أبدى تخوّفه من تراجع صادرات القطاع في العامين المقبلين
عطايا: أمامنا مرحلة من المنافسة القوية
"إذا فقدنا التفاؤل لا يبقى أمامنا كصناعيين إلا خيار الموت"، هكذا رد عضو مجلس الإدارة في جمعية الصناعيين ومدير عام شركة "اليمامة" عدنان عطايا على سؤال "الصناعة والإقتصاد" عن مدى تفاؤله بمستقبل القطاع. ليعيد إلى أذهاننا ما قالة رئيس جمعية الصناعيين السابق نعمة افرام في "يوم الصناعة اللبنانية" حين وصف الصناعيين بـ"خط الدفاع الأخير عن الإقتصاد الوطني".
لم يكن الحديث مع عطايا كما غيره من الصناعيين، فهو يشبههم في قصة نجاحه وغزوه للأسواق الخارجية لكنه بطبعه لا يهوى البكاء على الأطلال، إنه الصناعي المقدام الذي لا يمنعه تشاؤمه من العامين المقبلين من الدعوة إلى العمل الدؤوب والحفاظ على روح التحدي الموجودة في قلب كل صناعي لبناني لكي لا يخرج من حلبة المنافسة ويبقى هو هو الصناعي المبدع الساعي نحو الأفضل.
وفقاً لعطايا، فإن الحديث المطول عن المعوقات التي تواجه عمل الصناعي اللبناني ولا سيما تلك المتعلقة بارتفاع تكاليف الإنتاج "أصبحت وراءنا"، غذ يرى أنه مضت عشرات السنوات على تعداد هذه المسائل والمطالبة بمعالجتها من دون جدوى فالحل ليس بيد الصناعيين كما أنه يفوق قدرات الدولة. وأشار إلى أن كل ما يتمناه الصناعيون من الدولة اليوم هو أن تمشي معهم جنباً إلى جنب وتكون شريكاً لهم تدافع عن مصالحهم وتقف إلى جانبهم عندما يواجهون أي مشكلة أو يتعرضون لأي نكسة".
وأضاف: "علينا أن نفهم جيداً أننا نعمل في قطاع صناعي غذائي في دولة اسمها لبنان، تتمتع بخصوصية، علينا تقبلها واحترامها والعمل من ضمنها. نحن لسنا بعيدين عن الدولة وعلاقتنا جيدة بها ومن هذا المنطق أعتقد أنها جاهزة لمساعدتنا والوقوف إلى جانبنا".
روح التحدي
واعتبر أن التحدي الاساسي بالنسبة إلى أي صناعي اليوم هو ألا تموت روح التحدي في قلبه، إذ إن هذه الروح تمكنه من مواجهة الصعاب وتثبيت قدميه في الأسواق وتعطيه الشجاعة لخوض أي معركة تنافسية وربحها. وقال: "على مر السنوات شكونا من المنافسة السورية، السعودية والمصرية ولكن اليوم بدأنا نشعر بوجود منتجات تركية في الأسواق اللبنانية لم تكن موجودة في الأعوام السابقة. وفي الواقع، هذا أمر مقلق، فالصناعات التركية قد تشكل منافساً عملاقاً لصناعتنا إذ إنها تنتج من قبل شركات تتمتع بدعم كامل من الدولة بكل ما للكلمة من معنى".
وتابع: "من الضروري أن نفهم كصناعيين السوق المحيطة بنا وكيفية التعامل معها لكي نتمكن من تكييف انفسنا والمحافظة على وجودنا، وإذا كنا غير قادرين على التكيّف علينا اتخاذ قرارات إما بتغيير صناعتنا عبر التحول إلى صناعات أخرى أو بنقل مصانعنا إلى مكان آخر".
وأضاف: "ليس هناك خيار إلا الصمود، ليس أمام الصناعي سبيل للخلاص إلا العمل لإيجاد مخارج تضمن استمراره، فهو يختلف في ذهنيته عن الأفكار الإقتصادية البحتة. الصناعي يشتري عقاراً ما وينشئ مصنعه عليه ويجهزه بأحدث التقنيات ويباشر العمل وقد يمتد عمله لسنوات، لكن عندما يقرر البيع لن يجد من يشتري مصنعه ويضطر إلى بيع العقار من دون المصنع وبالتالي تكون خسارته كبيرة".
قطاع واعد
واعتبر عطايا أن " قطاع الصناعات الغذائية في لبنان من القطاعات الواعدة جداً إذ إنه القطاع الوحيد الذي يسجل منذ أربع سنوات نمواً في صادراته". وإذ تمنى بقاء ارتفاع الصادرات على الوتيرة تفسها، أبدى تخوفه من تراجع قد يحصل في عامي 2015 و2016. وقال: "في البداية كنا نصدر إلى الولايات المتحدة، أوروبا، أستراليا وبلاد الإنتشار اللبناني في الخارج لنصل إلى اللبنانيين والشرق أوسطيين الذين يعيشون خارج لبنان. من دون شك، المنتج اللبناني يتمتع بميزة تفاضلية في دول مجلس التعاون الخليجي والشعب العربي يحبه وينظر إليه بكل إيجابية لكن علينا الاعتراف أننا أصبحنا نواجه منافسة من البلدان المجاورة ولا سيما من السعودية وتركيا".
وأشار إلى أن "تأخر المصانع اللبنانية في معالجة المشاكل التي تعترضها إضافة إلى طريقة التعاطي مع الملفات قد يكون السبب". ولفت إلى أنه "منذ 10 او 15 عاما كانت تشكل صادرات الحلاوة والطحينة 95% من الصادرات الغذائية اللبنانية إلى بلدان الإغتراب، أما اليوم فهي لا تتجاوز الـ50% حيث حلت مكانها منتجات سورية وسعودية". ورد عطايا السبب إلى " عدم توصل القطاع إلى حلول في مسألة وجود السالمونيلا في الطحينة، حيث جرى التعاطي بشكل عشوائي مع الموضوع، ولم تستخدم إمكانيات الدولة من خلال معهد البحوث الصناعية والمختبرات المتوفرة ومراكز الأبحاث والجامعات في مساعدة الصناعيين للوصول إلى إنتاج من دون سالمونيلا في أقرب وقت ممكن، ما أخّر معالجة هذا الموضوع كثيراً إذ لا يزال يوجد حتى اليوم مصانع لم تسوّ أوضاعها".
سلامة الغذاء
وإذ شكر وزير الصحة وائل أبوفاعورعلى حملة سلامة الغذاء التي قام بها معتبراً أنها تساعد الصناعيين وتفتح آفاقاً واسعاً امامهم، تمنى على أبوفاعور تحويل الحملة إلى عمل مؤسساتي عبر إنشاء دائرة للرقابة الدائمة في وزارة الصحة يستمر عملها على مدار السنة.
وقال: "معالي وزير الإقتصاد السابق ياسين جابر قام بحملة لكن مع تركه للوزارة غابت الرقابة حوالى 15 عاماً، لو كانت هناك رقابة خلال هذه الأعوام بكل تأكيد كان الوضع مختلفاً. نحن كصناعيين مع الحملة رغم تحفظنا على الإعلام القاسي الذي رافقها، وقبل الحملة كنا مع القرار رقم 950/1 الذي يراقب سلامة مصانع الغذاء والتزامها معايير السلامة العامة والصحة والنظافة والبيئة".
وأضاف: "المطلوب اليوم التعاطي برحمة مع الملف، فالقطاع يضم 1000 مؤسسة صناعية، حوالى 7% منها فقط صناعات كبيرة والباقي صناعات صغيرة ومتوسطة، تعتمد على أرباحها لكي تتوسع وتتطور، وبالتالي فإن إصلاح بعض الأمور فيها قد لا يكون سهلاً على رغم وجود القروض المصرفية المدعومة، كون هذه القروض ليست مريحة وسهلة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة".
وشدّد عطايا على أن "الإعلام ألحق ضرراً بالغاً بالقطاع، وهذا لمسناه خلال مشاركتنا الأخيرة في معرض غلف فود في دبي إذ كان لافتاً للنظر ما أصبح يملكه الناس من انطباع سيء عن المنتج اللبناني، كما لاحظنا من خلال حديثنا مع التجار هناك أن الاسم اللبناني لم يعد قيمة مضافة على رفوف السوبرماركت".
وأبدى تخوّفه من "أن يكون ما يسمعه الصناعيون مؤشراً على سوء الأمور حيث سيصبح من الصعب الحفاظ على ثبات الصادرات التي إن تراجعت سنكون بحاجة إلى سنوات عديدة وسياسات طويلة الأمد لإستعادة الثقة المفقودة".
وختم عطايا قائلاً: "أمامنا مرحلة من المنافسة القوية، سنتهيأ لها ونكون جاهزين لمواجهة المنافس التركي. وعلى الرغم من التوقعات السلبية لا يزال التفاؤل يسيطر علينا. نحن متفائلون بلبنان رغم كل المتاعب والصعاب. فوطننا بالنسبة لنا غالٍ كثيراً".