تحول واضح في القطاع العقاري نحو بناء الشقق الصغيرة
سجّل القطاع العقاري اللبناني أداءً مبهراً خلال النصف الثاني من العقد الماضي، حسب تقرير لـ«بنك الاعتماد اللبناني»، مع ارتفاع الأسعار ارتفاعا لافتا، وذلك تزامناً مع تباطؤ الاقتصاد العالمي وتدهور أسعار العقارات إقليميّاً وعالميّاً. وبالإضافة إلى ذلك، شكّل القطاع العقاري قاطرة أساسيّة للاقتصاد اللبناني، مع جذبه استثمارات خارجيّة بمليارات الدولارات وتحفيزه النموّ الاقتصادي. في هذا السياق، ارتفع حجم الاستثمارات الخارجيّة المباشرة في القطاع العقاري من 1,65 مليار دولار في العام 2006 إلى حوالي 3,47 مليارات دولار في العام 2010. إلا أنّ بداية العام 2011 شهدت تحوّلاً ملحوظاً في أداء القطاع العقاري وذلك على أثر مجموعة من العوامل المزعزعة للاستقرار أبرزها الفراغ الحكومي خلال النصف الأول من العام، إضافة إلى الوضع السياسي المتوتّر الناجم عن الربيع العربي، والذي ما زالت تداعياته تؤثّر على الاقتصاد اللبناني حتى يومنا هذا. نتيجة لذلك، تراجع الطلب على العقارات (مع متوسّط نسبة شغور بلغ 51,03 في المئة للشقق الجديدة في مناطق بيروت والمتن وبعبدا وكسروان وعاليه) ترجم من خلال انخفاض في المعاملات العقاريّة بشكل ملحوظ، فيما بقيت الأسعار مستقرّة عامة لتنهي بذلك فورة دامت لمدّة خمس سنوات. علاوة على ذلك، أدّى الارتفاع الكبير في الأسعار إلى تحوّلات في أذواق المستهلكين الذين اتّجهوا نحو الشقق الصغيرة والمتوسطة الحجم خارج نطاق العاصمة بيروت. في هذا السياق احتلّت بيروت المرتبة الثامنة من أصل 385 مدينة حول العالم لجهة متوسّط أسعار المنازل من متوسّط الدخل العائلي والذي بلغ 31,44 سنة خلال العام 2012. كما شهد السوق العقاري في لبنان تحولا تدريجيّاً من قبل المطوّرين العقاريين نحو بناء شقق أصغر حجماً تلبيةً لأذواق المستهلكين في ظلّ الغلاء غير المسبوق في الأسعار العقاريّة. وبالتفاصيل، ارتفعت حصّة رخص الشقق الصغيرة الحجم (مساحة ما بين 100 متر مربّع و150 مترا مربّعا) من إجمالي رخص الوحدات السكنيّة الجديدة من 26,31 في المئة في العام 2009 إلى 37,93 في المئة في العام 2010 و45,98 في المئة في العام 2011. من ناحية أخرى، تراجعت حصّة رخص الشقق المتوسّطة الحجم (مساحة ما بين 151 مترا مربّعا و200 متر مربّع) والشقق الكبيرة (مساحة أكبر من 200 متر مربّع) من 28,37 في المئة و23,15 في المئة في العام 2009 إلى 27,17 في المئة و19,21 في المئة في العام 2010 و 22,79 في المئة و14,13 في المئة في العام 2011 بالتتالي. ويذكر ان الارتفاع الجنوني في أسعار العقارات لم يواكبه أي ارتفاع يذكر في أسعار الإيجارات وذلك بسبب توافر مروحة من القروض السكنيّة المخصّصة للعائلات الفقيرة والمتوسّطة الدخل وسلسلة التحفيزات التي أطلقها مصرف لبنان بهدف توظيف السيولة العالية لدى القطاع المصرفي اللبناني. وينعكس ذلك من خلال انخفاض مردود الإيجارات (نسبة الإيجار السنوي إلى سعر المنزل) من 7,46 في المئة في العام 2007 إلى 3,30 في المئة في العام 2010 قبل أن يرتفع مجدّداً إلى 4,65 في المئة في العام 2011 في ظلّ ركود أسعار العقارات. أمّا بالنسبة لآفاق القطاع العقاري فلا يتوقّع أحد أي هبوط في الأسعار عامة على المدى القريب، إلا أنّ هامش المفاوضة عند المستهلكين أصبح أقوى، الأمر الذي يخوّلهم الحصول على بعض الحسومات.
|