
فيما اضحت الانتخابات النيابية في مرحلة الإنجاز، يعود الشأن الإقتصادي الى الواجهة مع تعدد التوقعات حول شكل الحكومة المقبلة وهوية رئيسها والاولويات التي ستحددها لنفسها في ظل بقاء الأزمة الاقتصادية في طليعة الشؤون التي تستلزم اهتماماً بعد الإنتخابات. ويعتمد احداث اي نقلة نوعية على الصعيد الاقتصادي على قدرة الحكومة المشكلة بعد الانتخابات في تحديد اولوياتها في ظل ازدحام برنامج عملها بشؤون لم يعد يحتمل البت بها اي تأجيل.
ويعوّل بالدرجة الاولى على قدرة الانتخابات في احداث مفاجآت تفسح الطريق امام تشكيل حكومة تتمتع برؤية جديدة قادرة على اعطاء اوكسيجين للبنان واقتصاده، حيث يتم الرهان على ان تترجم صناديق الاقتراع تذمّر المواطنين وتململهم من فشل الحكومات السابقة في معالجة ابسط امورهم الحياتية من كهرباء ومياه وغيرها.
ويشدد الخبير الإقتصادي د. لويس حبيقة على ان "اولوية اي حكومة مشكلة بعد الإنتخابات يجب ان تتركز على اجراء موازنات، فما جرى اقراره من موازنات حتى اليوم لا يخرج عن اطار تقديم حسابات فقط، فالموازنة يتم اعدادها قبل آخر العام لوضع رؤية للعام المقبل. لذلك لا بد من التأكيد ان ما يتم حالياً اليوم هو اجراء حسابات لأعوام جارية في ظل غياب قطع الحساب ومسائل اخرى على قدر كبير من الاهمية". وقال: "المهم ان نضع القطار على السكة الصحيحة بدءاً من الموازنات ثم الاستثمارات ثم الكهرباء ثم المياه. فهل يعقل انه بعد عشرات السنين لا نملك كهرباء؟ الجميع يتقاذف المسؤولية، لكن النتيجة واحدة ان جميع الاطراف فشلت دون اي استثناء".
اهدار الفرصة
ابرز ما يهدّد العملية الإصلاحية المنتظرة تضييع لبنان للفرص الانتقالية التي تحملها الإنتخابات عبر مناكفات بين الاطراف السياسية تفسد انطلاقة ولاية المجلس النيابي الجديد التي ستمتد وولاية رئيس الجمهورية على مدى الاربع سنوات المقبلة، ما يتطلب من المسؤولين وعياً كافياً لتسخير كل الامكانات الموجودة لخدمة الاقتصاد وترجمة ثقة المقترعين عبر تقديم عمل جدي لا سيما لناحية الادرات العامة ومحاربة الفساد المستشري والتوظيفات.
واذ شدد حبيقة على ان "لدى الشعب اللبناني اليوم فرصة في الانتخابات لفرض اشخاص ذو نوعية جيدة في الطبقة السياسية الموجودة تحت قبة البرلمان"، لفت الى "ان فشل الانتخابات في اعطاء دفع للاقتصاد سيخلق مشكلة معقّدة، فكلا المجتمع الدولي والقطاع الخاص يعوّلان على إجرائها، وبالتالي سير لبنان في الطريق الخطأ سيكون بمثابة من يطلق النار على نفسه، ما يؤكد على ضرورة تعاطي اللبنانيين بمسؤولية مع خياراتهم".