دعا إلى إبعاد التحليلات السياسية عن تحركات الاتحاد العمالي العام
الأسمر: 2019 عام زيادة الاجور
في مقر الاتحاد العمالي العام، يجلس رئيس الاتحاد د. بشارة الأسمر، متسلحاً بديناميكيته المعتادة لمعالجة الأمور كافة التي تقع على عاتق الاتحاد.
يدرك الأسمر أن مهماته صعبة إلى حد كبير، فواقع العمال "كارثي" وحجم التوتر بين الأفرقاء السياسيين لا يبشّر بالخير، في حين تتطلّب الملفات معالجات كثيرة وتفرض وجود رجال دولة من الطراز الأول ووزراء نظيفي الكف يستخدمون وزاراتهم منصة لخدمة الناس والعمال والشعب، وليس للإستثمارات الخاصة. يعرف الأسمر حق المعرفة أن أداءه كرئيس للإتحاد يجلب له عداوات كثيرة، إلا أنه وبالنسبة إليه الأمور وصلت إلى الخط الأحمر ولا بد من تسمية الأشياء بأسمائها فلم يعد هناك مجال لأخذ أي اعتبارات في الحسبان عدا مصالح لبنان واقتصاده وعماله وشعبه. ويحرص من هذا المنطلق على مؤازرة القطاعات الاقتصادية كافة، لا سيما إنه يربط بشكل مباشر بين تحسّن أوضاعها وتحسين واقع العمال عبر تسهيل الحوار في مهمته الصعبة، "عملية رفع الأجور في القطاع الخاص".
ويغلب التفاؤل على حديث الأسمر الذي يؤكد لـ"الصناعة والاقتصاد" بثقة "أن عام 2019 سيكون عام زيادة الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص الذي يدفع موظفوه ضريبة إقرار سلسلة الرتب والرواتب".
وإذ رأى أن "المطلوب وضع سياسة عامة واضحة حول الأجور في القطاع الخاص"، شدّد على أن "الاتحاد يدرك تأزم الواقع الاقتصادي، ولذلك يدعو إلى حوار في هذا المطلب، ففي حين هناك قطاعات اقتصادية قادرة على دفع الزيادة نتيجة تحقيقها لأرباح كبيرة، هناك قطاعات اخرى تعاني ويتطلب تصحيح الأجور فيها حواراً طويلاً لكي يتم التوصل إلى النتائج المرجوة".
وأشار إلى "ضرورة اقرار إجراءات لدعم القطاعات الإنتاجية، فالرخاء في المؤسسات يؤدي إلى تحسين وضع العامل". وأوضح أنه "عقد لقاء مع رئيس جمعية الصناعيين فادي الجميل الذي أبدى تفهماً حول موضوع تصحيح الأجور، ولفت الى اهمية إقرار إجراءات لحماية الصناعة اللبنانية كمراجعة الاتفاقات، دعم أسعار الطاقة، إعفاء المواد الأولية من رسوم الجمارك. فهذه أمور من شأنها الإنعكاس إيجاباً على العامل شرط أن يكون إقرارها مشروطاً بعدم صرف اللبنانيين واللجوء إلى اليد العاملة غير اللبنانية".
التعاون او الانهيار!
وشدّد الأسمر على أن " رفع الحد الأدنى للأجوراليوم في القطاع الخاص أمر ملح نظراً إلى ما يتعرض له من ضغوط وفي طليعتها مزاحمة اليد العاملة الأجنبية، وعدم تحمل عدد من الهيئات الاقتصادية مسؤولياتهم تجاه عدم توظيف اليد العاملة الأجنبية وممارستهم الصرف التعسفي في حالات كثيرة".
وقال: "الواقع الاقتصادي صعب لكن هناك 900 ألف عامل بحاجة إلى تصحيح الأجور في القطاع الخاص ولا تراجع عن هذا المطلب. والمطلوب اليوم هو التعاون بين الجميع لتطوير الواقع الاقتصادي والعمالي، وإلا فالأمور ستذهب نحو المزيد من التراجع والانهيار".
وفي رد على من يعتبرون أن إقرار سلسلة الرتب والرواتب كان له تأثيرات سلبية على الاقتصاد، لفت الأسمر إلى أن " إقرار السلسلة أعطى زخماً وحركة في الأسواق"، وبيّن أنه بين "عامي 2012 و2017 ارتفع الدين العام 20 مليار دولار ولم تكن السلسلة موجودة، وبالتالي من غير المعقول تحميل السلسلة والقطاع العام وزر المصائب في البلد".
واقع العمال كارثي
ووصف الاسمر واقع العمال اليوم بالكارثي، إذ تتعرض شريحة واسعة منهم للصرف من وظائفها، وهذا أمر صعب ويؤدي إلى "خراب بيوت" ، فمهما حصل العامل على تعويضات لن تساعده في ظل ضيق سوق العمل والمنافسة الكبيرة التي يتعرض لها من اليد العاملة الأجنبية ولا سيما الآسيوية، التي اضحى انتشارها يتطلّب حلاً عبر إعادة درس إجازات العمل الممنوحة من وزارة العمل إذ يدخل العمال الآسيويون تحت ستار عمال الخدمة إلى لبنان، فيما يمارسون أعمالاً أخرى".
وإذ أعلن أن "الاتحاد أطلق مؤخراً صرخة عالية حول صرف 300 عامل، ووجدت آذاناً صاغية"، شدّد على أن "الاتحاد يضغط ويحقق في بعض الأماكن إنجازات على صعيد تعويضات الصرف وهذا دور مهم للاتحاد، لكن يبقى دوره الأهم هو رعاية فرص العمل الجديدة".
لبنان امام الخط الاحمر
وشدّد الاسمر على أن "لبنان يقف أمام الخط الأحمر، وهو بحاجة اليوم إلى رجال دولة من الطراز الأول ليكونوا صمام الأمان لإنتشاله من أزماته". وقال: "لا بد من تسمية الأمور بأسمائها، حتى لو حملتنا بعض الفئات السياسية المسؤولية وأدخلتنا في جدالات وسجالات إعلامية، فالواقع على الأرض يستدعي وقفة مهمة من الاتحاد العمالي ليكون إلى جانب عماله".
واعتبر أن "تشكيل الحكومة وزوال التشنّج في العلاقة بين الأفرقاء السياسيين يخلق جواً من الراحة في البلد، ويفسح في المجال أمام تعيين أشخاص قادرين على النهوض بالواقع الاقتصادي عبر خطة اقتصادية تقوم على العمل لإعادة تقييم العلاقات السياسية والاقتصادية مع الدول الشقيقة وفي مقدمها سورية. وسأل: "هل نستطيع معالجة ازمة النازحين من دون التعاون مع الحكومة السورية ؟ هل سنكافح التهريب على الحدود السورية اللبنانية من دون التعاطي أيضاً مع الحكومة ؟ وماذا عن التصدير عبر معبر نصيب الحدودي"؟
وأضاف: "لا بد من الترفّع عن الوقائع السياسية لنرتقي إلى رتبة رجال الدولة الذين يضعون مصلحة لبنان فوق كل اعتبار. ومن الضروري مكافحة الفساد الذي يكلف الخزينة سنوياً ما يقارب الـ8 مليارات دولار، كما أننا بحاجة إلى إعادة الحوار مع دول الخليج لإعادة إحياء الواقع السياحي والتبادل التجاري. ولا بد من إعادة درس كل الاتفاقات التجارية الموقعة مع الدول العربية والاتحاد الأوروبي".
المطلوب من الاتحاد .. اكثر
وتمنى أن "يترافق تشكيل الحكومة مع ورشة نهوض اقتصادي، لإفساح المجال من أجل مواصلة الحوار مع الهيئات الاقتصادية حول رفع الحد الأدنى للأجور، فكإتحاد عمالي يهمنا أن يكون الواقع الاقتصادي جيداً في المصانع والمؤسسات كافة نظراً إلى الإنعكاسات الإيجابية التي قد يحملها، فالإحصاءات الموجودة بين أيدينا تؤكد أن الوضع صعب إذ تشير إلى إقفال 388 مصنعاً خلال العامين الأخيرين، وهذا كله لا يصب في خانة العمل اللائق والأجر اللائق".
وفي رد على سؤال عن رضاه عما حققه من إنجازات في الاتحاد، قال الأسمر: "شخصياً قدمت ما استطعته ، وقد استعاد الاتحاد دوره المحوري. لكن المطلوب أن يقدم الاتحاد أكثر وأكثر عبر استعادة الثقة والتعاون مع كل الأفرقاء لإبعاد التحليلات السياسية عن تحركات الاتحاد العمالي العام. فالاتحاد اليوم يتحرك لسبب واحد، هو مصالح العمال، وليس ضد زعيم أو طرف ما. فاليوم وفي ظل الانقسامات السياسية تنسب التحركات العمالية المختلفة الطابع إلى جهات معينة. وهذا أمر غير مقبول، وقف الاتحاد مع مياومي الكهرباء وموظفي سعودي أوجيه وموظفي الضمان وآخرين .. الاتحاد يقف مع كل العمال، وهذا ما يجعله في حال عداء مع كل الطبقة السياسية، لكن ليس أمامنا أي خيار آخر".
واعتبر أن "الاتحاد العمالي العام تمكّن من لمّ شمل الوحدة النقابية إلى حد كبير، حيث تجلس في الاتحاد مجموعة كبيرة من الفرقاء من ذوي الانتماءات السياسية المختلفة، ويمارسون عملهم النقابي بشكل كامل لتحصيل حقوق العمال".