستاني العميق بطرق جديدة سريعة وخطوط سكك حديدية ومناطق تنمية إقتصادية. وبحسب أحسن إقبال وزير التنمية الباكستاني "سيتم تنفيذ المشروع على عدة مراحل حيث تصل تكلفة المرحلة الأولى إلى حوالى 28 مليار دولار".
ويؤشر هذا المشروع على تنامي النفوذ الصيني في آسيا بالتوازي مع تقدم المشاريع المرتبطة بـ«طريق الحرير الجديدة» البرية والبحرية، والتي من شأنها أن تنشئ «حزاماً إقتصادياً» محوره الصين، يمتد من شرق آسيا إلى أوروبا، مروراً بوسط آسيا وأفريقيا.
وقال رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف، إن هذه الإتفاقيات تشمل 30 اتفاقية تتعلق بالممر الإقتصادي الذي سيفيد كل الأقاليم والمناطق الباكستانية، كما سيتيح للصين إقامة طريق أقصر وأرخص لتجارتها مع الدول الأخرى.
ومشروع الطريق السريع يربط كاشغر في منطقة شينغجيانغ الويغورية الذاتية الحكم الصينية بميناء غوادر جنوب غربي باكستان بطول يبلغ حوالى 3000 كليومتر. ويختصر المشروع طرق واردات النفط والغاز الصينية من أفريقيا والشرق الأوسط بآلاف الكيلومترات، ما يجعل غوادر وصلة حيوية في سلسلة الإمداد الصينية.
وتعقد باكستان، من ناحيتها، آمالا في أن تعزز الاستثمارات اقتصادها المضطرب والمساعدة في الحد من نقص الطاقة المزمن.
وقال رئيس مجلس إسلام أباد للشؤون العالمية خالد محمود إن المحور الإقتصادي يجلب للبلدين التنمية والرخاء. وأضاف " إذ يمكن أن يساعد على ربط الصين بمنطقة الخليج وأفريقيا وأوروبا ومناطق أخرى من العالم بطريقة أسهل وأقصر زمنا. كما سيعني لباكستان المزيد من الأعمال والأنشطة التجارية في المنطقة، حيث ستصبح باكستان أيضا مركزا لنقل الطاقة من الخليج".
ولقد نفذت الصين مشروعات تعاونية على نطاق واسع مع باكستان في الكهرباء والطاقة الجديدة وطورت إدارة ميناء غوادر.
وقال سيد افتخار حسين بابار، سكرتير هيئة الاستثمار الباكستانية، إن الاستثمارات الصينية في ميناء غوادر بما في ذلك الطريق السريعة التي تربط الميناء بالخط الساحلي الشرقي للميناء، ومتاريس الميناء، ومراسي السفن، ومنطقة التجارة الحرة، ومطار غوادر الدولي الجديد، سوف تستكمل في فترة ما بين ثلاث وخمس سنوات.
ويقول مسؤولون إن مشاريع للطاقة تبلغ قيمتها 15 مليار دولار ستدخل حيز التنفيذ بحلول عام 2017، لتضيف 10 آلاف و400 ميغاوات من الطاقة إلى شبكة باكستان القومية. ومن المقرر كذلك إطلاق مشاريع لإنتاج كابلات ألياف بصرية بين البلدين تبلغ قيمتها 44 مليون دولار.
علاوة على ذلك، لا يقتصر مشروع المحور الإقتصادي على البنية التحتية في ميناء غوادر فقط. إذ تهدف الصين إلى تحديث طريق كاراكورام السريعة التي يبلغ طولها 1300 كم ، وهي أعلى طريق دولية ممهدة في العالم تربط الصين بباكستان عبر جبال كاراكورام.
وتحمل رؤية مشروع المحور الإقتصادي في حال إنجازها أهمية استراتيجية كبيرة لتنمية الصين وجنوب شرق آسيا ووسط آسيا وتخدم أيضا السلام والاستقرار في المنطقة.
فبالنسبة إلى الصين، إن المشروع سيربط باكستان بالاستراتيجية الصينية لتطوير منطقتها الغربية مع تركيز باكستان على تعزيز إقتصادها، على ما ذكر ما جيا لي، الباحث في معهد الصين للدراسات الدولية المعاصرة.
وقال لوكالة أنباء "شينخوا" إن إنشاء المحور الإقتصادي سيساعد أيضا في تحسين الوضع الأمني في مقاطعة بلوشستان الباكستانية الفقيرة، والتي تقع على خط الجبهة في الحرب ضد الإرهاب.
بالإضافة الى ذلك، عندما يكتمل ميناء غوادر، سوف يصبح الميناء في غاية الأهمية لدول وسط آسيا الحبيسة مثل أفغانستان وأوزبكستان وطاجيكستان، كما سيصبح نقطة عبور لنقل بضائع هذه الدول إلى دول أخرى مثل سريلانكا وبنغلاديش وإيران والعراق وغيرها.
يذكر أن الصين وباكستان ترتبطان بعلاقات تعاون عسكري وثيقة وتطوران حاليا علاقاتهما الإقتصادية. وبحسب المسؤولين فإن حجم التبادل التجاري بين باكستان والصين يبلغ حاليا حوالى 12 مليار دولار سنويا مقابل حوالى ملياري دولار سنويا منذ 10 سنوات.