التجارة الحرة في قمة نواكشوط الأفريقية:
ازدهار القارة المثقلة بالحروب.. والفساد!
انطلقت في العاصمة الموريتانية، نواكشوط، أعمال القمة الإفريقية الحادية والثلاثين، نحت شعار مكافحة الفساد ، وقد بدا التفاؤل طاغيا على الاجتماعات التحضيرية للقمة، رغم حساسية ملف الفساد في أفريقيا، إذ تفيد تقارير دولية بأن القارة لا تزال الأكثر فسادا في العالم.
وتقول مفوضة الاتحاد الأفريقي للشؤون الاجتماعية، أميرة الفاضل، إن "الفساد، في أفريقيا، ينخر جميع القطاعات، وهو ما يفترض أن يكون هناك توجه لمكافحته بمقاربة متعددة الأبعاد"، على حدّ قولها.
من جانبها، ترى وزيرة الرعاية الاجتماعية السودانية السابقة أن "الهدف ليس توحيد التشريعات في مجال مكافحة الفساد بقدر ما هو الاتفاق على معايير محددة تحول دون تفاقم هذه الآفة"، موضحة أن "الاتحاد الأفريقي سيقترح خطة نموذجية لتبنيها من طرف الدول الأعضاء".
وتقدر الأمم المتحدة كلفة الفساد في أفريقيابنحو ١٤٨ مليار دولار سنويا، من بينها ٥٠ مليار دولار من جراء التدفقات المالية غير المشروعة. وتقبع دول ليبيا والسودان وجنوب السودان والصومال في قاع مؤشر مكافحة الفساد، الذي تصدره منظمة الشفافية الدولية كل عام.
49 دولة توقع التجارة الحرة
تصدّرت زيادة عدد الموقعين على منطقة التجارة الحرة نتائج القمة الأفريقية التي اختتمت أعمالها ... في العاصمة الموريتانية نواكشوط، إلى جانب الملفات الساخنة الأخرى، ولا سيما الفقر والأمن، حيث دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نظراءه الأفارقة الذين التقاهم إلى التكفل بأمنهم.
منحت نتائج القمة الأفريقية الـ31 دفعة لملف إقامة منطقة التجارة الحرة في أفريقيا، وقال بول كاغامي رئيس رواندا الرئيس الدوري للاتحاد الأفريقي خلال مؤتمر صحفي في ختام القمة إن منطقة التجارة الحرة تعد أبرز ما ميز قمة نواكشوط.
وأشار إلى توقيع خمس دول جديدة على اتفاقية التجارة الحرة خلال قمة نواكشوط ليبلغ مجموع الدول الموقعة 49 دولة من أصل 54 دولة.
ولفت كاغامي إلى أن إنشاء منطقة تجارية حرة في أفريقيا ستكون له انعكاسات كبيرة على ازدهار القارة المثقلة بالحروب والنزاعات، من دون تحديد موعد التنفيذ.
وعلى هامش مشاركته في القمة الأفريقية عقد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قمة مصغرة مع نظرائه في مجموعة دول الساحل الخمس (موريتانيا ومالي وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد) ركزت على سبل التصدي للجماعات "الجهادية" التي شنت في الأيام الأخيرة هجمات دموية عديدة.
وقال ماكرون "سنخوض هذه المعركة معا"، مضيفا و"أملنا أن نستأصل الإرهاب من المنطقة بأسرها بالتنسيق الأمني بين القوة المشتركة بين مجموعة الدول الخمس والعملية العسكرية الفرنسية "برخان" وبعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في مالي (مينوسما)".
من جهته، قال رئيس النيجر محمدو إيسوفو إن هذه المعركة "عسكرية على المدى القصير"، ولكن "على المدى الطويل القضية الأساسية هي التنمية الاقتصادية والاجتماعية لأنه في تراب الفقر ينمو الإرهاب".
شبح الجوع والخوف
وانطلاقا من حديث الفقر حذرت مفوضة الاتحاد الأفريقي المكلفة بالاقتصاد الريفي والزراعي جوزيفا ليونيل ساكو من حدوث مجاعة كبرى في دول أفريقية عام 2030 إذا لم تحدث زيادة في الإنتاج الزراعي.
وأضافت ساكو في مؤتمر صحفي أن الإحصاءات تشير إلى توقعات بتسجيل عدد سكان أفريقيا زيادة كبيرة في أفق عام 2030.
ونبهت إلى أنه إذا لم تواكب النمو الديمغرافي زيادة في الإنتاج الزراعي فسيؤدي ذلك إلى حدوث مجاعة كبرى في عدد من دول الاتحاد الأفريقي.
وشدّدت على أن الدول الأفريقية مطالبة أكثر من أي وقت مضى بتوجيه أكثر من 10% من استثماراتها إلى القطاع الزراعي.
وشدّدت على أن القارة الأفريقية غنية بالموارد الطبيعية وتمتلك غابات متنوعة وثروة حيوانية هائلة، غير أنها ليست مستغلة بالشكل الجيد، وتدار بعيدا من الشفافية.
وحذّرت ساكو من مخاطر الاصطياد غير الشرعي في القارة وقطع الغابات، وقالت إن القطع غير القانوني للأشجار بات يهدد غابات القارة السمراء.
ملفات ساخنة
وفي ختام القمة أصدر مجلس الأمن والسلم في الاتحاد الأفريقي جملة من التوصيات بشأن الملفات الأخرى، إذ دعا إلى مواصلة جهود واتصالات اللجنة رفيعة المستوى المعنية في ليبيا مع أصحاب المصلحة الليبيين والجهات الفاعلة الدولية بهدف التوصل إلى توافق واسع للآراء بشأن المبادرات التي يتعين اتخاذها والأهداف التي ينبغي تحقيقها.
وفي ما يتعلق بأزمة جنوب السودان حذر بيان المجلس من تدهور الوضع الإنساني هناك "بشكل كبير مع تصاعد القتال في معظم أنحاء البلاد"، ودعا أطراف النزاع إلى الوفاء بالتزاماتها، معربا عن دعمه فرض إجراءات عقابية على من يعرقلون الجهود الرامية إلى تحقيق السلام والمصالحة.
وأكد المجلس دعم الاتحاد الأفريقي حكومة الصومال الاتحادية في أنشطتها لتنفيذ المرحلة الانتقالية، مجددا دعوته الأمم المتحدة إلى تمويل بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال وقوات الأمن الصومالية بشكل يمكن التنبؤ به، ومستدام من المساهمات المقدرة للأمم المتحدة.
وأشاد البيان بالتزام حكومة إثيوبيا الأخير بتنفيذ اتفاق الجزائر للسلام الذي وقعته مع إريتريا في أعقاب انتهاء الحرب بين البلدين، وموافقتها الكاملة على قرار لجنة الحدود الإريترية الإثيوبية.
وأشارت القمة إلى أن الحال في أفريقيا الوسطى لم تشهد أي تطور مشجع، حيث تضاعف العنف في عدة مقاطعات من البلاد والعاصمة بانغي، معربة عن دعمها سلطات أفريقيا الوسطى في جهودها لاستعادة النظام والسلطة في جميع أنحاء البلاد وإعادة إعمارها الشامل.