مشاكلنا الإقتصادية معروفة وتبقى العبرة في اتخاذ قرارات للنهوض بالوطن
جعجع: متمسكون بخيار التقدّم
لم يكن نجاح GS Plast الذي أبصر النور عام 1975 مصادفة، بل كان نتاج إرادة صلبة لمؤسسه المرحوم الشيخ سليم جعجع أبت أن تستسلم للتحديات. فاليأس لم يكن أمراً وارداً في قاموسه، إذ كان ينهض مباشرة بعد أي هزة تصيبه ولا سيما إبان حالات عدم الاستقرار التي شهدها لبنان. هكذا نُسِجت أول فصول قصة نجاح GS Plast التي عزّزها لاحقاً سبر أغوار صناعة النيلون الذي شهد الطلب عليها ارتفاعاً مضطرداً على مر السنوات.
لم تكن مواكبة التطور في عالم هذه الصناعة سهلة، بل كانت تحدياً شاقاً تطلب جهود كثيرة لإستقدام أحدث الابتكارات والآلات، إذ إنها عالم واسع جداً حيث يخصص لكل منتج غذائي نوع تعليب خاص يحفظ جودته، من دون التغاضي عن عامل الجمالية الذي من شأنه أن يؤمن إطلالة أولى للمنتج تلاقي استحسان المستهلك.
وفقاً لمدير GS Plast أنطوني جعجع "يدرك القيمون على GS Plast أهمية الدور الذي تتميّز به صناعة النيلون على مختلف الأصعدة ولا سيما على صعيد الحفاظ على أعلى معايير السلامة الغذائية بالنسبة إلى المستهلك، ما شكل دافعاً قوياً لها للاطلاع على كل تحديث جديد واستقدامه، حتى أضحى اليوم GS Plast من اوائل المصانع على صعيد منطقة الشرق الأوسط في صناعة النيلون".
ولفت جعجع إلى أن "صناعة النيلون شهدت تطوراً مضطرداً وسريعاً على مراحل عدّة، وأبرزها اتجاهها إلى مراعاة الشروط الصحية والبيئية في آنٍ واحد والذي فرض تقنيات جديدة ومبتكرة في العمل". واعتبر أن "السير على طريق التطور ومتابعة التكنولوجيا تسهّل العمل إلى حد كبير وتضمن تقديم منتج عالي الجودة إلى الزبون، لكنها خيار عالي الكلفة ويتطلب تضحية باستثمارات كبيرة وإيماناً حقيقياً بضرورة التمسّك بخيار التقدم كعامل أساسي للحفاظ على مكانة GS Plast في الأسواق".
وقال: "مع مرور السنوات، أصبحنا ضليعين بكل تفاصيل السوق، فإضافة إلى زيارة المعارض المتخصّصة والخبرة التي اكتسبناها في كيفية توسيع وتحسين أعمالنا، بنينا علاقات مباشرة مع مصنعي الآلات، فاقتطعنا نسبة من التكلفة التي كنا سنتكبدها إذا ما تعاملنا مع وكلاء لتلك الآلات. وهذا جعل قدرتنا على التطور أسرع وأكثر فاعلية".
وأضاف: "بالنسبة إلينا، إن الوقوف في نقطة معينة يعني التراجع، لذلك نحرص على تحقيق تقدم سنوي ولو أتى ذلك على حساب نسبة أرباحنا. فعدم تطورنا يفسح في المجال لمنافسينا بتخطينا، ولذلك نحرص على استقدام أحدث ماكينات الطباعة لنقدم أعلى مستويات الجودة إلى زبائننا، الذين يشكلون عماداً لإستمراريتنا ولا سيما في ظل الممارسات الخطيرة التي يعمد إليها البعض وانتشار المصانع العشوائية في القطاع ككل".
شقّان للمنافسة
وفي رد على سؤال، رأى جعجع أن المنافسة في الأسواق اللبنانية تحمل شقّين: شق أول يتمتع بالشرعية إذ يأتي من مصانع كـGS Plast تعمل بشكل قانوني، وهذه المنافسة لا تزعجنا البتة إذ لا يوجد مصنع قادر على تلبية حاجات السوق كلها، كما أنها تشكل دافعاً للعاملين في القطاع للتقدم وتقديم الأفضل إلى المستهلك. وشقٍ ثانٍ غير شرعي يأتي من مصانع تمارس الخداع مع الزبائن وتستخدم مواد مضرة جداً في صناعتها وتسبب أمراضاً خطيرة للمستهلكين، إلا أنها قادرة على استقطاب الزبائن عبر أسعار متدنية". وقال: "البعض يعتبر هذا العمل "شطارة"، وهذا أمر معيب وينم عن غياب أي حس بالمسؤولية. إذ إن هؤلاء التجار يستغلون غياب الرقابة على المنتجات في الأسواق وعدم وعي المستهلكين لخطورة المنتج الذي يستهلكونه، فعدم استخدام مواد خاصة بالغذاء في تعليب المنتج الغذائي، قد لا يولد أي رائحة أو طعم أو لون، لكن هذا لا يعني أنه غير مضر بالصحة".
وأضاف: "عاماً بعد عام ، يصبح الواقع أكثر سوءاً. فـGS Plast والمصانع المماثلة تستخدم مواد أولية عالية الجودة وتقدم منتجاً مراعياً لمعايير السلامة الغذائية، وتمنح شهادات صحية بسلامة المنتج ، وبالتالي تقدم منتجاً أعلى سعراً من المصانع التي تتغاضى عن الشروط الصحية. وتكمن المشكلة في تآكل القدرات الشرائية لدى المستهلكين الذي يفضلون المنتج الأرخص، وبالتالي يدفعون التجار ومصنعي الأغذية إلى التعبئة والتعليب في منتجات رخيصة من دون اتباع معايير السلامة".
وتابع: "نشهد نشوء العديد من المصانع السورية، كما تتجه العديد من المصانع اللبنانية إلى التهرب من الضرائب. نتائج غياب الرقابة وانتشار الفوضى كارثية على المستهلكين وتدفع القطاع إلى الاتجاه نحو المجهول، فالصناعي قدرته على مواجهة المشاكل تضاءلت مع استفحال التحديات التي تواجهه وافتقاده إلى الحد الأدنى من التقديمات وفي مقدمتها الكهرباء".
تدابير لوقف الهدر
وأكد جعجع أن "GS Plast تدرك الواقع الصناعي المزري الذي تسبب بإقفال العديد من المصانع، وتتخذ كل الأساليب الوقائية التي تبقي المصنع بعيداً من خطر التراجع، وبناء عليه قامت بتغيير آلية العمل واستقدمت فريق عمل جديد يتميّز بأداء مهني ومحترف، قادر على التخفيف من هدر الوقت والآلات، في محاولة لتخفيض النفقات من دون المس بجودة المنتجات".
ولفت إلى أن "GS Plast يعمل بطريقة متكاملة مع شركة شقيقة وهي Vacuum Bags. وهذه خطوة مهمة، إذ إن تقسيم العمل يساهم في تكريس إدارة فعالة قادرة على ضبط الأمور بشكل أفضل".
ولفت إلى أن "أكثر الصعوبات التي نواجهها حالياً استغراباً هي فقدان اليد العاملة، ففي حين وصل معدل البطالة في لبنان إلى مستويات قياسية، وفي اعتقادي إن هذا يكشف عن خلل في هيكلية اليد العاملة في البلد. فاللبناني ومع ارتفاع تكاليف المعيشة لم يعد يناسبه التدرج في السلم الوظيفي، على الرغم من أن العمل في القطاع الصناعي يحمل آفاقاً واسعة جداً للتطور".
وكشف "أن تداعيات التراجع الاقتصادي الذي شهده لبنان في السنوات الأخيرة تتجلى بوضوح حالياً عبر ضعف السيولة الحاد الذي تشهده الأسواق".
المنتجات اللبنانية رقم صعب .. ولكن
واعتبر جعجع أن " GS Plast ليس بعيداً عن مشكلة تراجع الصادرات التي يعيشها القطاع، إذ شهد تراجعاً لصادراته في أكثر من بلد". وقال: "لكل سوق من الأسواق الخارجية حال خاصة، في بعض الأسواق يعود تراجع الصادرات إلى ظروف لا علاقة للبنان بها. ولكن في أسواق أخرى تؤدي الظروف السياسية دوراً كبيراً، إذ تغيب المصالح الاقتصادية عن أداء السياسيين. فعلى الرغم من أن منتجاتنا رقم صعب في الأسواق الخارجية إذ يتميّز اللبنانيون بقدرتهم على متابعة الأمور وتميّز خدماتهم، تتجنّب بعض الشركات العالمية التعامل معنا خوفاً من أن تمنعنا الخضات الأمنية أو السياسية من الإيفاء بالتزاماتنا، فبالنسبة إليهم لبنان بلد حرب وفوضى".
ورأى أن "أسباب المشاكل الاقتصادية في لبنان معروفة وسبل معالجتها ليست خافية على أحد، وليس المهم وضع الخطط إنما العبرة تبقى في وجود إرادة واتخاذ قرارات للنهوض بالوطن".
وأشار إلى أن "ضعف أداء المسؤولين انعكس بشكل واضح على اللبنانيين الذين يشهدون تراجعاً حاداً للطبقة الوسطى في المجتمع، ففي حين يصعد البعض إلى مصاف الأغنياء والمتمولين يسقط الكثيرون في مستنقع الفقر، وهذا سيحمل تداعيات خطيرة على المجتمع اللبناني لناحية انعدام الأمن وانتشار السرقات".