النشاط المصرفي في عام 2017 .. الودائع ترتفع 3.9% والتسليفات 5.5%
المصارف تتحدّى عدم الاستقرار والضغوطات .. وتنمو
لم تفلح سلسلة التحديات السياسية والأمنية على الصعيد المحلي، والضغوطات الإقليمية المتواصلة منذ العام 2011 بفعل ارتدادات أزمات المنطقة في تقليص دور القطاع المصرفي على الصعيد الإقتصادي، إذ حافظ القطاع المصرفي اللبناني خلال العام 2017 على نسب نمو معقولة بالرغم من الأوضاع السياسية والأمنية غير المستقرة داخلياً وإقليمياً، إضافة إلى الضغوطات الخارجية عليه.
واستمر ارتفاع الأموال الخاصة للمصارف التجارية العاملة لتواكب نمو الموجودات، نظراً لأهمية هذه الرساميل لحماية القطاع من المخاطر المختلفة التي يتعرض لها القطاع وواصلت التسليفات للقطاع الخاص المقيم وغير المقيم رغم بطء الحركة الاقتصادية في البلاد وحال عدم الاستقرار في المنطقة.
وانخفضت نسبة التسليفات بالعملات الأجنبية قياساً إلى الودائع بهذه العملات مقابل ارتفاع التسليفات بالليرة اللبنانية. وبقي القطاع المصرفي محوراً رئيسياً للقطاع العام رغم تراجع هذه التسليفات في العام2017. كما أرتفعت ودائع المصارف التجارية لدى المصارف المرسلة بنسبة 5,4% من إجمالي الموجودات ، كما ارتفعت ودائع المصارف لدى مصرف لبنان.
ووفقاً لتقرير جمعية المصارف عن النشاط المصرفي، في نهاية العام 2017، وصل إجمالي موجودات المصارف التجارية العاملة في لبنان إلى ما يوازي 331433 مليار ليرة (ما يعادل 219,9 مليار دولار ) مقابل 307999 مليار ليرة (ما يعادل 204,3 مليارات دولار) في نهاية العام 2016. وعليه تكون هذه الموجودات قد ازدادت بنسبة جيدة قدرها 7,6%في العام 2017 وبقيمة توازي 15,6 مليار دولار مقابل زيادة أعلى نسبتها 9,9%وقيمة تعادل 18,3 مليار دولار في العام الذي سبق.
جاء هذا التباطؤ في ضوء التطورات السياسية الحاصلة في تشرين الثاني2017، والتي تمثلت باستقالة رئيس الحكومة لفترة زمنية وجيزة قبل العودة عنها وإختلاف طبيعة وحجم عمليات الهندسة المالية المنفذة بين العامين 2016 و2017.
وتظهر مقارنة الحصص بين نهاية العامين 2016 و2017 بنوع خاص إرتفاع نسبة حصة ودائع القطاع الخاص المقيم من 62,9% في نهاية العام 2016 إلى 60,7% في نهاية العام 2017 وحصة القطاع الخاص غير المقيم من 16,6% إلى 16,0% مقابل إرتفاع نسبة المطبوعات الأخرى من 6,5% إلى 9,2% تباعاً ، علماً أن هذه المطلوبات بدأت تزداد منذ آيار 2016 بوجه خاص نتيجة العمليات المالية التي نفذها مصرف لبنان مع المصارف في العام المذكور، واستمر أرتفاعها في العام 2017، وتحديداً في الربع الأخير منه أيضاً للسبب ذاته .
الودائع
وذكر التقرير أنه في نهاية العام 2017 وصلت قاعدة الودائع، والتي تشمل ودائع القطاع الخاص المقيم وغير المقيم وودائع بعض مؤسسات القطاع العام، إلى 260745 مليار ليرة (ما يعادل 166,4 مليار دولار) في نهاية العام 2016 وبذلك تكون هذه الودائع قد ازدادت بنسبة معتدلة بلغت 3,9% وبقيمة توازي 6,6 مليارات دولار في العام 2017 مقابل زيادة أعلى بلغت نسبتها 7,4% وعادلت قيمتها 11,4% مليار دولار في العام 2016، ويعزى هذا التباطؤ من جهة إلى الأزمة السياسية التي نشأت في تشرين الثاتي 2017 والتي نتج منها خروج ولو محدود للودائع ومن جهة أخرى إلى اختلاف طبيعة العمليات المالية التي نفذها مصرف لبنان في العامين 2016 و2017 كما أشرنا أعلاه.
وفي نهاية كانون الأول 2017، بلغت حصة ودائع القطاع الخاص المقيم 77,2% من إجمالي الودائع وحصة القطاع الخاص غير المقيم 20,3% وتلك العائدة للقطاع العام 2,5% وتجدر الإشارة إلى أن الودائع تتضمن شهادات الإيداع التي تصدرها المصارف.
تتميز الودائع المصرفية بكون غالبيتها حسابات ادخار(أكثر من 80% ) ويقارب معدل آجال الودائع بالليرة حالياً أربعة أشهر، استناداً إلى السلطات النقدية . ونتج نمو مجموع الودائع في العام 2017 بوجه خاص وبنسبة 76و3%من ودائع المقيمين، شأنها تقريباً في العام 2016 (76,6%).
وفي تفاصيل توزع نمو الودائع بحسب العملة، يتضح أن الودائع المحررة بالليرة تراجعت بنسبة 4,1% في العام 2017 مقابل ارتفاعها بنسبة 5,1%في العام الذي سبق فيما ازدادت الودائع بالعملات الأجنبية بنسبة 8,4% مقابل ارتفاعها بنسبة 8,8% في الفترتين على التوالي، ما يشير إلى حصول عمليات تحويل من الليرة إلى الدولار في عام 2017 وقد تركزت بشكل خاص في تشرين الثاني، بقدر أقل في الأشهر الأولى من السنة المذكورة . بناء عليه ارتفعت نسبة الدولرة لودائع القطاع الخاص من 65,8% في نهاية العام 2016 إلى 68,7% في نهاية العام 2017 وهو المعدل الأعلى منذ عشر سنوات.
من جهة أخرى، تتركز الودائع المصرفية في مدينة بيروت وضواحيها إذ استقطبت هذه المنطقة حوالى 68,7% من الودائع الإجمالية في نهاية أيلول 2017 موزعة على 47,7% من العدد الإجمالي للمودعين، في حين تعود نسبة 31,3% من الودائع إلى المناطق الأخرى وتتوزع على 52,3% من مجموع المودعين، ما يدل على اختلاف مستوى الوديعة بين بيروت وضواحيها والمناطق الأخرى.
الأموال الخاصة
وتواصل الأموال الخاصة للمصارف التجارية العاملة في لبنان ارتفاعها لتواكب نمو الموجودات إذ وصلت إلى 28831 مليار ليرة ( ما يعادل 19,1 مليار دولار) في نهاية العام 2017 مقابل 27497 مليار ليرة (ما يقابل 18,2 مليار دولار) في نهاية العام 2016، لتسجل بذلك زيادة نسبتها 4,9% مقابل زيادة أعلى نسبتها 9,4% في العام 2016، وفي نهاية كانون الأول 2017 شكّلت الأموال الخاصة 8,7% من إجمالي الميزانية (8,9% في نهاية العام 2016 ) و31,7% من إجمالي التسليفات للقطاع الخاص (31,9% في نهاية العام 2016)، وتعتبر هذه المعدلات جيدة بالمقارنة مع مثيلاتها في عدد كبير من الدول الأوربية المتقدمة.
فإضافة إلى قاعدة الودائع التي تؤمن الاحتياجات التمويلية للقطاعين العام والخاص، يتمتع القطاع المصرفي بالقدرة على استقطاب المزيد من الموارد المالية نظراً إلى الثقة التي يحظى بها لدى المستثمرين في لبنان والمنطقة على الرغم من الأحوال الاقتصادية السائدة والأوضاع الإقليمية الصعبة التي تلقي بثقلها على لبنان.
وفي نهاية أيلول 2017 بلغ معدل الملاءة في القطاع 15,77% حسب بازل استناداً إلى مصرف لبنان.
وتجدر الإشارة إلى إن للرساميل أهمية في الحماية من المخاطر المختلفة التي يتعرض لها المصرف وفي زيادة الثقة باستمراريته، كما في حماية الزبائن والموظفين و المساهمين والاقتصاد بوجه عام. وتمنح الرساميل المزيد من القوة والمرونة في تنفيذ التوسع الداخلي والخارجي على صعيد الانتشار والأعمال لذلك عمدت المصارف إلى توسيع قاعدة رساميلها التي تكونت من الرساميل الجديدة التي جذبتها من المستثمرين في لبنان والخارج.
توظيفات القطاع المصرفي
تابعت حصة المصارف لدى مصرف لبنان ارتفاعها لتصل إلى 47,0% من إجمالي التوظيفات في نهاية عام 2017 مقابل 43% في نهاية العام 2016، في المقابل استمرت حصة التسليفات للقطاع العام في التراجع لتصل إلى 14,5% في نهاية العام 2017 مقابل 17,0% في نهاية العام 2016 وكذلك حصة الموجودات الخارجية التي بلغت 10,7% مقابل 11,3% كما تراجعت قليلاً حصة التسليفات الممنوحة للقطاع الخاص المقيم إلى 24,6% مقابل 25,0% وذلك في التاريخين المذكورين على التوالي.
وصلت التسليفات الممنوحة للقطاع الخاص المقيم وغير المقيم إلى ما يوازي 90930 مليار ليرة في نهاية كانون الأول 2017 مقابل ما يقارب 86198 مليار ليرة في نهاية العام 2016 لتسجّل بالتالي نمواً نسبته5,5 % وهو مماثل لمعدل نموها المحقق في عام 2016، علماً أن هذا المعدل هو الأدنى مما كان عليه في السنوات التي سبقت ،عاكساً مستوى النمو الأقتصادي الضعيف في لبنان، مع ذلك يبقى جيداً ومقبولاً في ظل بطء الحركة الأقتصادية في البلاد وحال عدم الاستقرار في المنطقة . وقد شكّلت التسليفات في القطاع الخاص غير المقيم والتي تتعلق قي جزء كبير منها بتمويل مشاريع لرجال أعمال لبنانيين في الخارج، ولا سيما الدول العربية والأفريقية، 10,2% من إجمالي تسليفات القطاع الخاص في نهاية العام 2017 مقابل 10,7% في نهاية العام 2016 .
وهكذا استمرت المصارف في العام المنصرم بتمويل القطاع الخاص المقيم وغير المقيم، أفراداً ومؤسسسات بكلفة مقبولة تتراوح بين 7_8% في المتوسط بالليرة وبالعملات الأجنبية ولآجال تتلائم مع طبيعة الأنشطة المطلوب تمويلها وقد قاربت التسليفات للقطاع الخاص المقيم ما يوازي 103% من الناتج الإجمالي في نهاية العام 2017 وتعتبر هذه النسبة مرتفعة مقارنة مع مثيلتها في العديد من الدول الناشئة.
من ناحية أخرى أنخفضت نسبة التسليفات بالعملات الأجنبية قياساً إلى الودائع بهذه العملات لتصل إلى 36,9% في نهاية كانون الأول 2017 مقابل 38,8 % في نهاية كانون الأول 2016، في ما استمرت نسبة التسليفات بالليرة في الأرتفاع لتصل إلى حوالى 33,2% في نهاية 2017 مقابل 28,2%في عام 2016 وجاء ذلك نتيجة أرتفاع الودائع بالعملات الأجنبية في حين تراجعت الودائع بالليرة بفعل التحولات التي حصلت في تشرين الثاني 2017، وتبقى نسبة التسليفات إلى الودائع منخفضة في لبنان، في إشارة إلى معدلات السيولة المرتفعة التي يتمتع بها القطاع المصرفي اللبناتي وإلى حجم الادخار الوطني(مقيم وغير مقيم ) المرتفع بالنسبة إلى القدرة الأستيعابية للإقتصاد الوطني.
وتراجعت تسليفات المصارف الممنوحة للقطاع العام إلى ما يوازي 48163 مليار ليرة في نهاية 2017 مقابل 52344 مليار ليرة في نهاية 2016، اي بنسبة 8% وهي شبيهة بنسبة تراجعها في العام 2016.
وانخفضت محفظة المصارف التجارية من سندات الخزينة بالليرة اللبنانية من 28936 مليار ليرة في نهاية العام 2016 الى 26556 ملياراً في نهاية العام 2017، ما يشير إلى أن الإكتتابات الجديدة كانت دون الاستحقاقات. وفي ما يخص محفظة المصارف التجارية بسندات اليوروبندز، فقد انخفضت بدورها من 15383 مليون دولار في نهاية 2016 إلى 14178 مليوناً في نهاية العام 2017.
نتيجة لذلك، استقرّت في نهاية العام 2017 حصة التسليفات المصرفية للقطاع العام بالليرة على 55.6% من إجمالي التسليفات للقطاع العام وحصة التسليفات بالعملات الأجنبية على 44.4%، شأنهما في نهاية العام 2016.