خط بحري لتصدير المنتجات الزراعية والصناعية
كلفة النقل تبدأ بـ1500 دولار وتصل إلى 3600 دولار
يعيش لبنان وضعاً اقتصادياً واجتماعياً صعباً من أبرز مظاهره، أزمة الطرق البرية بين لبنان وسوريا التي لم تعد آمنة، وتنعكس أثارها على المنتجات اللبنانية.
وتجهد كل الجهات المعنية وخصوصاً في القطاعين الصناعي والزراعي لتسويق منتجاتها عبر خطوط بديلة، بعد ان تراجع التصدير الزراعي بنسبة 80%. واصبحت الصادرات الصناعية في منتصف دائرة الخطر خصوصاً ان التراجع يتراوح بين 30 و50% خلال النصف الأول من عام 2012.
هذا الواقع استدعى من السلطات المعنية والمصدرين اللبنانيين البحث عن خط بديل. وتبين ان الشحن البحري متاح بكلفة أقل، سواء بالشحن الجماعي أو الافرادي. لكن الاشكالية تقع لا المصدرين يطالبون بدعم كلفة النقل البحري وهو أمر غير مقبول بالنسبة إلى السلطات الرسمية.
وزير الاقتصاد والتجارة نقولا نحاس يؤكد أن الخيارات المتاحة غير واضحة بعد، وأنه بانتظار نتائج الدراسة التي تعدّها اللجنة المختصة، لكن وزارة الزراعة انفردت، بإعلان الخيار الذي اتخذته اللجنة المعنية، مشيرة إلى أن أفضل الخيارات هو التصدير بالحاويات المبرّدة، أي بالتصدير البحري التقليدي، لا بواسطة البواخر المُدحرجة التي يصدّر عبرها جماعياً وتحتاج إلى اتفاقيات دولية.
ويعتقد نحاس أن لكل خيار مساراً وكلفة، وبالتالي «من المبكر الحديث عن دعم كلفة النقل البحري، بانتظار انتهاء الدراسات التي تقوم بها الإدارات المعنية». لكن وزارة الزراعة أشارت إلى أنها نجحت في تصدير 200 مستوعب مبرّد من البطاطا عبر مرفأ بيروت، مؤكدة أن تصدير هذه الكميات جرى بالطرق التقليدية بعدما أقرّت اللجنة المشتركة بين الوزارات والإدارات المعنية سلسلة تدابير تسهّل حركة التصدير. ومن أبرز التسهيلات تأخير موعد إقفال بوابات المرفأ حتى السادسة مساءً للسماح بإدخال المستوعبات وتحميلها على سفن الشحن، بعدما كان دخول الشاحنات إلى المرفأ يتوقف عند الثانية من بعد الظهر.
موقف وزارة الزراعة
وبحسب وزارة الزراعة، درست اللجنة الجوانب الفنية واللوجستية والمالية، واتفق أعضاؤها على أن الحاويات المبردة هي واسطة النقل الأفضل بحراً في عملية نقل المنتجات الزراعية. وترى الوزارة أن الجدوى الاقتصادية لهذا الخيار هي أفضل من التصدير البحري بواسطة البواخر المدحرجة (بواخر RORO) التي ترتبط بتأمين حمولة كاملة، مشيرة إلى أن البواخر التابعة لشركات الملاحة البحرية التي تؤمّ مرفأ بيروت كفيلة بنقل الإنتاج الزراعي بالحاويات المبردة مهما كان عددها، بمعدل باخرة كل 36 ساعة، إلى مختلف المرافئ في الدول العربية ودول المنطقة.معروف أن النقل بواسطة بواخر الـRORO يكون على النحو الآتي: تجميع حمولة كاملة من الشاحنات التي تحمل مستوعبات معبأة بالسلع والمنتجات، فتُشحَن من مرفأ إلى آخر وفق اتفاقيات دولية ترعى هذا الأمر وتسهّله، وعندما تصل إلى المرفأ المقصود تستكمل الرحلة لتذهب الشاحنات برّاً إلى مقصدها النهائي. وبحسب رئيس مجلس إدارة «إيدال» نبيل عيتاني، يتعذّر نقل سائر سائقي الشاحنات المبرّدة على بواخر الـ RORO، ما يفرض انتقالهم جواً إلى مرفأ المقصد لتسلّم مركباتهم لاستكمال عملية النقل بواسطتهم، وبالتالي «ليس لدينا القدرة على تشغيل هذه البواخر، فأسطولنا البحري ليس قادراً على تلبية هذا الطلب وليس كافياً بحجمه، فضلاً عن أن التصدير بكميات كبيرة يغرق الأسواق وهذا ليس في مصلحتنا، كذلك إن التصدير عبر هذه البواخر يحتاج إلى اتفاقيات دولية".
وحددت وزارة الزراعة جدولاً عن كلفة الأسعار عبر بعض شركات الشحن البحري بحسب المقصد والفترة الزمنية للوصول انطلاقاً من مرفأ بيروت على أساس الحاويات المبردة مقاس 40 قدماً وسعة 27 طناً. وقد راوحت الكلفة على النحو الآتي:
ـــ الإمارات العربية المتحدة (أبو ظبي، جبل علي، دبي): 3000 دولار و3 أسابيع.
ــــ البحرين وقطر (البحرين، الدوحة): 3300 دولار و3 أسابيع.
ــــ الكويت وعمان (الكويت، مسقط): 3600 دولار و3 أسابيع.
ــــ السعودية (جدّة): 2400 دولار وأسبوع واحد.
ــــ مصر (بورسعيد): 1500 دولار وأسبوع واحد.
ـــــ ليبيا (بنغازي، مصراتة، خمس): 3000 دولار وأسبوعين.
ــــــ الأردن (العقبة): 3000 دولار و3 أسابيع.
تقرير جمعية المزارعين
هذا الحلّ الذي عمّمته وزارة الزراعة، يفترض أن يعالج مشكلة تقلّص التصدير الزراعي. فبحسب التقرير نصف السنوي لجمعية المزارعين اللبنانيين عن حركة الصادرات الزراعية، تبيّن أن هناك تراجعاً بنسبة 19% في النصف الاول من عام 2012. فالصادرات الزراعية كانت 224 ألف طن في أول ستة أشهر من عام 2010، لكنها تراجعت إلى 196 ألف طن في الفترة نفسها من عام 2011، أي بتراجع نسبته 12.5%، ثم تراجعت إلى 182 ألف طن في عام 2012.
ويشير التقرير إلى أن التراجع بلغ 27% في شهر كانون الثاني 2012 مقارنة بالفترة نفسها من 2010، وتراجع بنسبة30% خلال شهر شباط و18.5% في شهر آذار، لكنها استقرت في نيسان، لتعود وتنخفض مجدداً في أيار إلى 21% ثم تنخفض 19% في حزيران.
أما حركة الصادرات نسبة إلى الأصناف، فقد بّينت أن صادرات البطاطا تراجعت بنسبة 52% في النصف الأول من 2012، وصادرات الحمضيات بنسبة 27%، والتفاح 19%، والموز 14%.
وسجّلت الجمعية زيادة في صادرات المشمش والكرز واللوزيات بنسبة 15% رغم أن التراجع في عام 2011 بلغ 42%. وزادت صادرات الخس بنسبة 5%، وصادرات الثوم زادت مرتين ونصف من 2300 طن سنة 2010 إلى 6100 طن سنة 2012.
وشدّدت الجمعية على ضرورة تدخل الدولة لإيجاد البديل لخط النقل البري (أي خط النقل عبر سوريا) مع الحفاظ على مصالح قطاع شاحنات النقل الخارجي، مطالبة بإنشاء وتمويل خط عبّارات بين لبنان ومصر أو الاردن أو جدّة في الفترة الاولى لنقل الشاحنات بحراً لما سيكون لهذه الخطوة من إيجابيات على حركة الصادرات. أما عدم إنشاء هذا الخط وتمويله، فهو برأي الجمعية «تخلّي الدولة عن واجباتها".