غرّد القطاع الصناعي عام 2018 خارج الدائرة السوداء التي عاشها الاقتصاد اللبناني، فالقطاع وعلى الرغم من استمرار معاناته شهد محطات أساسية وعلى قدر عالٍ من الأهمية التي قد تنقله خلال السنوات المقبلة إلى مكان آخر.
فمع نهاية 2018، يقف القطاع الصناعي اللبناني وفي يده ثلاث مكاسب أو نقاط إيجابية تتمثل بوصول كتلة نيابية صناعية إلى البرلمان من شأنها تشكيل قوة فاعلة تخدم مطالبه، إعادة فتح معبر نصيب الذي كبد القطاع خسائر كبيرة نتيجة التراجع الكبير الذي شهدته الصادرات الصناعية خلال سنوات إقفال المعبر، وخطوات حمائية جريئة صدرت عن مجلس الوزراء لحماية بعض المنتجات اللبنانية والتي من المفترض أن تشكل أول غيث لمشروع متكامل يحمي القطاع برمته.
إذاً، يستقبل القطاع الصناعي عام 2019 بذراعين مفتوحتين لمستقبل واعد وآمال كبيرة لاستثمار إيجابيات العام المنصرم لعلها تعوض القطاع عن الخسائر الكبيرة التي تكبّدها منذ سنوات.
كتلة نيابية صناعية
انضم خلال عام 2018 إلى مجلس النواب ثمانية صناعيين نتيجة الانتخابات. وهم نعمة افرام، شوقي الدكاش، ميشال ضاهر، نزيه نجم، هاغوب ترزيان، نقولا نحاس، روجيه عازار، وفؤاد مخزومي.
وراهن القطاع الصناعي على كتلته النيابية لتحمل مطالبه إلى ساحة النجمة من أجل النهوض مجددا بالقطاع الصناعي فوفقاً لرئيس جمعية الصناعيين اللبنانيين فادي الجميل ومع فوز 8 صناعيين في الانتخابات النيابية أضحى للقطاع قوة فاعلة جديدة تخدم مطالبه إلى جانب الدعم الذي يلقاه على يد كل من رئيس الجمهورية ورئيسي الحكومة ومجلس النواب ووزراء الصناعة والاقتصاد والعمل والمالية.
ويؤكد الجميل أن "هذا العدد من النواب الصناعيين داخل الندوة البرلمانية سيعطي دفعا كبيرا للقضية الصناعية التي هي قضية وطنية بامتياز، وخصوصا مع وجود القناعات الراسخة لدى فخامة رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الدين الحريري والوزراء بدعم القطاعات الإنتاجية ".
أما عن أبرز مطالب الصناعيين من النواب الصناعيين، فأكد الجميل استمرار التواصل مع هؤلاء النواب من أجل إعداد خطة عمل مشتركة معهم تخدم القطاع، وأبرز هذه المطالب هي:
• معالجة ملفات الإغراق وخصوصا أن نحو 22 ملفا قد أعدت في هذا السياق، ومن المتوقع أن تحال هذه الملفات إلى المجلس النيابي لإقرارها.
• إعطاء حق التشريع للمجلس الأعلى للجمارك
• تحفيز التصدير عبر معالجة أكلاف النقل ومعالجة أكلاف الطاقة المكثفة.
أزمة معبر نصيب تنجلي
وحمل العام الراحل بشرى سارة إلى الصناعيين تمثّلت بإعادة فتح معبر نصيب الذي يعتبر شرياناً حيوياً للبنان خصوصاً لتصدير منتجاته براً إلى الدول العربية ولا سيما الخليجية.
وكان الإغلاق القسري للمعبر والذي امتد إلى نحو ثلاث سنوات قد أضر كثيرا بالقطاع الصناعي، خصوصاً لجهة التراجعات الدراماتيكية التي سجلتها الصادرات الصناعية.
وأمل الصناعيون ان يعيد فتح معبر نصيب الأمور إلى نصابها في ما يخص انسياب السلع الصناعية والزراعية وتطوير حركة التبادل التجاري مع الدول العربية، ما ينعكس إيجاباً على تحريك عجلة النمو الصناعي والاقتصادي.
وتشير الأرقام إلى أن مجموع ما يمكن للبنانَ أن يصدره عبر معبر نصيب الحدودي يصل إلى نحو 800 مليون دولار، أي ما يوازي 30% من مجمل الصادرات اللبنانية، حيث تنبع أهمية المعبر من كونه يشكّل ممرّاً لأكثر من 550 ألف طن من المنتجات الزراعية اللبنانية تصل قيمتها إلى 300 مليون دولار، ولمنتجات صناعية تقدر قيمتها بأكثر من 500 مليون دولار.
كما يتطلب التصدير عبر المعبر بين خمسة أيام وسبعة أيام لوصول البضائع إلى مقصدها، وهي أقل مدّة متاحة للمنتجين اللبنانيين للوصول إلى الأسواق الخليجية التي شكّلت على مر السنوات أسواقاً رئيسية لاستقطاب الصادرات.
وتترواح اليوم مجمل الصادرات اللبنانية ما بين 375 -380 ألف طن سنويا، في حين كان لبنان يصدر نحو 550 ألف طن سنويا قبل إقفال المعبر، ما يعني أن المصدرين قد خسروا حوالى 170 ألف طن سنويا للتصدير من جراء إقفال المعبر، في حين تقدر كلفة الخسائر ككل بحوالى الـ100 مليون دولار.
خطوات حكومية جريئة
وشهد القطاع الصناعي عام 2018 خطوات جريئة لمجلس الوزراء الذي وافق في شهر أيار على حماية القطاعات الإنتاجية اللبنانية، وذلك بناء لكتاب من وزير الاقتصاد، رائد خوري، حول المشاكل والصعوبات التي تواجهها قطاعات صناعية من منافسة غير عادلة من المنتجات المستوردة من بلدان عدة أبرزها تركيا. وبما أن لبنان لا يرتبط مع تركيا باتفاقيات تجارية تحظر اتخاذ أي إجراءات منع أو قيود على الاستيراد، تقرر منع الاستيراد من تركيا لكل من منتوجات البسكويت والويفر، مواد التنظيف، والبرغل، وكذلك الطلب إلى الجمارك التشدد في مراقبة أصناف معينة، لناحية التهرب من الرسوم الجمركية أو تلك التي تنزلق على بنود أخرى معفاة، مثل كرتون صواني البيض ورق التخديد وورق نصف كيماوي التخديد، وورق التست لاينر، كما منع إدخال واستيراد الألبسة المستعملة لأسباب صحية وبيئىة. وتعليقا على الإجراء وصف رئيس جمعية الصناعيين اللبنانيين، فادي الجميل، القرار بالخطوة الجريئة لأن الصناعة كما قال يمكنها أن تفعّل بقية القطاعات وتؤمن فرص العمل.
ووضع الجميل هذه الخطوة في إطار بداية مشروع حماية الصناعة اللبنانية. وشدّد على أن كل منتج لبناني، تتم حمايته يساهم في توفير عشرات فرص العمل، من عمال مصانع ومهندسين وإداريين ومحامين ومحاسبين وعمال نقل ومحطات وقود وتأمين ومصارف وغيرها.
كما أحالت وزارة الصناعة، على الأمانة العامة لرئاسة مجلس الوزراء، اقتراحها بـ"إنشاء هيئة استشارية للحوار الوطني بين القطاعين العام والخاص"، مهمتها تحسين بيئة الأعمال للمؤسسات الصناعية الصغيرة والمتوسطة وزيادة إنتاجيتها وصادراتها، ورفع مستوى منتجاتها وتسويقها من خلال مفهوم التخصصية والتصنيع التكاملي داخل لبنان وفي المنطقة الأورو – متوسطيّة"، على أن يصدر رئيس مجلس الوزراء قراراً تشكيل الهيئة. وللإشارة، ستتشكّل لجنة توجيهيّة ضمن الهيئة، أبرز مهماتها رسم سياسات الحوار وتوجّهاته بين القطاعين العام والخاص، متابعة متطلبات الحوار وإصدار التوصيات اللازمة، بناء علاقات تبادل معلومات وعلاقات تجارية مع الهيئات الصناعية في البلدان الأجنبية لتطوير الأسواق وعلاقات الإنتاج المشترك.