خطت الصناعة اللبنانية مع تنفيذ Med Test II خطوة جدية نحو تخفيض التلوث
حيدر: مشاريع جديدة في 2019
وصل برنامج نقل التكنولوجيا السليمة بيئياً في منطقة جنوب المتوسط إلى خواتيم سعيدة، بعد عامين من العمل المتواصل، تجلّت بنجاح 8 شركات صناعية لبنانية في إدخال العديد من الممارسات الإيجابية على آليات عملها سوف تمكنها من تحقيق وفر عبر تكاليف الإنتاج ومراعاة الشروط البيئية في آنٍ واحد.
لا يدل نجاح المشروع إلا على جدية جميع الأطراف العاملة فيه وأبرزها مهعد البحوث الصناعية والشركات المشاركة في البرنامج اللذين أجمعا على الأداء المهني المحترف الذي رافق تنفيذ المشروع. ففي حين أثنى أصحاب الشركات الذين قابلتهم "الصناعة والاقتصاد" على الاهتمام البالغ والمتابعة الدقيقة لعملهم، رأى مدير المشروع محمد حيدر "أن تنفيذ المشروع عزّز ثقة الشركات اللبنانية بقدرة معهد البحوث على تنفيذ مشاريع ذات أهمية بطريقة صحيحة، حيث يعطي كل مشروع حقّه ويتعاطى بجدية ومصداقية مع مختلف الأطراف المشاركة فيه".
وإذ أعلن حيدر أن "العمل على المشروع بدأ في مطلع عام 2015 في لبنان"، كشف "أن الهدف منه تخفيض التلوث بشكل أساس لتخفيض كلفة الإنتاج".
وأشار إلى أنه "وبهدف تنفيذ المشروع تم العمل على مجموعة نقاط تضمّنت الإجراءات ذات الأولوية، وبحسب الأطراف المعنية، بناء القدرات وزيادة الوعي لدى المؤسسات الصناعية ووسطاء الأعمال ومقدمي الخدمات والهيئات الأكاديمية والمؤسساتية. كما تشمل دمج الاستخدام الفعّال أو الرشيد للموارد في إجراءات إلزامية متعلقة بالتدقيق البيئي وبإعطاء التصاريح في وزارتي البيئة والصناعة ووضع المبادئ التوجيهية ومعايير استخدام كفاءة الموارد في مجال الصناعة واعتمادها إضافة إلى وضع الحوافز المادية والاقتصادية المناسبة لاستثمارات كفاءة الموارد والإنتاج الأنظف وللنظام المعلوماتي ذي الصلة".
تكرار قصص النجاح
ويلفت حيدر إلى أن "اختيار الشركات أتى وفقاً لمعايير وخصائص معينة جرى درسها مع الاتحاد الأوروبي من جهة واليونيدو من جهة أخرى، تظهر المصانع الأكثر حاجة إلى تخفيض التلوث".
وكشف أن "اقتصار الشركات المشاركة في المشروع على قطاع الصناعات الغذائية والمشروبات يعود إلى كونه يشكل 50% من مجمل القطاع الصناعي، ما يفسح في المجال أمام إمكانية تكرار قصص النجاح في مواقع إنتاجية أخرى مشابهة، ويسمح بانتشار مشروع نقل التكنولوجيا السليمة بيئياً في لبنان بشكل كبير ومتلاحق".
وفي حين أشار إلى أن إدارة المشروع قامت بعشرات الزيارات إلى المصانع ووقفت عند أدق التفاصيل في عمليات الإنتاج. شدّد على أن "حماس الشركات وجدّيتها ظهرا جلياً من خلال استثمارها لمبالغ كبيرة في شراء العدادات التي ساهمت في متابعة أدق التفاصيل في عمليات الإنتاج".
وفي رد على سؤال حول الخبراء المشرفين على البرنامج، شدّد على أن "لبنان يضم مجموعة من الطاقات المبعثرة. ولفت إلى أن Med Test II تمكّن من جمعها والاطلاع على قدراتها وكفاءتها في موضوع كفاءة الموارد والإنتاج الأنظف". وكشف أنه "في بداية المشروع جرى تقديم أكثر من 200 سيرة ذاتية، جرى إرسالها إلى مركز اليونيدو في فيينا حيث جرى اختيار 50 شخصاً لمقابلتهم". واعتبر أن "غياب أي دور لبناني عن عملية الانتقاء كان أمراً جيداً بغية عدم انتشار المحسوبيات، وأعطى عملية الاختيار طابعاً جدياً 100%".
خطوة بيئية جديدة
وشدّد حيدر على أن "الاستثمار في سبيل تخفيض تكلفة الانتاج قد يوازي في أحيان كثيرة إضافة خطوط إنتاج جديدة". وكشف أن "إدارة المشروع لفتت نظر الصناعيين إلى مسائل تقنية على قدر عالٍ من الأهمية فأولوها الاهتمام اللازم واستقدموا يداً عاملة إضافية ما يؤكد أن المشروع ساهم في خلق فرص عمل جديدة إضافة إلى تحسين جودة المنتجات وجعلها أكثر مراعاة لمعايير السلامة الغذائية".
وشدّد على أن "الصناعة اللبنانية ومع تنفيذ المشروع خطت خطوة جدية نحو تخفيض التلوث، الأمر الذي لم تلتفت إليه بالقدر الكافي في الماضي ، ولكن اليوم ومع ربطها بتخفيض كلفة الإنتاج بشكل كبير، سار الصناعيون على هذه الطريق".
معهد البحوث .. موضع ثقة
وفي رد على سؤال حول جهود اليونيدو في تنفيذ البرنامج، كشف أن "اليونيدو تابعت تفاصيل المشروع بشكل مباشر، وعملت مع المعهد يداً بيد حيث قاما سوياً بجهود كثيرة آخذين بعين الاعتبار واقع لبنان. فكانا يدرسان الخطوات بعمق، ويتبادلان الآراء قبل اتخاذ القرارات".
وشدّد على أن "اليونيدو أصبحت على قناعة تامة بالحرفية العالية التي يبديها المعهد في عمله، وبالتالي فهي على قناعة أن تنفيذ المشاريع الصناعية لن تكون في المستقبل إلا عبر المعهد".
وفي رد على سؤال، أكد أن "وزارتي الصناعة والبيئة كانتا بمثابة ضابطي ارتكاز في المشروع، فاليونيدو أو أي منظمة دولية أخرى مع تنفيذ أي مشروع تحتاج إلى جهة في موقع المسؤولية للتعامل معها، وكون المشروع ذا طابعين بيئي وصناعي، أدت الوزارتان هذا الدور".
انفتاح نحو الخارج
وشدّد حيدر على أن المشروع يفسح في المجال أمام الصناعي للانفتاح على الأسواق الخارجية بشكل واسع، فبمجرد تنفيذ مشروع Med Test II، سيتم استيفاء معظم شروط الأيزو، وسيكون المنتج ECHO ما سيجعله أكثر قبولاً في الأسواق الخارجية.
واعتبر أن "الصناعي اللبناني يحتاج إلى التوجيه والحفاظ على مؤسسته، والمطلوب هو توجيهه عبر القوانين والتسهيلات المصرفية. فمصرف لبنان يؤمن حالياً قروضاً بيئية ميسرة وقروض طاقة بفوائد منخفضة جداً. لكن حتى الآن لا توجد قروض تشمل كفاءة الموارد. ويتم العمل حالياً مع مصرف لبنان لتبني سياسة جديدة يمنح بموجبها القطاع الصناعي قروضاً بفوائد منخفضة جديدة لكل شيء يتعلق بكفاءة الموارد والإنتاج الأنظف".
مشاريع جديدة في المستقبل
وكشف حيدر أن "المعهد يقف على عتبة نمفيذ مشاريع مشابهة لـ Med Test I، إذ إنه تم وضع خارطة طريق تضمنت تفاصيل لمجموعة مشاريع صغيرة ضمن مشروع كبير، وسيبدأ تنفيذها في عام 2019.
وأمل أن يكون لدى الدولة اللبنانية في المستقبل القريب رؤية أوسع أو أشمل للصناعيين اللبنانيين تؤمن بموجبها دعماً حقيقياً لا يقتصر فقط على الشق التقني. وقال: "اليوم وحتى نشجع الصناعي لا يكفي استقدام خبراء، بل نحتاج إلى دعم مادي، وأتمنى أن تحمل المشاريع المقبلة دعماً مادياً مباشراً لأن الواقع الصناعي لم يعد خافيا على أحد".
ولفت إلى الحاجة لمجموعة من التشريعات ترعى الواقع الصناعي في لبنان، فمعظم الصناعات في العالم العربي صناعات مدعومة على عكس الصناعة اللبنانية التي تعاني من صعوبات شتّى أدت إلى تراجع كبير في الصادرات".
وشدّد على الحاجة إلى موازنة أكبر لوزارة الصناعة، وترشيد للصناعيين وفرض رقابة لضبط الأسواق، وتمنى الخير للصناعيين وللاقتصاد اللبناني.