" النقل البحري هو البديل من النقل البري ومحطة الحاويات أنقذت الصادرات اللبنانية من كارثة محتمة
زخور:مرفأ بيروت طائر يغرد خارج السرب
"طائر يغرّد خارج السرب" هكذا وصف رئيس الغرفة الدولية للملاحة في بيروت إيلي زخور مرفأ بيروت الذي يسجل نتائج جيدة بحركته الإجمالية ووارداته المرفئية في وقت ترتفع خلاله شكوى معظم القطاعات الإقتصادية في لبنان من تراجع نشاطها وإيراداتها بصورة كبيرة بسبب الأزمات السياسية والأمنية في لبنان واستمرار الحرب المشتعلة.
واعتبر زخور في حديث مع "الصناعة والإقتصاد" أن "الأرقام الجيدة التي يحققها مرفأ بيروت، وإن تراجعت قليلا في النصف الأول من العام الحالي، عما كانت عليه في الفترة ذاتها من العام الماضي، تؤكد أن المرفأ تمكن من استيعاب هذه الأزمات والتكيف مع تداعيات الحرب السورية، في ظل الحد الأدنى من الاستقرار الأمني المخيم على البلاد".
ولفت إلى أن "المرفأ الذي لم يكن يتداول أكثر من 300 ألف حاوية نمطية سنويا، قبل استحداث محطة الحاويات واستخدامها في العام 2004، استطاع أن يحقق رقما قياسيا جديدا في العام 2014، بتداوله أكثر من 1.210 ملايين حاوية نمطيةمرفأ بيروت". وكشف أن "مرفأ بيروت استطاع أن ينضم إلى لائحة المرافئ المئة الأولى في العالم التي تتعامل مع أكثر من مليون حاوية نمطية سنويا، وذلك للعام الخامس على التوالي".
المحافظة على الأمن
وإذ رأى أن التحديات التي تواجه قطاع النقل البحري اللبناني ومرفأ بيروت "تتمثل بقدرة الدولة على المحافظة على الاستقرار الأمني في البلد ولو بحده الأدنى، قال: "تدهور الأوضاع سيؤثر حتما سلبا على قطاع النقل البحري عامة ومرفأ بيروت خاصة، أسوة بباقي القطاعات الإقتصادية. فتدهور الأوضاع الأمنية سيدفع التجار إلى شدّ الأحزمة وتقليص مستورداتهم، ما يعني تراجع حركة النقل بصورة عامة".
النقل البديل
وفي رد على سؤال حول الإنتكاسة التي تعرّض لها قطاع النقل البري مع استمرار الاضطرابات في الدول العربية، قال زخور: " كما أصبح معروفا بأن استمرار الحرب في سوريا وتمكن المسلحين من السيطرة على المعابر البرية التي تربط سوريا بكل من العراق والأردن والخليج العربي، أدّيا إلى إقفال هذه المعابر التي تعتبر الممر الإلزامي للصادرات اللبنانية إلى العراق والعمق العربي ولا سيما دول الخليج.وتشير الأرقام إلى أن عدد الشاحنات، التي كانت تمر بهذه المعابر ذهابا وإيابا قبل إقفالها، كان يتراوح ما بين 400 و 500 شاحنة يوميا، وأن أكثر من 800 ألف طن من الصادرات اللبنانية الصناعية والزراعية كانت تنقل برا عبر الأراضي السورية إلى الدول العربية".
وأضاف: "إن هذا الإقفال المفاجئ لتلك المعابر البرية دفع المصدرين اللبنانيين إلى البحث عن البديل. ولم يكن أمامهم من خيار سوى النقل البحري بواسطة البواخر الناقلة للحاويات أو العبّارات الناقلة للشاحنات المحملة بالصادرات اللبنانية. وفوجئ الكثيرون من مسؤولين معنيين ومصدرين أن الحل الأفضل والبديل من النقل البري موجود عبر محطة الحاويات الحديثة والمتطورة في مرفأ بيروت. فهذه المحطة تمكنت من استقطاب أهم الخطوط البحرية العالمية للتعامل مع المرفأ، وبالتالي ربطه بمعظم المرافئ العالمية، ومن بينها المرافئ في البلدان العربية. فاندفع الصناعيون والمزارعون إلى شحن صادراتهم بواسطة بواخر الحاويات ضمن الحاويات العادية أو المبردة، فارتفع عدد الحاويات المصدرة ببضائع لبنانية بصورة تدريجية من 2500 حاوية نمطية شهريا إلى أن وصل في شهر تموز الماضي إلى أكثر من 9500 حاوية نمطية. وبينت الإحصاءات أن أكثر من 45 بالمئة من الحاويات المصدّرة هي حاويات مبردة محملة بالمنتجات الزراعية اللبنانية".
وتابع: "أما من جهة الشحن بواسطة العبّارات (Ro/Ro) فهو أكثر تعقيدا وأكبر كلفة وبحاجة إلى أكثر من عملية تحميل وتفريغ. كما أنه ليس هناك من خطوط بحرية بواسطة العبارات تربط مرفأ بيروت بصورة منتظمة مع المرافئ في الدول العربية. وبالرغم من تخصيص الحكومة اللبنانية لأكثر من 21 مليار ليرة لدعم الصادرات الزراعية بواسطة بواخر (العبّارات)، فإن المزارعين والصناعيين مستمرون بشحن صادراتهم بواسطة بواخر الحاويات".
تجاوز الكارثة
وأشار زخور إلى أنه " بالرغم من تراجع الصادرات اللبنانية في النصف الأول من العام الحالي عما كانت عليه في الفترة عينها من العام الماضي، تمكن الصناعيون والمزارعون من تجاوز كارثة محتمة كانت تنتظرهم". وفي حين لفت إلى أن "محطة الحاويات في مرفأ بيروت أمنت لهم شحن صادراتهم بواسطة بواخر الحاويات إلى معظم البلدان العربية، وبالتالي بالمحافطة على زبائنهم وحصتهم في الأسواق العربية، أعلن أن "الشحن من طريق الجو شهد نشاطا متواضعا بعد إقفال المعابر البرية، ولا يمكن مقارنته بالنشاط الكبير الذي يسجله الشحن بواسطة بواخر الحاويات، فتكلفة الشحن جوا تبلغ أضعافا عدة لتكلفة الشحن بحرا".
وفي إطار حديثه عن أبرز الخطوات التي يجب أن تتخذها الحكومة لدعم قطاع النقل وتأهيله ليتمكن من أداء الدور المطلوب منه على الصعيد الإقتصادي، أعلن زخور أنه " كان من المتوقع أن يشهد مرفأ بيروت في نهاية العام 2013 المباشرة في تنفيذ مشروع توسيع جديد من جهة الغرب، عبر ردم الحوض الرابع وبناء رصيف جديد مكانه قادر على التعامل مع السفن التقليدية (conventional) والناقلة للحاويات معا". وكشف أن "هذا المشروع هو الثاني بعد أن تم تنفيذ مشروع التوسيع الأول من جهة الشرق، عبر تطويل الرصيف المركزي رقم 16 في محطة الحاويات حتى مجرى نهر بيروت. وقد تم إنجاز هذا المشروع والبدء باستخدامه في نهاية العام 2013، ما أدى إلى إيجاد حل لأزمة الازدحام التي كانت تعاني منها محطة الحاويات". وقال: "مشروع التوسيع الجديد الذي كانت إدارة المرفأ تنوي تنفيذه لقي اعتراضات من جهات عدة، ما دفع إدارة المرفأ إلى عرض هذا المشروع على قيادة الجيش اللبناني للاطلاع على رأيها وملاحظاتها. فرأت قيادة الجيش بعد درسها للموضوع بأن ردم الحوض الرابع سيؤدي إلى خفض عدد الأرصفة العاملة في المرفأ، وبالتالي عرقلة تلبيص السفن الحربية التابعة للدول الصديقة التي تزور المرفأ، وفي طليعتها السفن الحربية التابعة لقوات الـ(Unifil) العاملة في الجنوب اللبناني. كما أن القوات البحرية اللبنانية ستتسلم سفنا حربية جديدة من ضمن الهبة السعودية، وبالتالي فإن ردم الحوض الرابع والقدرة الاستيعابية المحدودة للحوض الأول في مرفأ بيروت والذي ترسو على رصيفه حاليا السفن الحربية اللبنانية، سيشكلان مشكلة كبيرة تتمثل بعدم قدرة المرفأ بعد ردم الحوض الرابع على استيعاب حركة السفن الحربية الحالية والجديدة. لذلك، وبناء على ملاحظات قيادة الجيش اللبناني، طوت إدارة المرفأ مشروع ردم الحوض الرابع، وقدمت مشروع توسيع جديد، يأخذ في الاعتبار ملاحظات قيادة الجيش اللبناني، على أن تترك لهذه القيادة أخذ القرار المناسب بشأنه".
وشدّد على "أن مشاريع التوسيع والتطوير والتحديث يجب أن تتواصل في مرفأ بيروت ليظل قادرا على المنافسة والاستمرار في أداء دوره المحوري في المنطقة. فشركتان بحريتان عالميتان مشهورتان تعتمدان محطة الحاويات حاليا كمركز رئيسي لعمليات المسافنة نحو مرافئ البلدان المجاورة". ولفت إلى أن "شركات ملاحية عالمية أخرى كانت ترغب أيضا باعتماد المرفأ لعمليات المسافنة، لكن إدارة المرفأ لم تتجاوب مع رغبتها لأن القدرة الاستيعابية الحالية للمرفأ غير قادرة على استيعاب المزيد من حركة المسافنة، وخوفا من تجدّد أزمة الازدحام".
وأعرب زخور عن تفاؤله بمستقبل قطاع النقل في لبنان، لكن بشرط المحافظة على الحد الأدنى من الاستقرار الأمني الذي ما يزال ينعم البلد به. وجدد دعوته إلى كل السياسيين والمسؤولين وأصحاب الربط والحل للإتفاق والإسراع بإيجاد الحلول الناجعة للأزمات التي نعاني منها، وذلك من أجل ترسيخ دعائم الأمن والاستقرار في البلد قبل خراب البصرة.