إعادة إعمار سورية رافعة اقتصادية للبنان
د. جواد: النفط يقضي على البطالة .. ولكن
يواجه لبنان الذي يقف على مشارف الانضمام إلى نادي الدول المنتجة للنفط تحديات مختلفة، يأتي في مقدمها تحضير العنصر البشري الوطني لصناعة النفط، اإذ إنه من الضروري تحديث آليات العمل لتدريب وتطوير مهارات الأفراد في لبنان في القطاعين العام والخاص، ولا سيما أن تأهيل الموارد البشرية وإعدادها لتكون على أتم الجهوزية عند بدء الإنتاج والتسويق أمر أساسي في للسيطرة على معدلات البطالة التي شهدت ارتفاعاً مضطرداً مع اشتداد وتيرة الأزمة الاقتصادية.
من دون شك، أمام لبنان فرصة ذهبية لمعالجة علله الاقتصادية المختلفة، لكن قطف هذه الفرصة يحتاج إلى بعض الصبر، وفقاً للخبير الاقتصادي في النفط والغاز وتنمية الموارد البشرية ومؤسس صناعة التدريب في العالم العربي د. فادي جواد " تعويل الجميع على الاكتشافات النفطية المقبلة للبدء بمعالجة الرقم الذي وصل إليه الدين العام والعمل على تخفيضه والخروج من الضائقة الاقتصادية والعمل على توظيف الشباب اللبناني قد لا يتحقق في المستقبل القريب حيث إن صناعة البترول في حوض شرق المتوسط تمر بأزمات تعاني منها قبرص وإسرائيل. فهما وإن سبقتا لبنان في مرحلة الحفر والإنتاج، لم تصلا بعد إلى مستوى إنتاجي يعتمد عليه في الناتج المحلي لأسباب إنتاجية اقتصادية وتسويقية، الأمر الذي يسلّط الضوء على وجوب الإسراع في استقدام العروض لفتح بقية البلوكات، حيث إن عامل الوقت مهم للبنان من جميع النواحي ."
تأهيل العنصر البشري
وفي حين أكد جواد "أنه إذا كانت لدى لبنان كميات واعدة في الحقول النفطية على المدى الطويل سوف يقضي على البطالة بشكل كبير خاصة أنه بلد صغير سكانياً ما يؤشر ألى أن قطاع النفط سيكون قادراً على استيعاب جميع الشباب اللبناني من مختلف مستوياتهم العلمية"، شدّد على ضرورة تأهيل الموارد البشرية لتكون جاهزة للعمل عند بدء الإنتاج والتسويق .
وأسف لكون "ثقافة وصناعة التدريب في لبنان لم تعرف التطور، فحتى الآن لا توجد شركات تدريب حقيقية وفعلية بل مكاتب شخصية لمدربين أكفاء يحاولون تغطية احتياجات السوق التي تملك ميزانية ضعيفة لهذه المسألة وتعاني من التردد في الاستثمار في العنصر البشري".
وقال" "لكي نكون قادرين على تطوير مهارات الأفراد يجب أن نوجد آليات عمل، وهذا الأمر يحتاج إلى مزيد من الإنفاق على التدريب وتنمية العنصر البشري .
وعلى الدولة والمجتمع الإيمان بالعنصر البشري، وبرأيي أنه لتحقيق هذه الغاية يجب فرض ضريبة على كل المؤسسات والشركات الكبرى بهدف خلق صندوق تحت اسم "صندوق الاستثمار البشري " أو " صندوق العقل اللبناني"، وتُستغل إيرادته بإقامة دورات تدريبية لجميع الشباب فور تخرجهم وخلال عملهم، إضافة إلى تأهيل قدامى الموظفين أيضاً لرفع كفاءاتهم وإنتاجيتهم" .
وفي إطار رده على سؤال حول كيفية الاعتماد على التقنيات الحديثة في تطوير المناهج لإقامة ورش عمل فعلية وحقيقية وصولا إلى عالم من التفاعل والتطور وتبادل الخبرات، أشار إلى أنه " في يوروتك توجد لدينا إدارة خاصة تحت مسمى "الإبداع والابتكار" وتتركز مهامها على تطوير تقنيات وحلول التدريب، وقد جرى هذا العام إطلاق Virtual Reality Training التدريب من خلال العالم الافتراضي وهي تقنية متطورة جدا سيتم شرح مميّزاتها عند إطلاقها في بيروت قريبا" .
قانون توطين للوظائف
ورأى جواد "أنه للإرتقاء في الأداء الوظيفي للشباب اللبناني ولتحقيق التنمية المرجوة ولتحفيز الاستثمار في الموارد البشرية، يجب أولاً وضع قانون لتوطين الوظائف في جميع قطاعات العمل ولبننتها ومن ثم انتزاع الشباب من مستنقع الإحباط من المستقبل الذي يعيشون فيه بسبب قلة فرص العمل وتأزم الوضع الاقتصادي وتوتر الجو السياسي. ليتم بعدها نشر التوعية حول ماهية وأهمية وضرورة التدرّج في سلم الحياة الوظيفية لأن إقلاع الشباب اللبناني عن العمل في بعض الوظائف رغم معدلات البطالة العالية يؤثر سلباً في رغبة أصحاب العمل أو المستثمرين لتعيين المورد البشري اللبناني وفي الاستثمار فيه وبالتالي إن هذا الأمر يعيق عملية التنمية، التي قد لا يشهدها لبنان في حال لم يجرِ تطوير أساليب عمل كل من وزارتي العمل والتنمية الإدارية عبر خطط استراتجية فعلية".
وشدّد على أن "يوروتك تعمل بشكل دائم على تقديم دعم استثماري للشركات الناشئة start-up company التي تطلق على يد الشباب اللبناني المتميز، وستخصص جائزة سنوية للأبداع والابتكار في العمل لهذه الفئة من الشباب، علماً أنها قدمت مساعدات إلى الشباب العامل في القطاع الخاص والحكومي عبر 342 منحة تدريبية في السنوات الماضية ."
وأعلن أن صندوق " جود وجوليا للأعمال الخيرية"يواصل عمله منذ سنوات عديدة في لبنان وأفريقيا وشرق آسيا وفلسطين، ليمد يده إلى المحتاجين انطلاقاً من فكرة آمن بها "أعطني عملا حتى أستمر في الإنتاج" حيث تنصب الجهود على تأمين مورد رزق ثابت للأسر المعوزة عبر تأمين معدات إنتاجية معينة تكون نواة لمشروع تجاري لها، إضافة إلى استمرار العمل الخيري مع جميع المؤسسات الخيرية ودور الأيتام" .
20 عاماً من الخبرة
وكشف جواد عن محادثات تجرى مع أطراف مختلفة لنقل خبرات يوروتك إلى لبنان، حيث تملك 20 عاما من الخبرة في تنمية وتطوير الموارد البشرية العربية في قطاع النفط والغاز، وسيتم تسخيرها للبدء بتأهيل الكوادر البشرية اللبنانية التي ستشكل العمود الفقري لصناعة الغاز في لبنان عبر مشروع أعلن عنه "معهد بيروت للتدريب البترولي" ومبني على أحدث ما توصلت إليه صناعة النفط في العالم .
ولفت إلى أن "أمام الحكومة المقبلة مهمات شاقة، إذ عليها مباشرة عملها في ظل أزمة اقتصادية صعبة تترافق مع تلاحق الأحداث الإقليمية".
واعتبر أنه يجب مؤازرة الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة لكي يتمكن من قيادة السفينة وإيصالها إلى بر الأمان حتى تتضح الرؤيا الإقليمية ويستقر الوضع الاقتصادي بحد أدنى من الخسائر، وبالتالي يجب ألا تثقل الحكومة بطلبات تبطئ من انطلاقتها بل يجب الاجتماع على هدف واحد هو المحافظة على تماسك اقتصادنا .
•ورأى أن المنطقة بأكملها تمر بـ"عسر هضم اقتصادي" حتى أهم الدول النفطية، ما يفرض علينا في الفترة المقبلة البدء بسياسة تقشف إذ إن المؤشرات تدعو إلى الحذر، علماً أن لبنان حافظ على تماسكه خلال أقسى الظروف.
سيولة مالية ضخمة
ولفت جواد إلى أن " مشروع إعادة إعمار سورية سيكون الرافعة الاقتصادية للبنان إذ سيدرّ سيولة مالية ضخمة ستشكل عاملاً في تحسين الوضع الاقتصادي ". وقال: "كلنا نذكر عندما جاء الانفتاح على سورية كيف كان لبنان من أوائل المستفيدين ولا سيما المصارف اللبنانية التي غزت الأسواق السورية والتعاملات التجارية التي زادت بين البلدين ودفعت إلى الاستعانة بالخبرات اللبنانية لتأهيل الموارد البشرية السورية حيث لم يبقَ اختصاصيون إلا وزاروا سورية للمشاركة في هذه الفورة ، فكيف إذاً ما كان المشروع الأكبر هو إعادة الإعمار ".
وكشف أنه "خلال شهر تشرين الثاني المقبل (12 – 15) سوف يقام مؤتمر ومعرض أسبوع الإعمار السوري "سيركون" في دمشق ، في مدينة المعارض، وسيضم ثمانية معارض أساسية منها مواد البناء - تقنيات الأبنية الخضراء - تقنيات الترميم وإعادة البناء للأبنية التاريخية - الطاقة - المعامل والآلات - التدفئة والتكييف والتبريد - البنية التحتية – النقل ، وسوف يجمع جميع أصحاب المصلحة ضمن بيئة الإعمار المتعدّدة الجوانب، من خلال المؤتمر المرافق للمعرض، وبالتالي فإن الفرصة موجودة أمام الشركات اللبنانية للدخول والمشاركة في مرحلة إعادة الإعمار" .