رئيس نقابة أصحاب الصناعات الغذائية جورج نصراوي:
نطالب بحماية منتجاتنا من المنافسة
فتح رئيس نقابة أصحاب الصناعات الغذائية في لبنان جورج نصراوي، الباب واسعاً لمناقشة القوانين والأنظمة التي تحمي المنتج اللبناني والصناعة اللبنانية وذلك عبر وضع رسوم حماية على كل سلعة تدخل الى لبنان، ومراجعة التكاليف التي ترهق الصناعة اللبنانية من محروقات وكهرباء... الخ، ويقدم في هذا الحوار مع "الصناعة والاقتصاد" أفكاراً تساعد الدولة في ايجاد مخرج للصناعي وذلك عبر مناطق صناعية مجهزة بالبنى التحتية.
يتحدث السيد نصراوي بأسهاب عن نشاط الصادرات الصناعات سنة 2011 معتبرأً أنها كانت جيدة لصادراتنا، بينما شهدت سنة 2012 انخفاضاً عاماً للصادرات من لبنان بنسب تتراوح بين 11 و12 بالمئة، ولكن قطاع الصناعة الغذائية بقي محافظاً على مستواه عام 2012 من دون أن يكون هناك أي تطور.
ويشير إلى أن 2013 يعاني قطاع الصناعات الغذائية من صعوبة، ولذلك يقول توجهنا إلى المسؤولين وتقدمنا بشكوى من ارتفاع تكلفة الصناعة اللبنانية، وهو حاصل بسبب الكهرباء والمحروقات، وكنا قد طالبنا منذ سنوات عديدة بخفض تكلفة القطاعات الصناعية، اسوة بالدول العربية التي تحمي صناعتها وتنافس انتاجنا.
والأمر لم يتوقف عند منافسة الدول العربية فقط، بل دخل على خط منافسة صناعاتنا تركيا التي تقدم دعماً كبيراً لصادراتها، وقد وصفت تركيا بـ "الصين الثانية في الشرق الأوسط" من خلال قدرتها التنافسية وصادراتها الصناعية، وهذه يعود إلى وجود دولة مركزية قوية قادرة على حماية صناعاتها.
مواجهة التنافس
ولمواجهة هذا التنافس، يقول نصراوي بضرورة إعادة ما تعبنا عليه منذ سنوات عديدة، حول تنمية صادراتنا الغذائية تحديداً، من خلال المشاركة في المعارض العالمية، وإحياء المطبخ اللبناني في هذه المعارض، كي نتمكن من تقوية صادراتنا الغذائية، وتقوية هذا القطاع لا تتم إلا من خلال تعاون بين أصحاب المصانع خاصة ونقابة الصناعات الغذائية.
ويرى نصراوي إذا لم تستطع الدولة أن تدعمنا بسبب وضعها الراهن حالياً فقد عرضنا عليها حلولاً، وفي العرف عندما أريد توقيع أي اتفاق تجاري مع اي دولة في العالم يجب أن يكون هناك تكافؤ في فرص الإنتاج، هكذا تنص الإتفاقيات. وعندما أوقع مع أي دولة عربية تدخل منتجاتها الى لبنان وتكون أكلاف أنتاجها أدنى من أكلافي، المفترض من الدولة وضع رسم حماية على المنتج وليس رسم جمرك، ليصير هناك توازن بالاكلاف بيننا وبين هذا المنتج، وهذا ما أقره نظام التجارة العالمية، وكانت الدولة الأميركية وراء نزع الجمارك من دول العالم ووضع بدائل له، وفي المقابل صار هناك حماية المنتجات المحلية وأسواقهم.
ما أطلبه من دولتنا في الدرجة الأولى هو وضع رسوم حماية على كل سلعة تدخل الى لبنان. وهذه التدابير لا يكلّف الدولة مالاً، بل على العكس نحن بهذه الطريقة ندخل المال إلى الدولة، فعندما نضع رسم حماية على المنتج الذي يدخل لبنان، فأننا ندخل عبره مالاً الى الخزينة.
ثانياً، لقد وقعتُ إتفاقيات تجارية مع دول عربية، والسؤال هو كيف سأنمي الصناعة الداخلية المحلية في وقت أستورد فيه بعض المواد لإعادة تصنيعها في لبنان، وأدفع عليها جمركاً، مثل تنكة الكونسروا التي نستوردها لأعبئها في لبنان وأدفع عليها جمرك 10 بالمئة، بينما إذا جاءت من بعض الدول العربية معبأة جاهزة تدخل الى لبنان بصفر جمارك؟ وكيف أصنع منتجاً في لبنان وأنمي صادراته في الوقت الذي أدخل عليه منتجاً بكلفة متدنية؟ كيف ستقف دولتي الى جانبي وتنمي صناعتي بدل أن تتراجع صادرتنا إذا لم تقدم حماية لصناعاتنا؟
نحن لا نحتاج دعماً مالياً من الدولة اللبنانية، أودعماً للوقوف الى جانبي في بعض البروتوكولات المعمول بها، والأنظمة المعمول بها في بلدنا لاستطيع حماية المنتج اللبناني، أوتستطيع تنميته وإعادة إحياء صادراتنا.
اختيارات المستهلك
ورداً على سؤال عما إذا كان يقترح رسوماً على الدول التي تدعم ادراتها، قال نصراوي، ما أحدده هو مع الدول التي وقعنا معها اتفاقيات تجارية، مجمل الدول العربية وقعنا معها اتفاقيات تجارية، مثلاُ عندما تدخل لبنان علبة الفول المدمس الى لبنان من السعودية أو من الإمارات أو من مصر، تأتي بأقل من كلفة الصناعي في لبنان، فكيف سأحارب وأنمي صناعتي؟ عندها من الضروري أن يكون لدينا توافق بالأكلاف كأن نرى كم يدفع الصناعي اللبناني سعر العلبة، وكم يكون سعر العلبة التي تصل من الخارج ونوافق بينهما، مثلاً إذا كان سعر العلبة من الخارج 80 سنتاً وتكون كلفتها في لبنان دولار، أي أن هناك فارقاً 20 في المئة فنضع عليها رسم حماية بنسبة 20 بالمئة لتصير كلفتها بقدر المنتج اللبناني، وعندها يختار المستهلك بينهما.
وهنا أقول إننا لا نستطيع إدخال منتج في مواجهة الصناعي اللبناني بسعر أدنى، ولدينا مثل حيّ في لبنان، كان لدينا مصنع "يونيسيراميك" صرف 500 موظف من عنده بسبب أن منتج السيراميك كان يأتي من مصر بأقل من أكلاف المصنّع في لبنان، طالبنا كجمعية أن نحميه وندعمه منذ وجود وزير الصناعة الراحل بيار الجميل، الذي ساعدنا ووضع له حماية، وبعد أغتيال الوزير الجميل رفعوا الحماية عنه، وكانت نتيجتها إعلان المصنع إفلاسه وإغلاق أبوابه.
ولكي لا تتكرر هذه الظاهرة أو تنتقل إلى صناعات أخرى وتغلق، نطالب الدولة بالحماية، فكل مصنع يغلق يصرف عمّالاً في مقابله، ونحن اليوم بأمس الحاجة في لبنان ألا نصدّر شباباً بل نستوعب ونؤمن فرص عمل للشباب.
المناطق الصناعية
ورد نصراوي على غياب الدولة في استثمار الرض لإنشاء مناطق صناعية، يجب ان نتحدث عن عدة عوامل ذكرت منها عاملاً واحداً. وبالنسبة إلى المناطق الصناعية، على جمعية الصناعيين أن تقوم بتقديم دراسة إلى الدولة لإحياء مناطق صناعية، وكما أعلم هناك لجنة في جمعية الصناعيين تتابع هذا الموضوع على صعيد عدة محافظات في الشمال، والبقاع والجنوب، وحتى في ضواحي بيروت، لإنشاء مناطق صناعية، عندها الصناعي الذي يملك قطعة أرض في بيروت وثمنها مبالغ كبيرة، يستطيع بيعها واستثمار ماله مرة جديدة في مناطق صناعية أخرى.
إنما المناطق الصناعية التي ستحددها الدولة يجب أن تكون جيدة، وليس أن نختار أرضاً في الجبل (أرض بور) واقول للصناعي (تفضل أنا أعطيتك أرضاً صناعية)، بل لنعمل مثل الدول العربية كالسعودية مثلاً، هناك طريق أوتوستراد يدخلنا الى المدينة الصناعية، وهي مجهزة بالبنى التحتية من مجارير مياه، ومياه شفة وكهرباء واتصالات. واليوم الدولة عليها أن تجهز البنى التحتية وتقطّع الأراضي وتقول لدينا مدينة صناعية مجهزة.
ثغرة الكلفة
وحول وجود عاملين أساسيين لسد ثغرة التفاوت بكلفة الإنتاج عبر الحماية والأرض، لفت نصراوي إلى وجود عامل ثالث يأتي بتكافؤ الفرص القانونية بالاتفاقات مع أي دولة، فحين أوقع اتفاقات تجارية مع السعودية مثلاً، يكون فيها ثمن طن المحروقات للصناعي يتراوح بين 100 و150 دولاراً، بينما نحن كصناعيين في لبنان ندفع ما يقارب الألف دولار، أي بين الستة والسبعة أضعاف، فكيف سأصنّع منتجاً في لبنان وأدخل منتجاً ثانياً من بلد وقعت معه بروتوكولاً تجارياً يدخل علينا بأقل أكلاف؟ عندها تأتي تلك الدولة التي وقعت معها اتفاق تجارياً وتعطيني كمية من المحروقات بالأسعار التي تعمل هي عليها، يعطونا اياها ويقولون لنا كيف تتم المراقبة عليها. وقد تحدثنا مراراً مع بعض الوزراء المعنيين ولم نجد جواباً عليها، مع ان الأمر سهل جداً. فأنا عندي مصنع من المفترض ألا أدفع على فواتير المحروقات (TVA) الضريبة المضافة، ولا استطيع التهريب، ويقول المسؤولون "حاجتك كانت مئة طن ولكنك طلبت ألف طن وتاجرت بها في السوق السوداء". المراقبة على هذا الأمر سهلة جداً، بالنسبة لي مثلاً لا تزال فواتير المحروقات التي استخدمتها في 2012 موجودة في محصلتي ومقدار الضريبة المضافة التي تأخذها الدولة مني، ولا استطيع الغش بها، عندها أبرز فواتيري لمعرفة حاجة المؤسسة الصناعية الاستهلاكي لنؤمن بدلها نفطاً بسعر مخفّض من هذه الدول، وهنا أنا لا أحمّل دولتي فوق طاقتها، بل على العكس أدعم دولتي. فكل استهلاك البترول للصناعة في لبنان لا يصل الى جزء من استهلاكه في بعض الدول العربية، وكم ببضعة براميل يستخدمونها في اليوم الواحد.
لذلك عندما تبدأ هذه المبادرة وتقتنع بها دولتنا عبر تشكيل لجنة من وزراء معينين مكلفين من قبل مجلس الوزراء مع الصناعيين، ولتنفيذ مشروع المنطقة الصناعية.
الأمن الغذائي
وحول فوائد تحسّن وضع الصناعات الغذائية على باقي القطاعات وابرزها القطاع الزراعي، قال نصراوي ان لبنان بحاجة إلى سياسة أمن غذائي مثلما يؤسس للأمن العسكري. اليوم إذا حصلت أي كارثة قوية ماذا سنؤمن في لبنان، نحن نستورد بموازنة 85 بالمئة ونصنّع 15 بالمئة وما نصنّعه في لبنان نصدّر منه، لهذا يجب خلق سياسة أمن غذائي، لدينا أراض بور كثيرة في لبنان يمكننا اعادة استهلاكها لاحياء الزراعة في لبنان، لننتج أمننا الغذائي، ونستطيع فتح فرص عمل للكثير من اليد العاملة. ويتابع قائلاً، نحن لدينا متممات للصناعات الغذائية، منها معامل الكرتون والبلاستيك والزجاج والتنك والكثير غيرها، وعندما تطبق هذه السياسية تنشّط كل القطاعات المرتبطة بها.
وحول دور التعبئة والتغليف في عملية التسويق، قال نصراوي: نحن منذ أن وضعنا نقاطاً على قطاع الصناعات الغذائية وضعنا أفقاً لكل صناعي يريد تصدير منتجاته، إذ عليه أن يطوّر الملصقات والتغليف ليكون لديه مواصفات عالمية، واستطعنا من خلال المعامل كلها والمنتسبين للنقابة والمشاركين معنا في المعارض أن نضع الأفكار لتطوير منتجاتنا. أولاً عبر تطوير المنتج بحد ذاته ليمنح ثقة للمستهلك. ثانياً أن يتم تطوير التغليف لكي يصبح فاعلاً ومقبولاً اتجاه المنتجات الموجودة في دول العالم.
لقد تمكنا خلال سنوات من الوصول إلى تنويع منتجاتنا الى نتيجة جيدة جداً، وطورنا وصار لدينا وضع جيد في لبنان.