استفتاء اسكتلندا حبس أنفاس المملكة المتحدة
رسمت نتائج استفتاء اسكتلندا التي رفضت الانفصال عن انكلترا بأغلبية 52% مقابل 48%، خارطة طريق جديدة داخل المملكة المتحدة، اذ إن تداعيات الانفصال كانت ستترك آثاراً سلبية على الاقتصاد البريطاني عموماً، بحسب العديد من التقارير الدولية، بالاضافة الى ذلك، فإن مجرد انفصال اسكتلندا عن بريطانيا، يعني أن الاخيرة فقدت جزءاً هاماً من اراضيها استولت عليه لاكثر من 300 عام، الامر الذي من شأنه ان يترك آثاراً اقتصادية بالغة الخطورة على كلا الجانبين.
ويعتبر النفط أحد أهم مقومات الاقتصاد الاسكتلندي، ولاسيما الثروة النفطية من بحر الشمال، ولو حصل الانفصال, كانت الآراء ستختلف حول كيفية فصل الإنتاج من بحر الشمال، إلا أن السيناريو الأكثر احتمالا كان هو فصل جغرافي بناء على الخط الذي يحدد مناطق حقوق صيد السمك بين اسكتلندا وإنكلترا، وهو الخيار الأنسب لاسكتلندا - إذ كان سيسمح لها بالتحكم بأكثر من 80%، من إجمالي احتياطيات النفط والغاز في بحر الشمال. مع العلم أنه لو تم الفصل بناء على عدد السكان, ستتقلص حصة اسكتلندا إلى 8%.
ويقول الخبير الاقتصادي في لندن قاسم الهاشمي إن فكرة الاستقلال بحد ذاتها، اربكت اقتصاد المملكة المتحدة، الذي يعاني اصلاً منذ فترة. وأضاف، إن قرار الاستفتاء رسم آفاقاً جديدة ليس فقط داخل التاج البريطاني، بل ايضاً في داخل الاتحاد الاوروبي.
ويشرح الهاشمي أن اقتصاد اسكتلندا سيتعرض لنكسة قوية، عكس ما يشاع، وستخسر هذه المقاطعة دعماً مالياً وثقلاً اقتصادياً اكتسبته خلال السنوات الماضية من قبل الحكومة البريطانية، اذ لن تتمكن هذه المقاطعة من ادارة امورها بالشكل المطلوب.
ويشير الى أن قرار الانفصال سيؤثر ايضاً على اقتصاد بريطانيا المتعثر نسبياً، ويرى أنه مهما كانت النتائج التي ستصدر عن الاستفتاء، فإن الحكومة البريطانية كانت ستلجأ الى الدبلوماسية السياسية والاقتصادية، لجعل المقاطعة تدور في فلكها.
وفي معرض رده حول تأثيرات نتائج الاستفتاء على أداء الاقتصاد العالمي، قال الهاشمي: "ان سعر الجنيه الاسترليني سيتعرض هو الآخر الى ضغط شديد، الأمر الذي يمكن ان يؤدي الى هبوطه لمستويات منخفضة، اضف الى ذلك أن اليورو بدوره، سينخفض من جراء قرار الاستقلال، فالأسواق العالمية تعيش حالا من الترقب بانتظار نتائج الاستطلاع".
الى ذلك، أشار المحللون الى أنه في حال كانت نتائج الاستفتاء قد جاءت مؤاتيه للانفصال، يجب على اسكتلندا أن تنتظر سنة ونصف السنة على الأقل لكي يصبح الاستقلال حقيقة واقعة، فعلى هذا البلد أن يخوض نقاشات شاقة وطويلة بخصوص العملة التي يريد استخدامها، وحول مشاكل الديون والقواعد العسكرية البريطانية المتواجدة فوق أراضيه، إضافة إلى ملفات أخرى لا تقل أهمية، مثل انضمامه إلى الاتحاد الأوروبي وإلى الحلف الأطلسي والمؤسسات السياسية والتجارية العالمية الأخرى.
بالاضافة الى ذلك، هناك مجموعة من الامور التي يجب حلها بين بريطانيا واسكتلندا، ابرزها، تتنازع إدنبرة ولندن على تقاسم ممتلكات التاج البريطاني بدءاً بالجنيه الاسترليني والديون وحتى الثروة النفطية الهائلة، وهذا ما تخشاه الاحزاب البريطانية.
الى ذلك، حذرت شركات كبرى بشدة من مخاطر قطع هذا التحالف الذي يعود الى اكثر من 300 عام، فقد ضاعفت هذه المجموعات الجهود لتحذير الناخبين الاسكتلنديين من العواقب الاقتصادية غير الواضحة لانفصالهم عن بريطانيا، وذلك منذ نشر نتائج استطلاع للرأي تظهر تقارباً في نوايا التصويت لمصلحة دعاة الاستقلال.
واعتبر صندوق النقد الدولي أن التصويت بـ "نعم" في استفتاء استقلال اسكتلندا سيسبب حالا من الارتباك. وقد يثير خصوصاً ردود فعل "سلبية" في الاسواق، ولاسيما الاسواق المالية في المملكة المتحدة، حيث يتوقع أن ترتفع علاوة المخاطر على ديون بريطانيا المقدرة بنحو 1.2 تريليون جنيه إسترليني (1.9 تريليون دولار) في حال نقل بعض الديون إذا قامت دولة وليدة في اسكتلندا، كما سبق لوزارة الخزانة البريطانية أن حذرت العام الماضي من أن استقلال أسكتلندا سيخلف لها قطاعاً مالياً متضخماً، ما يعرضها لخطر أزمة بنكية شبيهة بما وقع في قبرص.