منتدى المال والأعمال: "ليبقى القطاع الخاص قاطرة النمو"
وصف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة "الأوضاع التي تمرّ بها معظم الدول العربية ودول البحر المتوسط بالدقيقة ولا تشجّع على الاستثمار". وقال ان "لبنان يتأثر بهذا المناخ، لا سيّما أن الأحداث في سوريا تنعكس مباشرة على تصرّف المستثمر والمستهلك ولها ارتدادات على الوضع السياسي والأمني وعلى الاستقرار الاجتماعي". واعتبر أن نسبة "نمو بحدود الـ2 في المئة في العام 2012، هي من أفضل النسب في الدول العربية غير النفطية وفي دول المتوسط".
كلام سلامة جاء خلال افتتاح منتدى المال والأعمال "ليبقى القطاع الخاص قاطرة النمو"، الذي نظمته شركة كونفكس بالتعاون مع مصرف لبنان، في فندق "الموفنبك" برعاية رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، ممثلا بوزير الاقتصاد والتجارة نقولا نحاس – بيرو، وحضور وزير الدولة مروان خير الدين، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ورئيس اتحاد الغرف اللبنانية محمد شقير ورئيس مجلس إدارة شركة "كونفكس انترناشيونال" رفيق زنتوت، ورئيس الجمعية اللبنانية للجودة فادي صعب.
بعد النشيد الوطني، تحدث زنتوت فقال: "يأتي انعقادُ منتدى المال والاعمال تحت عنوان (ليبقى القطاع الخاص قاطرة النمو)، للتشديد على دور القطاع الخاص في وقت ترى الدولة نفسها عاجزة أمام تراكم المشاكل»، مشيراً إلى ان "جلسات المنتدى ستتمحور حول موضوعين، هما جذب الاستثمارات لتحفيز النمو الاقتصادي، ومساندة القطاعات الإنتاجية وتحصين الشركات الكبرى والصغرى".
ثم تحدث صعب، فقال: "يبقى القطاع الخاص قاطرة النمو، عنوانا يفتح أمامنا العديد من التساؤلات تذهب أبعد بكثير من تحليل قدرة القطاع الخاص المحافظة على إمكانيات مكوناته الإنتاجية"، داعيا الى "استعادة الثقة بالوطن واقتصاده عبر التأكيد على الاستقرار الأمني والأمان الاجتماعي وسلطة القانون وعدالة القضاء ودور المؤسسات الرسمية، ومحاربة الفساد ومكافحة الرشوة وتفعيل أسس الشفافية ومبادئ المساءلة والمحاسبة".
سلامة: الاقتصاد يحتاج الى الثقة
وأشار سلامة في كلمته الى ان الودائع زادت بمبلغ 9,1 مليارات دولار مقارنة مع مبلغ 7,6 مليارات دولار للعام 2011، وارتفعت التسليفات بأكثر من 10 في المئة مقارنة مع العام 2011.
إن التوقعات لأداء المصارف في العام 2013 جيدة، لا سيّما أنه تم خلال العام 2012 تكوين المؤونات المطلوبة مقابل المخاطر المحلية والإقليمي، ولا نتوقّع مفاجآت سلبية على ميزانيات هذه المصارف في العام 2013.
وقال «ان حاجة الاقتصاد الأولى هي الثقة والمبادرات التي تدعم الطلب الداخلي دون إحداث تضخم». ويقدر مصرف لبنان التضخّم خلال العام 2012 بـ5,3 في المئة وسنسعى أن يكون التضخم أقل من 4% خلال العام 2013 ما دامت الأوضاع على حالها. مشيرا الى ان «مصرف لبنان حسّن ميزانيته نوعيا، فباع 2,2 مليار دولار أميركي من السندات بالعملات الأجنبية المصدرة بالدولار من الدولة اللبنانية، واستبدل شهادات إيداع بالليرة اللبنانية بما يفوق الستة آلاف مليار ليرة لبنانية تستحق في العامين 2013 و2014 بشهادات استحقاقاتها بعيدة الآجال، وكل ذلك حققناه في آخر ثلاثة أسابيع". وشدد على استقرار الفوائد واستقرار اسعار العملة الوطنية.
خير الدين: فصل السياسة عن الاقتصاد
بدوره، رحب خير الدين، بـ"الخطوة الأخيرة التي قام بها مصرف لبنان المركزي بضخ 1,4 مليار دولار، مما لا شك بها ستؤتي ثمارها وسترفع نسبة النمو بالحد الأدنى كمثيلتها في العام 2012"، مضيفاً: ان "الوضع العام من حيث الفوائد لا يزال مشجعاً، وأي شخص في لبنان يودّ القيام بمشروع منتج (يعود عليه بمردود إيجابي)، يستطيع الحصول على التمويل المناسب".
وتطرق إلى السوق العقارية، فأشار إلى ان "هناك استقرارا شهدناه السنة الماضية، وهذا كان متوقعا بغض النظر عن الظروف القائمة، ومما لا شك فيه اننا أمام تحديات كبيرة، منها المشاكل البنيوية نتيجة الوضع غير السليم في البلد، ونستطيع مجابهة هذا الموضوع بالمعالجة الجدية"، داعياً إلى "فصل السياسة عن الاقتصاد، وتحديد المواقف بالشق الايجابي من الاقتصاد والابتعاد عن اعتماد السلبية".
نحاس: الاستقرار السياسي والأمني
ثم اختتم الجلسة الافتتاحية الوزير نقولا نحاس، فقال: «إن تطور الأزمات الداخلية والخارجية يجعل من الضرورة ومن المحتم، العمل على ان يكون للقطاع الخاص المجال والإمكانية والقدرة على التطور والنمو والإسهام في إيجاد المخارج والبدائل والحلول للمسارات التي يمكن ان تشهد انكماشاً أو تراجعاً"، مضيفاً: إن "هذه الأهداف لا يمكن أن تتحقق إلا عبر سياسات اقتصادية ملائمة تؤمن بالشراكة الفاعلة بين القطاعين العام والخاص، وبأن التنافسية هي السبيل الأمثل والأنجح ليكون النمو عملية مستدامة تؤمن الاستقرار المالي والاجتماعي. كما أن تحفيز القطاع الخاص يستلزم معالجة جدية وفاعلة لبعض المعوقات المزمنة التي ترهق وتحد من قدراته على التطور وعلى استقطاب الاستثمارات المنتجة".
وتطرق نحاس الى الاستقرار السياسي والأمني، لافتاً إلى انه لا يتحقق إلى من خلال "العمل على استيعاب التحولات السياسية في المنطقة، واستيعاب الانقسامات والتشنجات على صعيد السياسة الداخلية، ومعالجة الأحداث الأمنية، كذلك الحد من تأثيرات النمو ودعوات التطرف والتباعد"، مضيفاً "وللوصول إلى البيئة التشريعية الصالحة، يجب العمل على تحديث وتطوير التشريعات والقوانين الاقتصادية، ومراجعة رزمة كبيرة من القوانين المتعلقة بالاستثمارات الأجنبية والسياحية وغيرها، لتتلاءم مع التطورات العالمية".
ودعا نحاس إلى خلق استراتيجية لإشراك القطاع الخاص في الخدمات العامة والبنى التحتية"، متناولا ما تقوم به الوزارة التي تدعم كل الجهود والنشاطات للنهوض بالاقتصاد، لا سيما للنهوض بالقطاعات المنتجة"، مشدداً على "ضرورة العمل على خلق البيئة الملائمة لمشاريع التنمية، بما يؤدي إلى نمو وازدهار اقتصاد لبنان، وإلى زيادة الإنتاج وتحقيق الرخاء للمواطنين، ورفع مستوى معيشتهم، وتوفير فرص العمل".